اليمن.. عربة السلام تسير بإطار مثقوب

ديبريفر
2022-10-06 | منذ 1 سنة

أرشيف

تقرير (ديبريفر) - انتهت الهدنة في اليمن مساء الأحد الماضي بعدما تعثرت جهود التوصل لاتفاق جديد بشأن التمديد لفترة اضافية ثالثة، ما أثار مخاوف كبيرة من استئناف الحرب مجدداً والدخول في تصعيد مفتوح على كل الاحتمالات.

ورفض الحوثيون خطة طرحها مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانز غروندبرغ تتضمن نقاط جديدة لتمديد وتوسيع الهدنة التي انطلقت على أساس أن تستمر لمدة 60 يوماً قبل أن يتم تجديدها على مرحلتين امتدت كلاً منهما لشهرين.

إذ وضعت الجماعة الحوثية المدعومة ايرانيا عدداً من الشروط تشمل إلزام الحكومة اليمنية بدفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين المنقطعة منذ عام 2016 بما في ذلك مقاتلي الجماعة وتقديم ضمانات أممية بعدم توقف تلك المرتبات حتى في حال استئناف الحرب، وهي شروط رفضها المجتمع الدولي ووصفها بـ"المستحيلة".

وتعيش اليمن منذ 2014 تحت وطأة حرب مدمرة بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة المعترف بها دولياً مسنودة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والتي تسببت بمقتل مئات الآلاف من الأشخاص ودفعت البلد الى أسوأ ازمة انسانية، فيما بات ملايين اليمنيين على حافة المجاعة.

لكن الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من ابريل الماضي، نجحت بالفعل في خفض مستوى العنف وتراجع أعداد الضحايا، وسمحت بإتخاذ بعض التدابير التي ساهمت في تخفيف الأزمة الانسانية.

وفيما كانت البلاد تسير باتجاه الدخول في تمديد ثالث للهدنة التي تحظى بتأييد اقليمي ودولي واسع، جاءت المفاجأة صادمة بإعلان مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانز غروندبرغ تعثر جهود التمديد اثر رفض الحوثيين لخطتي التمديد الأصلية والمحدثة .

وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال أن مطالب الحوثيين “غير واقعية في هذه المرحلة المبكرة”، معتبرة أنهم يطالبون بما يعد “تنازلات سيكون من الصعب للغاية تقديمها في غياب أي محادثات سلام منظمة”.

وقالت كيندال في تصريحات لـ"فرانس برس"، إن “الانطباع الموجود في الوقت الراهن هو أن الحوثيين غير مهتمين حقا في التوصل الى تحويل الهدنة الى سلام دائم وشامل ينهي المأساة الانسانية الكارثية في اليمن”.

ويرجع عدد من المراقبين السياسيين أسباب تعثر جهود السلام في اليمن الى الاختلال الكبير والواضح في معادلة توازن القوى العسكرية والتي تشكل الحكومة المعترف بها دوليا الحلقة الأضعف فيها.

ووفقاً لمراقبين، فان جماعة الحوثي التي تعتقد بأنها الطرف الأقوى والمسيطر على الأرض حالياً لاتبدو مستعدة للتنازل عن أياً من المكاسب التي حققتها خلال السنوات الماضية سواء كان ذلك عسكرياً عبر سيطرتها على شمال البلاد بشكل شبه كامل، أو سياسيا من خلال الاتفاقات التي توسطت بها الأمم المتحدة وحققت للجماعة مكاسب مهمة على حساب الشرعية كاتفاقية ستوكهولم والهدنة المنتهية مؤخراً.

ويؤكد الناشط السياسي اليمني لبيب الذبحاني، أن استمرار هذه المعادلة المختلة بهذه الطريقة لن يكون في مصلحة خطط السلام التي ينشدها المجتمع الدولي.

وأضاف في حديث لوكالة "ديبريفر" أن جماعة الحوثي كانت منذ البداية تنظر الى هذه الهدنة باعتبارها مجرد فرصة لترتيب الصفوف والحصول على أسلحة جديدة من إيران، لاسيما بعد حالة الاستنزاف الشديد الذي تعرضت له العام الماضي ومطلع العام الحالي في جبهات القتال مأرب وشبوة وتعز.

مستطرداً : أن " فترة الستة الأشهر الماضية من عمر الهدنة سمحت للحوثيين بإلتقاط أنفاسهم وإعادة نشر مقاتليهم في الجبهات ورفدها بالأسلحة بأريحية أكبر بعيداً عن استهداف طائرات التحالف".

وأوضح الذبحاني، أن الرسائل التي بعثتها جماعة الحوثي خلال فترة الهدنة من خلال استعراضات القوة التي نظمتها في عدة مناطق وتصريحات قادتها، كانت كفيلة بفهم نوايا الجماعة التي تمضي باتجاه أخر لا علاقة له بمساعي السلام التي تتحدث عنها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

وقال: جميع تلك الرسائل أراد الحوثيون من ورائها القول أن الحرب لا يجب أن تنتهي عند هذه النقطة، وأن بمقدورهم الحصول على مكاسب إضافية عسكريا أو عبر تنازلات جديدة من خصومهم في الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية.

ولايستبعد الناشط السياسي اليمني أن تشهد جبهات القتال المختلفة عودة التصعيد العسكري بصورة أكثر ضراوة خلال الأسابيع المقبلة وخاصة حول مدينة مأرب، بالرغم من استمرار مساعي الأمم المتحدة بالضغط على الحوثيين عبر داعميهم في طهران للقبول بهدنة جديدة.

وشهدت جبهات القتال خلال الأيام الثلاثة التي أعقبت انتهاء سريان الهدنة مناوشات عسكرية محدودة في مأرب وتعز والحديدة والضالع، وهو ما أعتبره المبعوث الأممي مؤشر ايجابي لمواصلة جهوده الدبلوماسية في إقناع الأطراف المتصارعة بخطته التي يتوقع أن يطرأ عليها بعض التعديلات والتي ستتضمن على الأرجح تنازلات أخرى من الحكومة المعترف بها مدفوعة بضغوط دولية عليها لصالح الحوثيين.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet