قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه لطالما انصب الغضب جراء قتل المدنيين في اليمن على الهجمات الجوية التي تشنها طائرات التحالف بقيادة السعودية، لكن في البحر أيضاً يشتبه في تورط قوات التحالف في الهجوم على العديد من قوارب الصيد وقتل عشرات الصيادين.
وأضافت الصحيفة في تقرير بعنوان "في حرب السعودية باليمن.. لا ملجأ في البر أو البحر" أن رحى حرب اليمن تدور في البحر أيضاً، لكن مع وجود قدر أقل من المساءلة.
وأشارت إلى أن الزوارق البحرية السعودية والإماراتية تسيطر على مياه البحر الأحمر حيث وقعت عمليات القصف وإطلاق النيران، فضلاً عن أن خمساً من هذه الهجمات استخدمت فيها مروحيات لا يملكها الحوثيون.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه في إحدى المرات دفع مسؤولون سعوديون ما يقرب من خمسمائة ألف دولار نقداً لأُسر الصيادين الذين لقوا مصرعهم في إحدى الهجمات.
وقال كاتب التقرير ديكلان والش إن النقد اللاذع لدور السعودية في الصراعات الطاحنة باليمن كان يركز دائماً على الحرب الجوية، فالطائرات المقاتلة التي تقودها قوات التحالف والمحملة بالأسلحة والقنابل الأمريكية قصفت تجمعات أعراس وجنازات وحافلة مدرسية، قتل على إثرها آلاف المدنيين.
ومع اختلاط الغضب إزاء مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول على يد عملاء سعوديين بالغضب من حرب اليمن، اجتاحت موجة من السخط واشنطن وسط اتهامات للجيش الأمريكي بالتواطؤ في جرائم الحرب.
الأسبوع الماضي، صوت مجلس الشيوخ لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية فيما اعتُبر توبيخاً رمزياً وقاسياً أيضاً للرئيس دونالد ترامب الذي يقف إلى جانب الرياض.
وتابع التقرير " لكن حرب اليمن تدور رحاها في البحر أيضاً، لكن مع وجود قدر أقل من المساءلة. ففي البحر أيضاً يلقى المدنيون حتفهم بأعداد كبيرة.
ولم يكن "آفاق" سوى واحد من ستة قوارب صيد يمنية على الأقل قصفتها سفن حربية ومروحيات وطائرة مقاتلة بعد مغادرة ميناء الخوخة الخاضع لسيطرة قوات التحالف جنوب البحر الأحمر على مدار فترة امتدت لأكثر من ستة أسابيع في أغسطس وسبتمبر.
وأشار مراسل الصحيفة إلى لقاءات أجراها مع ناجين أدلوا فيها بشهادات مروعة لتلك المحنة التي عاشوها كتلك المروحية الهجومية التي دارت فوق رؤوسهم ست مرات قبل أن تمطرهم بوابل من الرصاص، وصيادون قفزوا من القوارب المشتعلة ليجدوا أنفسهم وسط مياه مستعرة، وناجون ظلوا في المياه أياما متواصلة يشاهدون في يأس أصدقاءهم وأشقاءهم يلقون حتفهم تحت الأمواج.
ومن بين الصيادين البالغ عددهم 86 صيادًا على متن القوارب الستة لقى 50 مصرعهم.
وألمح التقرير إلى أنه من الصعوبة بمكان تحديد المتورطين بالهجمات البحرية لا سيما في حرب تشوبها الفوضى والغموض كما هو الحال بحرب اليمن. فطرفي الصراع (قوات التحالف بقيادة السعودية والحوثيون المدعومون من إيران) نفذا هجمات في عرض البحر.
تحقيقات زائفة
ووفقاً للصحيفة الأمريكية فقد تحدث خبراء بالشؤون البحرية ومسؤولاً سابقاً بالأسطول الأمريكي ومحققين تابعين للأمم المتحدة وكثير من المسؤولين اليمنيين، عن اشتباههم في أن قوات التحالف مسؤولة عن بعض الهجمات على الصيادين، إن لم يكن جميعها.
وتعد منطقة جنوب البحر الأحمر واحدة من أكثر الممرات المائية ازدحاما وأهمية تجارية وخطورة بالعالم. وهي أيضا منطقة حرب، حيث لقي عشرات المدنيين مصرعهم قبالة ساحل اليمن منذ بدء الحرب بقيادة السعودية عام 2015، والكثيرون من هؤلاء المدنيين كانوا مجرد صيادين اشتبهت قوات التحالف في أنهم مهرِّبون أو مراقبون تابعون للحوثيين.
وقد ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر أن أربعين صياداً على الأقل قتلوا أو تعرضوا للاختفاء ضمن 11 ضربة جوية ضد قوارب للمدنيين بين نوفمبر 2015 ومايو 2018.
وفيما يتعلق بالتحقيقات، ذكرت نيويورك تايمز أنه عادة ما تحيل قوات التحالف الادعاءات الخاصة بوقوع ضحايا من المدنيين إلى الفريق المشترك لتقييم الحوادث -الذي تشكل بمساعدة الخارجية الأمريكية عام 2016- غير أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن تحقيقات الفريق زائفة، وإنه قلما يجد أي خطأ فيما تقوم به قوات التحالف.
ويدور في اليمن منذ قرابة أربع سنوات، صراع دموي على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وينفذ التحالف، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس هادي لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وأغلب المناطق شمالي البلاد منذ سبتمبر 2014.
وتسبب الصراع في اليمن بمقتل نحو 11 ألف مدني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار الآلاف خارجها.
ووفقاً لتأكيدات الأمم المتحدة، بات اليمن يعاني "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، فضلاً عن أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، أصبحوا بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.