اليمن.. تصاعد الاغتيالات في عدن يظهر فشل الحكومة ومراقبون يربطونها بإطلاق سجناء متهمون بالإرهاب (تقرير خاص)

عدن (ديبريفر)
2018-07-20 | منذ 5 سنة

  أظهرت عودة الاغتيالات والانفلات الأمني إلى مدينة عدن جنوبي اليمن بصورة لافتة في الآونة الأخيرة، مدى عجز الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في استعادة النظام وتعزيز الأوضاع الخدمية والأمنية في المدينة الساحلية التي تتخذها هذه الحكومة عاصمة مؤقتة لها.

 وربط مراقبون ومحللون سياسيون من عدن، عودة عمليات الاغتيالات التي ينفذها مسلحون مجهولون، إلى واجهة المشهد في المدينة رغم تواجد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته منذ أكثر من شهر، بإفراج وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية في المدينة عن عشرات السجناء المتورطين والمشتبه بهم في جرائم اغتيال وأعمال تفجيرات وإقلاق الأمن والسكينة العامة.

  وقالت مواقع إخبارية موالية لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المطالب بإنفصال جنوب اليمن عن شماله والمدعوم من الإماراتي العربية المتحدة، أن الحكومة "الشرعية" أطلقت بإشراف رئيس مجلس القضاء الأعلى حمود الهتار ووزير الداخلية اليمني أحمد الميسري على دفعات مختلفة، عشرات المساجين غالبيتهم متورطين بأعمال إرهابية، وهو ما ساهم سريعا  في عودة الاغتيالات.

  وذكرت تلك المواقع أن الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً وحزب الإصلاح (ذراع الأخوان المسلمين في اليمن) ومن خلال عمليات الإفراج عن السجناء، ساهمت في تنفيذ مخطط خطير هدفه إعادة الفوضى والانفلات الأمني إلى عدن والذي كان قد تم التغلب عليه والحد منه بنسبة كبيرة جدا خلال العام الماضي.

   وحمل المراقبون، "لشرعية اليمنية" مسؤولية ما حدث من عمليات قتل واغتيالات وما سيحدث في احتمال تصاعدها في الفترة القادمة بسبب إطلاق سجناء إرهابيين.

  وقال المراقبون إن الإفراج عن بعض السجناء ممن لم تثبت إدانتهم أمر مرحب به، إلا أن بعض الجهات النافذة في الحكومة الشرعية استغلت عمليات الإفراج لتمرر عبرها، إطلاق سراح عدد من العناصر التابعة لها والمنتمية لتنظيمي القاعدة وداعش.

    كانت الحكومة الشرعية وعبر توجيهات مباشرة وغير قانونية، قد أفرجت الأربعاء الماضي، عن الدفعة الرابعة من الموقوفين والمحتجزين في سجن بئر أحمد التابع للسجن المركزي في مديرية المنصورة بعدن، وجاء إطلاق الدفعة الرابعة وعددهم 7 أشخاص، بموجب توجيهات قيل إنها قضائية.

   وبلغ عدد المفرج عنهم من سجن بئر أحمد خلال أسبوعين، والمعلن عنهم رسمياً 300 موقوف تم الإفراج عنهم على أربع دفع بحجة عدم وجود أي تهم عليهم، فيما غالبيتهم اعترفوا أثناء التحقيقات بالاشتراك بأعمال اغتيال في أبين ولحج وعدن.

 

الشركاء الحقيقيين في عودة العنف

   إلى ذلك تحدث الناشط السياسي والقيادي في الحراك الجنوبي عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، لطفي شطارة، عن الشركاء الحقيقيين في عودة مسلسل العنف في عدن، وذلك على خلفية حادث اغتيال مدير إدارة البحث الجنائي في سجن المنصورة المركزي.

 وقال شطارة في تغريدة على تويتر، "كل الذين حرضوا ضد الأمن وكل من شارك في حملة تدعي بوجود سجون سرية، وكل من ضغط على التحالف والإمارات لإطلاق المعتقلين بقضايا الإرهاب والموقوفين في السجون على ذمة التحقيقات وتم الإفراج عنهم.. هم شركاء حقيقيين في عودة مسلسل العنف إلى عدن" .

 

توحيد أجهزة الأمن

  وعزا متابعون ومراقبون محليون لوكالة "ديبريفر" للأنباء تزايد تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية في مدينة عدن ثاني كبرى مدن اليمن، إلى تعدد الجهات الأمنية والعسكرية التي تدير المدينة وأثبتت فشل ذريع في حماية أرواح المواطنين عسكريين ومدنيين ما خلق انفلات أمني غير مسبوق ومنح فرصة سانحة  للمتشددين الإسلاميين بما في ذلك جناح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في اليمن الذي يبدو أن له وجودا في المدينة، إلى التمدد وبسط نفوذه وتنفيذ عمليات الاغتيالات بكل أريحية، سيما في ظل انتشار الدراجات النارية بصورة لافتة لم تعهدها من قبل وظاهرة إطلاق النار في كل مكان بسبب أو بدونه.

  وأكد هؤلاء ضرورة الإسراع في توحيد هذه الأجهزة وضع حد لعمليات الاغتيالات المستمرة ووقف تمدد الميليشيات والجماعات الإسلامية المتشددة في المدينة.

 وأشاروا إلى أنه "من الواضح جدا أن الإرهاب الذي يطال عدن وغيرها من المدن والمحافظات يجد مرتعا خصبا وبيئة مناسبة للقيام بأعماله الوحشية نظرا لغياب الدولة واستمرار الحرب وفشل".

 وتعاني الأجهزة الأمنية في المدينة انقسامات وتتبع أكثر من جهة، وشهدت عدن أواخر يناير الفائت محاولة انقلاب عسكري فاشلة نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً للإطاحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

  كما تعاني المدينة منذ "تحريرها" من الحوثيين أواخر يوليو 2015 من تردي الخدمات وتفاقمها على أكثر من صعيد رغم عودة الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة الدكتور أحمد بن دغر إليها عشية عيد الفطر الفائت.

  وقال عمرو عليوه  (35 عاما) وهو موظف في مؤسسة حكومية "يظهر الموقف الحالي وعودة عمليات الاغتيالات بصورة لافتة في عدن فشل الدولة والحكومة الشرعية في اتخاذ أي تحرك جاد باتجاه تحقيق الاستقرار والأمن والأمان للسكان ليزيد من معاناتنا في ظل انعدام توفير الخدمات الأساسية بما في ذلك إصلاح مرافق الكهرباء باعتبارها أحد أهم احتياجات الناس".

 وأضاف عليوه في حديثه لوكالة "ديبريفر" للأنباء، وبنبرة حادة: "الله ينتقم منكم كلكم يا من ملكتم حكم عدن وانتم رقود ولا حركتم ساكناً، الله يخارجنا منكم، خمس جرائم اغتيالات في يومين استهدفت الأبرياء من الضباط والعزل من الشخصيات العامة ومن بيدهم حكم عدن ويسهلوا قتلهم".

 فيما قال سعيد عبدالله وهو أيضا من سكان عدن إن الوضع الحالي أظهر "عجز وفشل إدارة الرئيس هادي وحكومته لعدن والمحافظات المحررة في جنوب اليمن في إدارة حياة الناس فلا خدمات ولا كهرباء ومياه وزاد الطين انعدام الأمن والاستقرار".

 

فوضى في الشارع

 وذكر سكان أن عدن تشهد حالياً أيضاً مظاهر فوضى وعشوائية غير مسبوقة في الشارع العام نتيجة غياب النظام والقانون، وضربوا مثلاً بانتشار الباعة المتجولين الذين تمتد "بسطات بضائعهم" في الشوارع من 5 إلى 10 أمتار فوق الرصيف الرئيسي ويصل بعضها إلى نصف الإسفلت وتستمر على مدار الساعة مع انتشار آلاف من الدراجات النارية التي قدمت من المحافظات المجاورة كأبين ولحج والتي يتخذها أصحابها وسيلة لنقل الركاب بالأجرة مما سببت ارباكات وفوضى واختناقات مرورية في الشارع وسط غياب تام لرجال المرور لتنظيم حركة السير في صورة لم تعهدها عدن من قبل رغم أنه كان يشار لها بالبنان في منطقة الجزيرة والخليج في الانضباط والالتزام بالنظام والقانون وقواعد الطريق في الشارع.

 وتسيطر على عدن أيضا قوات محلية مدعومة من الإمارات العربية المتحدة وتناصب جماعة "الأخوان المسلمين" وجماعات إسلامية أخرى العداء.

 والإمارات عضو رئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية وينفذ منذ مارس 2015 عمليات برية وجوية وبحرية ضد معاقل جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس عبدربه منصور هادي بهدف إعادته للحكم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ سبتمبر 2014.

 وأنشأت الإمارات عدة قوات وتشكيلات عسكرية وأمنية يمنية خصوصاً في المحافظات الجنوبية ودربتها وأشرفت على تجهيزاتها وتعمل تحت إمرتها تقدر بآلاف الجنود في إطار إستراتيجية لمواجهة الحوثيين من جهة ومحاربة تنظيم القاعدة الذي استغل الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات وحاول توسيع سيطرته في المنطقة قبل طرده من جهة أخرى، حد زعم الإمارات.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet