يبدو أن الأوبئة الفيروسية الفتاكة، قد عقدت تحالفاً مع ترسانة الحرب المتواجدة في اليمن، لقتل من ينجو من القصف الصاروخي والمدفعي وحتى رصاصات القناصة.
وتُظهر منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، عن حجم القلق من مرض انفلونزا الخنازير في اليمن وخاصة العاصمة صنعاء.
يتحدث الناس في صنعاء، بمختلف شرائحهم، برعب عن حالات إصابة ووفيات كثيرة بسبب إنفلونزا الخنازير، في حين تتناقض تصريحات وزير الصحة في حكومة الانقاذ التابعة لجماعة الحوثيين(أنصار الله) وتصريحات ناطق الوزارة، الأول يتحدث عن جائحة، والآخر يقلل من خطورتها.
وبدأت اليوم حكومة الإنقاذ التابعة لجماعة الحوثيين(أنصار الله) ووزارة الصحة فيها، باتخاذ إجراءات لمواجهة فيروس انفلونزا الخنازير وبقية الأوبئة التي تفتك بالناس في صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، وقد شكلت لجنة "وزارية" لمكافحة الأوبئة، وغرفة عمليات داخل وزارة الصحة تضم مختلف الجهات المعنية والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع للحوثيين، وكذا ممثلو منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف.
كما أعلن وزير الصحة في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين، الدكتور طه المتوكل، أنهم أرسلوا عينات من فيروس "الإنفلونزا الموسمية" إلى الخارج لفحصها، مشيراً إلى أنه لا يستبعد "وجود عمل عدائي ضد شعب اليمن من خلال الانتشار الواسع لمرض الانفلونزا الموسمية".
وقال المتوكل إن "التغيير الجيني لفيروس الانفلونزا المنتشرة يثير الشبهات ضمن الحرب التي تتعرض لها اليمن قبل دول التحالف".
إحصائيات تثير الرعب
وتوفي ثمانية أشخاص، يوم السبت الفائت، في عدد من مستشفيات العاصمة اليمنية صنعاء بسبب إصابتهم بمرض انفلونزا الخنازير (H1N1).
وقال مكتب الترصد الوبائي بأمانة العاصمة صنعاء التابع لوزارة الصحة العامة والسكان في حكومة جماعة الحوثيين (أنصار الله) إنه تم السبت تسجيل 25 حالة إصابة جديدة وثمان حالات وفاة بمرض إنفلونزا الخنازير، المعروف باسم فيروس (H1N1).
فيما كشفت مصادر طبية في صنعاء عن تسجيل أكثر 1038 حالة إصابة مشتبهة بإنفلونزا الخنازير في أمانة العاصمة وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ بداية العام الجاري.
ووفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أفادت المصادر بوفاة 346 شخصاً نتيجة الإصابة بهذه الانفلونزا في صنعاء حتى الخامس عشر من ديسمبر الجاري.
وأضافت المصادر أن 198 حالة من الوفيات هم من سكان أمانة العاصمة، فيما بقية المصابين قدموا إلى صنعاء لتلقي العلاج وتوفوا في مستشفياتها.
وذكرت المصادر أنه تم التأكد عبر الفحوصات المخبرية من أن 148 حالة من الوفيات بسبب الإصابة بفيروس (H1N1) والتهابات الرئة الوخيمة.
ووفقاً لتقرير وزارة الصحة في حكومة الحوثيين، فقد بلغ عدد الحالات التي توفت بسبب اصابتها بفيروس h1n1 94 حالة.
وبعيداً عن دقة أو صحة الإحصائيات الخاصة بالمصابين أو المتوفين بسبب انفلونزا الخنازير، بات مؤكداً أن هذا المرض الوبائي لن يتوقف عن حصد أرواح المئات من اليمنيين إلا إذا تحركت المنظمات الدولية لإنقاذ اليمنيين ومدهم باللقاحات والعقاقير اللازمة لمنع انتشار المرض ووضع حد نهائي له.
وبالعودة إلى القلق الشعبي المتنامي من انفلونزا الخنازير، لا تتوقف مواقع التواصل الاجتماعي من استقبال عشرات المنشورات يومياً، وجميعها تتحدث عن وفاة أقارب وأصدقاء لهم بإنفلونزا الخنازير، وبعضها تسرد معاناة مرضى تم إسعافهم إلى بعض المستشفيات لكنهم لم يلقوا الرعاية اللازمة ففتك بهم المرض.
الانفلونزا تفتك بالصحافيين
ولم تستثني انفلونزا الخنازير أحد، وقد وصلت إلى الصحافيين وفتك ببعضهم بسرعة عجيبة.
وكتب رئيس تحرير صحيفة "لا" المقربة من جماعة الحوثيين(أنصار الله) صلاح الدكاك، على صفحته في الفيس بوك، الأحد الفائت، "يبدو أن أرواح الصحفيين تستهوي إنفلوانزا الخنازير أكثر من غيرهم من الشرائح الاجتماعية والمهنية".
وأضاف :"فمنذ ظهورها الأول في اليمن عام 2010 دشنت نشاطها القاتل باختطاف روح الزميل نجيب قاسم أبرز فرسان التحقيقات الصحفية المصورة و أجرأهم ولو كتبت له الحياة لكان لصيته اليوم سطوة كبيرة على الأثير الإعلامي دولياً".
ولفت إلى أنه "وفي 2017 توفي الزميل بشير السيد بذات الوباء الشبح ،وكان أحد أكثر الصحفيين تميزاً ونظافة ضمير وسيرة..ومطلع الشهر الراهن توفي الزميل في صحيفة الثورة طه عزالدين نعمان، بإنفلونزا الخنازير التي يبدو أن هذا الرتل من الزملاء لم يتخمها بعد لتُلحق بهم الصحفي الرياضي عصام الحرازي أمس".
تقصير رسمي ودولي
ويجدر الإشارة هنا إلى ثمة تقصير من قبل الجهات المختصة سواء في حكومة الحوثيين(أنصار الله) أو في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وحتى من قبل المنظمات الإنسانية وفي مقدمتها الصحة العالمية واليونيسيف، في مواجهة الأمراض الوبائية التي تهاجم اليمنيين منذ بداية الحرب في العام 2015 وحتى الآن.
ويؤكد صيدلانيين يمنيين لوكالة "ديبريفر" أن جميع الجهات الرسمية في اليمن والمنظمات الدولية، قصرت في مواجهة الأوبئة ومن بينها انفلونزا الخنازير، إذ كان ينبغي عليهم توفير الأدوية واللقاحات اللازمة بهذه الأمراض منذ بدأت بالظهور، كي لا يتسع نطاق انتشارها.
ولفت الصيدلانيين إلى أن الدواء الخاص بمكافحة مرض انفلونزا الخنازير غير متوفر في مخازن وزارة الصحة ولا في الأسواق.
وتؤكد مصادر طبية في صنعاء لوكالة "ديبريفر" أن الكادر الطبي العامل في أقسام الإسعاف والطوارئ داخل المستشفيات وخاصة الحكومية، لا يستطيع تمييز أعراض الحالات المصابة بإنفلونزا الخنازير والأعراض المشابهة لأمراض أخرى.. والسبب :"عدم الخبرة وتفشي الأمراض الوبائية بصورة غير مسبوقة وغريبة".
وفي إطار المبادرات الذاتية الإيجابية، نشط مجموعة من الأطباء الاختصاصيين في مواجهة الأمراض الوبائية وفي مقدمتها انفلونزا الخنازير من خلال نشرهم لمعلومات هامة حول المرض والتعريف به، وكيفية التعامل معه، وفقاً للمتاح.
ولا يقتصر المرض على صنعاء وحدها، فقد تم الإعلان عن ظهور عدد من الحالات الوفاة والإصابة في أكثر من محافظة، لكنها خلال الأسبوعين الفائتين كثف نشاطه داخل العاصمة اليمنية، وإذا لم يُكبح جماحه سريعاً، فإنه سيمضي في طريقه فاتكاً بأعداد كبيرة من اليمنيين، في مختلف أنحاء البلاد المنكوبة.