رئيس حكومة "الشرعية" اليمنية يتهم الحوثيين بانهيار النظام الاقتصادي والمالي للدولة

القاهرة (ديبريفر)
2018-09-22 | منذ 5 سنة

بن دغر خلال ورشة العمل (اليوم)

اتهم رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أحمد عبيد بن دغر، اليوم  السبت، جماعة الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، بأنهم السبب الرئيس في انهيار كيان الدولة ومقومات وموارد البلاد والنظام الاقتصادي والمالي في البلاد وبالنتيجة انهيار سعر الصرف.

وقال بن دغر إن الحوثيين دفعت بنحو مائتي مليار ريال يمني دفعة واحدة للسوق ليستبدلوها بالطبعة الجديدة، وليتخلصوا ويستبدلوها بعملات أجنبية، بعد علمهم بأن الحكومة بصدد إصدار قرار يلغي بعض الطبعات القديمة.

جاء ذلك في كلمة بن دغر، خلال افتتاح ورشة عمل في العاصمة المصرية القاهرة، لمناقشة وشرح الإجراءات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء اليمني بشأن حصر استيراد المشتقات النفطية عن طريق الاعتمادات أو الحوالات أو التحصيلات المستندية، وتأهيل الموردين للعمل في هذا القطاع.

وأضاف بن دغر: "إن قيادات الميليشيا الحوثية بعد أن نهبت احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وما يقرب من اثنين تريليون ريال يمني من العملة المحلية، واكتنازها في مخازنهم، ضخوها مجدداً في السوق ليوجهوا طعنة قوية لخاصرة الريال اليمني، زادوا من ضعفه".

وأكد أن الحوثيين "جبوا 846 مليار ريال يمني من موارد مختلفة في العام الماضي، وهم في سبيل الحصول على الدولار الأمريكي يضخون المزيد من الريالات اليمنية التي جنوها من الضرائب والجمارك والإتاوات، والتي جعلوا لبعضها صفة دينية عقائدية، كالخمس"، حد وصف بن دغر.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية "سبأ" بنسختها في العاصمة السعودية الرياض عن  رئيس الوزراء قوله "للأسف فقد حجبوا هذه الأموال عن مستحقيها، ولم يدفعوا من هذا المبلغ للمرتبات سوى 140 مليار ريال، لقد أذاقوا المواطنين سوء العذاب وحرموا الناس من موارد الدولة مدفوعين بخرافات الماضي، ونهم السلطة".

وأضاف: "نحن لا زلنا نكرر عرضنا لهم، اجعلوا الموارد كلها في البنك المركزي وفروعه، ونحن على استعداد لصرف مرتبات جميع العاملين في الدولة، ذلك ما كنا نفعله، عندما كان البنك المركزي تحت سيطرتكم ولمدة عامين متتالين حتى توقفتم عن صرف مرتبات المحافظات المحررة وحرمتم الموظفين من رواتبهم، ومنعتم الناس عن حقوقهم".

وأشار بن دغر إلى أن ميليشيا الحوثيين رفضت حضور عدد من رجال المال والأعمال في صنعاء، للمشاركة في الورشة، التي يشارك فيها عدد من وزراء الحكومة ورجال المال والأعمال وممثلو المؤسسات النقدية الدولية، بدعوة من الحكومة اليمنية.

وتعهد بن دغر بأن حكومته ستواصل جهودها وستغطي احتياجات المواطنين من المشتقات النفطية، من خلال توفير عشرة مليون دولار أمريكي شهرياً لشركة النفط حتى لا تلجأ للسوق لتوفير الدولار.

وأكد بن دغر إن موارد البلاد تتعزز من العملة الصعبة على محدوديتها، من النفط على وجه التحديد ، بالإضافة إلى دعم السعودية المتمثل بإيداع ملياري دولار أمريكي في خزينة البنك المركزي اليمني.. داعياً الحكومة والتحالف وممثلي البنوك والصيارفة إلى عمل مشترك، لضمان ذهاب المبالغ النقدية من العملة الأجنبية التي يتم التعامل بها في السوق المحلية إلى البنك المركزي والبنوك التجارية العاملة في البلاد.

وقال "بدون ذلك لن نكون أمام مركزين للقرار المالي بل مراكز متعددة وهو الأمر الذي ينبغي منعه ورفضه للأضرار التي يلحقها باقتصاد هش في أساسه".

وطالب رئيس الحكومة اليمنية "الشرعية"، الحوثيين بالالتزام بما اُتخذ من إجراءات، والالتزام بأن يكون هناك مركز قرار مالي واحد لحماية اقتصاد البلاد، وحماية الريال، محذراً: "من أي ممارسات أو إجراءات مالية من شأنها تعطيل جهودنا نحو التعافي الاقتصادي والمالي، أو على الأقل جهودنا لوقف التدهور".

