يسعى صحفيون يمنيون إلى نشر وتعزيز العمل الصحفي الاستقصائي في بلادهم رغم الحرب المستمرة فيها منذ قرابة خمسة أعوام.
ورغم مخاطر هذه النوع من الصحافة وصعوبته في الظروف العادية وتضاعف خطورته في ظروف الحرب إلا أن مجموعة من الصحفيين اليمنيين يعملون على توسيع رقعة العمل بالصحافة الاستقصائية ونشر مفاهيمها وتأسيس عمل صحفي استقصائي ممنهج وعلمي حديث.
وتشهد اليمن حرباً دموية منذ 26 مارس 2015 عندما تدخل تحالف عربي تقوده السعودية إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بعدما استولت جماعة الحوثيين على السلطة في العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وما تزال الجماعة تسيطر على أغلب المناطق في شمالي البلاد بما فيها صنعاء، ذات الكثافة السكانية والحضرية.
ومن أجل توسيع الصحافة الاستقصائية في البلاد، عمدت مجموعة من الصحفيين إلى تأسيس "الشبكة اليمنية للصحافة الاستقصائية" يطلق عليها اختصاراً اسم "يمان"، وهي أول شبكة مختصة في الصحافة الاستقصائية في اليمن.
وعملت الشبكة منذ تأسيسها قبل حوالي شهرين على نشر مفاهيم الصحافة الاستقصائية والتعريف بها خصوصاً مع شحة الصحفيين الذين يعملون في هذا النوع من الصحافة في اليمن.
ويؤكد العضو المؤسس والمدرب في الشبكة، الصحفي الاستقصائي محمد يحيى جهلان، في تصريح لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن شبكة يمان كأول مؤسسة متخصصة في الصحافة الاستقصائية أنشئت في اليمن، تهدف إلى نشر ثقافة الاستقصاء الصحفي القائمة على البحث والتحري، والنشر الصادق المحايد الموثق بالأدلة والبراهين، وذلك ما يفتقر له الواقع الصحفي والإعلامي اليمني، الذي بات بعيدا كل البعد عن أداء رسالته.
ونظمت شبكة "يمان" أول دورة تدريبية لها في مجال الصحافة الاستقصائية، أقيمت في صنعاء بمشاركة 15 صحفياً وصحفية بالتعاون مع "منصتي 30" وبدعم من مشروع Rnw Media، تلقى خلالها المشاركين على مدى أسبوع محاضرات نظرية وتطبيقات عملية في أساسيات الصحافة الاستقصائية، وأساليب بناء التحقيقات الصحفية وكتابتها وتوثيقها بالأدلة والوثائق السليمة، وسبل التعامل مع هذا النوع من الصحافة لاسيما في ظل الصراعات والحروب وهو ما تمر به اليمن حالياً.
يقول جهلان: "تأتي هذا الدورة التدريبية، ضمن مشروع تدريبي واسع، في كل من صنعاء وعدن، ويهدف لتعريف وتعزيز قدرات الصحفيين اليمنيين بالصحافة الاستقصائية، وأساسياتها، وآليات البناء المنهجي، والمهني للقصص والتحقيقات الاستقصائية".
وأوضح أن الشبكة وعقب التدريب ستقوم بمساعدة الصحفيين المتدربين وتوفير الدعم الفني والإشرافي والمادي، لإنتاج وتنفيذ تحقيقاتهم التي شاركوا من خلالها في الدورة وتم مناقشتها أثناء التدريب.
وأشار إلى أن "يمان" ستقوم عقب ذلك بتوفير منصات النشر سواء كانت محلية أو عربية أو دولية، معتبراً أنه وبذلك يكون التدريب مختلف عن غيره من التدريبات، كونه يجمع بين الجوانب النظرية والعملية في آن واحد، وذلك ما يفتقره الواقع الصحافي والإعلامي في اليمن.
وستنظم الشبكة دورة تدريبية مشابهة في مدينة عدن خلال النصف الثاني من شهر أغسطس الجاري يشارك فيها أيضاً 15 صحفياً وصحفية، وفقاً للصحفي جهلان.
ويؤكد الصحفي اليمني، يحيى الحلالي، أن الدورة التي شارك فيها ونظمتها "يمان"، ذات فائدة عالية من الناحية النظرية والعملية، وأن مدربي الدورة، الصحفيين الاستقصائيين محمد جهلان وأصيل سارية، عكسا خبرتهما العالية في هذا المجال بصورة مميزة فاقت توقعاته المسبقة.
ولفت الحلالي إلى أن الاشتراك في الدورة تم وفق أسس علمية وضعتها الشبكة كان أبرزها التقدم بفرضية تحقيق استقصائي تكون قابلة للتطبيق في الواقع العملي وفقاً للظروف التي تمر بها اليمن، موضحاً أن كل المشاركين تقدموا بفرضياتهم والتي تم مناقشتها من قبل المدربين والمشاركين في الدورة وإثرائها بالمقترحات وتم الخروج بتوفير أدلة ووثائق ومعلومات حول كل فرضية خلال مدة زمنية محددة حتى يتم الموافقة على البدء بتنفيذها تحت إشراف وتمويل الشبكة اليمنية للصحافة الاستقصائية.
ويعد الصحفيان الاستقصائيان، جهلان وسارية، من أبرز الصحفيين الاستقصائيين في اليمن وتلقيا تدريباً مكثفاً من قبل شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)، وسبق لهما أن أنتجا العديد من التحقيقات الاستقصائية المكتوبة والتلفزيونية ونافس عدد منها على جوائز مختلفة ونال أحد تحقيقات الصحفي الاستقصائي سارية جائزة المركز الأول في مؤتمر "أريج" لأفضل تحقيق تلفزيوني للعام 2018، كما يكتبان لعدد من المنصات العربية والعالمية.