Click here to read the story in English
كشف باحثون في موقع "بيلينغكات" للصحافة الاستقصائية أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها ربما قد استخدموا غارات جوية "مزدوجة" في اليمن.
أفادت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية أن هذا التكتيك يتمثل بإطلاق صواريخ، ثمّ إطلاق أخرى عندما يهرع عمّال الإغاثة لإنقاذ المصابين، ما يرفع بشكل كبير عدد القتلى المدنيين، ويعرّض المنقذين للخطر.
وقد كشف الباحثون بأنه تم العثور على أدلة تشير إلى أن الأهداف المدنية في اليمن تعرضت لضربات جوية مزدوجة. وفحص الباحثون الصور ومقاطع الفيديو مفتوحة المصدر للهجمات التي نفذها التحالف الذي تقوده السعودية.
وأشارت "ذي اندبندنت" إلى أنّ التقرير الذي اطلعت عليه، وسيُنشر الإثنين، يأتي في وقت تستعدّ فيه الحكومة البريطانية لاستئناف حكم محكمة الاستئناف الذي أجبرها على تجميد مبيعات الأسلحة للسعودية، بينما تعيد النظر في إمكانية أنه تم استخدامها في عمل انتهك القانون الدولي الإنساني.
يقول الباحثون الذين يقفون وراء هذا التقرير إن عمليات القصف التي يحتمل أنها تنتهك القانون الإنساني لم تتوقف، مما يشير إلى "خطر واضح من أن الأسلحة التي تبيعها المملكة المتحدة قد تستخدم في أعمال تشكل خروقات.
كما وجد الباحثون، بعد فحص صور الأقمار الصناعية لآثار الغارات الجوية، ستّ حالات على الأقل تعرّضت فيها مناطق مدنية لضربات مزدوجة، وشملت هذه الأهداف قاعة عزاء وسوقَين، ومطعماً، ومسجداً، ومنطقة سكنيّة.
وقد أدت تلك الهجمات إلى مقتل وجرح عدد أكبر بكثير من المدنيين، الأمر الذي لا يتناسب مع قصف هدف يحتمل بأنه عسكري. في بعض حالات القصف، كان واضحاً أن الأذى الكبير الذي سيلحق بالمدنيين متوقعاً جداً، مما يشير إلى أن أعضاء التحالف قاموا عمداً بهجمات عشوائية أو غير متناسبة ".
وإحدى تلك الحالات، وقعت في صباح يوم 6 يوليو 2015، قتل حوالي 40 شخصاً في غارتين جويتين ضربتا سوقاً في منطقة لحج الجنوبية.
باستخدام صور الأقمار الصناعية ، حدد باحثو "بيلينغكات" الهدف وكان "سوق صاخب للمواشي"
وقد تبيّن بعد دراسة الصور ومقاطع الفيديو، وجود حفرتين كبيرتين في موقع الحادثة، وخلص التقرير إلى أنّ الأدلة تشير إلى ضربة مزدوجة.
تم استخدام نفس العملية لتحديد نوعية القصف في خمس حوادث أخرى على الأقل، بما في ذلك الهجوم على قاعة العزاء في العاصمة صنعاء في أكتوبر 2016 ، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 150 مدنياً.
تظهر صور الأقمار الصناعية للمبنى أن القصف أدى إلى إحداث فجوتين في الأرضية التي سقطت عليها الصواريخ. نفى التحالف في البداية مسؤوليته عن الهجوم، قبل إلقاء اللوم على فشل المخابرات.
تقول روان شايف، التي ترأس الفريق اليمني في "بيلينغكات" لـصحيفة "ذي اندبندنت"، إنّه "عندما يضرب التحالف السوق مرتين، فهذا يظهر نقصاً في إرادة التقليل من الخسائر المدنية أو الأضرار المباشرة. فمن الواضح لديهم أن المدنيين سيهرعون إلى مكان الحادث بعد الضربة الأولى، وأنه سيتم قصفهم".
وأضافت :"حتى لو كان هناك هدف عسكري في هذه المواقع، فإن الأدلة تشير إلى أنهم كانوا يستهدفون الأفراد، وليس مستودعات الأسلحة بسبب عدم وجود انفجارات ثانوية".
وتابعت: "القصف ثانية للتأكد من موت الأفراد والتسبب في أضرار جانبية هو عمل وحشي"
يزعم تقرير "بيلينغكات" أيضا أن التحقيقات التي أجراها التحالف في الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني "تبدو رمزية في طبيعتها ولم تصدر إلا رداً على الغضب الدولي الساحق"
يتطابق هذا التقييم مع نتائج تقرير مشابه أعده فريق من المحامين الدوليين ومجموعة يمنية لحقوق الإنسان صدر في وقت سابق من هذا الشهر.
حيث خلص التقرير المؤلف من 300 صفحة إلى أن هناك مجموعة من انتهاكات القانون الدولي من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وأن الرياض تتستر على أدلة جرائم الحرب في التحقيقات اللاحقة في الغارات الجوية القاتلة.
ويعيش اليمن منذ مايقرب من أربع سنوات ونصف، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ سبتمبر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 ملايين شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.
وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين شخص داخل البلاد وفرار عشرات الآلاف خارجها.