وأضاف "إن على هؤلاء الانقلابيين المتمردين أن يدركوا أن لنا جميعاً في الريال اليمني شراكة، وأن التنافس أو محاولة إضعاف جهود الحكومة في شأن الريال جريمة كجريمتهم في الانقلاب على الشرعية، والدولة، والمجتمع، كونوا أيها الحوثيون ولو مرة واحدة يمنيين".

 

تنصل وهروب حكومي

إلى ذلك أكد محللون ومراقبون متخصصون في الشؤون الاقتصادية أن اتهام رئيس الحكومة "الشرعية" لجماعة الحوثي، بالمسئولية عن الانهيار والتدهور الحاصل على كافة الأصعدة في اليمن اقتصاديا واجتماعيا معيشيا وأمنيا، هو تبرير للهروب وتنصل الحكومة المعترف بها دولياً لتحمل مسئولياتها الوطنية والقانونية.

وقال هؤلاء في تصريحات لوكالة "ديبريفر" للأنباء، إن هذا الاتهام لا يعفي هذه الحكومة المتهمة بالفساد والتي أثبتت فشلها الفاسدة، حد قولهم ، بتحمل مسئولياتها بصورة أكبر لما يجري في البلاد من تردي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وأشاروا إلى أن انعكاسات فشل الحكومة الشرعية وعجزها عـن مواجهة تردي الأوضاع ووقف تهاوي الريال، قد بلغ ذروته في مختلف مناحي الحياة المعيشية ما وضع المواطن المغلوب على أمره، أمام كارثة حقيقية في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، خصوصاً مع استمرار الحرب.

واعتبر هؤلاء أن مؤشر تدني العملة المحلية في بلد هو من ضمن الأفقر في العالم، يُظهر أن البلد "مقبلة على معركة اقتصادية لا مثيل لها ستلقي بظلالها على شرائح وفئات المجتمع بدون استثناء"، مؤكدين أن الجهود الحكومية الرامية لمواجهة انهيار العملة، ضعيفة وعاجزة وتفتقر لإجراءات تعالج المشكلة من جذورها.

وقالوا: "الحقيقة أن تعقيدات هذه الأزمة وتبعاتها يرافقها جهود حكومية غير مجدية نتيجة تسيب حكومي واضح وفاضح من خلال إنفاقها المبالغ لأنشطة لها لا تخدم واقع المواطن المعيشي، فضلاً عن ما يجري في أروقة هذه الحكومة، من صفقات فساد كبيرة موثقة في استيراد المشتقات النفطية إلى عدن والنفقات الباهظة وتعيينات الحكومة في جهاز السلك الدبلوماسي، فضلا عن مرتبات كبيرة تصرفها لنفسها دون الالتفات إلى معاناة الناس".

وأعتبر مراقبون ومختصون، حديث رئيس الوزراء، هو للاستهلاك الإعلامي والهروب من تحمل الفشل والعجز الكبير الذي أظهرته هذه الحكومة في ظل فساد كبير غير مسبوق في صفوفها، حد وصفهم.. مؤكدين أن الإجراءات الحكومية المعلنة عنها، لا تجدي نفعاً، وليست سوى حلاً ترقيعياً لا أكثر وسط تفاقم الوضع الاقتصادي في أنحاء البلاد وعدم انتظام صرف مرتبات الموظفين والعسكريين في المناطق التي تسيطر عيها الحكومة "الشرعية"، وتوقف صرف مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في شمال البلاد منذ زهاء عامين.

وشدد مراقبون ومتابعون اقتصاديون في تصريحاتهم لوكالة "ديبريفر" للأنباء، أن على الحكومة اليمنية، إذا كانت جادة في وقف انهيار العملة المحلية وتحسين الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، العمل فوراً على إلغاء قرار تعويم العملة المحلية التي انتهجها البنك المركزي اليمني  في أغسطس العام الماضي بدون آليات لضبط سعر الصرف مما أدى إلى خسارة الريال أكثر من نصف قيمته ودفعه إلى الانهيار المستمر في السوق وسط غياب أي دور رقابي للمؤسسات المالية والنقدية للدولة وعجز البنك عن وقف انهيار العملة المحلية والتحكم بالسوق المحلية وما تحويه من عملات أجنبية، في المقابل لم تستطع الحكومة توفير كميات من العملة الأجنبية "الدولار" هو السبب الرئيس في هذا التدهور.

وحررت الحكومة سعر صرف الريال العام الماضي وأصدرت توجيهات للبنوك باستخدام سعر الريال الذي تحدده السوق بدلاً من تثبيت سعر محدد.

كما أكد هؤلاء عدم وجود الإرادة لهذه الحكومة في تحسين الوضع العام في البلد والحد من الفساد الكبير في أجهزتها، وعدم رغبتها في إلغاء قرار تحرير المشتقات النفطية الصادر من الرئيس هادي، بما يسهم في عودة نشاط أهم موردين اقتصاديين للبلد وهما شركتي النفط ومصافي عدن الحكوميتين.

وأشاروا إلى أن قرار هادي بتحرير سوق النفط، عطل إحدى أهم الموارد المالية للدولة، وعمالقة اقتصاد البلاد (شركتي النفط ومصافي عدن الحكوميتين)، فضلاً عن أن القرار لم يطبق منه شيئاً يذكر بسبب سيطرة تاجر واحد على جميع خزانات شركة مصافي عدن، في إشارة إلى رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، المورد الوحيد للمشتقات النفطية إلى عدن والمحافظات المجاورة لها.

وحذروا من خطورة استمرار هذا القرار الرئاسي على الأمن القومي، وقيمة العملة الوطنية، وانعكاسات ذلك على الأوضاع المعيشية للمواطنين، في ظل غياب دور الدولة، وأجهزتها الرقابية الحكومية الفاعلة.

ويُعد احتكار شركة العيسي لاستيراد الوقود في عدن، وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، إذ سلمت الحكومة أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد إلى القطاع الخاص، بموجب قرار أصدره الرئيس هادي مطلع مارس الماضي، والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

 

استمرار انهيار الريال

رغم  الإجراءات الحكومية المعلنة لوقف تدهور العملة إلا ان الريال اليمني واصل تراجعه المخيف وفقدان قيمته أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى ليسجل في تعاملات مساء اليوم السبت، في السوق السوداء بمدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، رغم تواجد هذه الحكومة في العاصمة السعودية الرياض، سجل سعر الصرف أكثر من 640 ريالاً للدولار الواحد وسط موجة غلاء وارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع الغذائية بما ينذر بكارثة اقتصادية على البلاد.

وقال صرافون ومتعاملون في مدينة عدن لـ "ديبريفر" إن سعر شراء الدولار واصل ارتفاعه بصورة متسارعة ليصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في تاريخه 635 ريالاً للدولار الواحد للشراء و645 ريالاً للبيع مساء السبت، بعدما كان 620 ريال للدولار الواحد قبل يومين.

كما ارتفع سعر الريال السعودي ليصل إلى 167 ريالاً للشراء و170 للبيع  فيما بلغ الدرهم الإماراتي 168 ريالاً للشراء و171 للبيع وذلك من 165 و166 قبل يومين و 128 و 129 ريالاً قبل شهرين للعملتين على الترتيب.

بينما حدد البنك المركزي اليمني في وقت سابق هذا الشهر السعر الرسمي للدولار عند 490 ريالاً فقط والريال السعودي 130 ريالاً.

وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاث أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي وتسبب ارتفاع الأسعار في عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية.

ويشهد الاقتصاد اليمني منذ بضعة أسابيع، تدهور مستمر ينذر بانهيار اقتصادي كامل وكارثة إنسانية كبرى في البلد الذي يعيش حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف، وتؤكد الأمم المتحدة أنه يعيش حالياً "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

كما تشهد مدينة عدن التي أعلنتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، وكذا مدينة صنعاء العاصمة الرسمية للبلاد والتي يسيطر عليها الحوثيون، أزمة وقود خانقة ومتزايدة منذ أيام.

وتبدو الحكومة "الشرعية" عاجزة عن إيقاف هذا التدهور بعدما اتخذت إجراءات عديدة خلال الأسابيع الماضية، لم تفلح عن وقف انهيار الاقتصاد واستمرار تدهور سعر الحملة المحلية "الريال اليمني" مقابل العملات الأخرى، ما أدى إلى ارتفاع مهول في أسعار المواد الغذائية والأساسية ومختلف السلع، في ظل عدم انتظام صرف مرتبات الموظفين الحكوميين، لاسيما في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون والتي لم يستلم فيها الموظفون مرتباتهم منذ زهاء عامين ونصف.

ويحتاج نحو 21 مليونا من سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية ويعاني ما يربو على نصف السكان من سوء التغذية.

وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة هادي في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتعيين محافظ جديد له، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد.

وزجت حالة الارتباك بالكثير من اليمنيين في براثن العوز بعد أكثر من عامين من عدم صرف الرواتب لأكثر من مليون موظف غالبيتهم يعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بما فيها صنعاء.

ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وتوقف تصدير النفط منذ أكثر من ثلاثة أعوام حيث كانت إيراداته تشكل 70 بالمائة من إيرادات البلاد، فضلا عن توقف الرسوم الجمركية والضريبية وجميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة وهو ما جعل المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلاً على حافة الانهيار.

واليمن منقسم بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في 26 مارس 2015 بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي تقوده السعودية شن آلاف الضربات الجوية على جماعة الحوثيين في حملة لتمكين رئيس اليمن عبدربه منصور هادي من ممارسة عمله  لكن الحملة لم تنجح في إخراج الجماعة من العاصمة صنعاء.

وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات في مقتل أكثر 10 ألف شخص وجرح مئات الآلاف وتشريد ثلاثة ملايين داخل اليمن وفرار الآلاف خارج البلاد .

وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، فيما يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن عدد المحتاجين لمساعدات عاجلة ارتفع إلى 22 مليونا العام الماضي 2017، أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا عام 2016.

 

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet