ملف (ديبريفر) - مثلت أحداث الـ 11 من فبراير 2011 في اليمن، قلقاً للنظام السعودي، الذي شعر بأنها قد تخرج اليمن من "إدارته"، فقرر التحرك سريعاً، لتفادي ذلك، لكن أحداثاً مفصلية شهدتها اليمن خلال تسعة أعوام كشفت لليمنيين إلى أي مدى كان، ولا يزال، حضور السعودية كلاعب رئيسي ومتحكم في الملف اليمني، معيقاً لتحقيق دولة يمنية حقيقية، ومقوضاً لكل ما تحقق لليمن من انجازات أهمها تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990.
وقال موقع "الجزيرة نت"، الأحد، إنه اطلع على (162) صفحة من الوثائق السعودية السرية التي تكشف عن معلومات مهمة بشأن طريقة إدارة النظام السعودي لملف اليمن منذ انطلاق الثورة الشبابية عام 2011.
ووفقاً للجزيرة، ترجع الوثائق إلى فترة زمنية مهمة وحساسة في اليمن مهدت لاندلاع الحرب في 2015، كما تناولت الوثائق ملفات لا تزال مفتوحة حتى الآن، وأظهرت موقف الحكومة السعودية من قوى وشخصيات تطالب بانفصال الجنوب، ومن إعادة النظر في دعم القبائل، وعدم تحركها لإيقاف الحوثيين عن اقتحام صنعاء رغم توصية الاستخبارات السعودية بذلك.
التسريبات تلقي الضوء على الأجندة الحقيقية للسعودية، خاصة بعد تقديمها الأسبوع الماضي نسخة محدثة من اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، ومحاولة تصوير هذا الاتفاق كإنجاز.
وقال موقع "الجزيرة نت" أن الوثائق المسربة تثبت تكريس المملكة منذ نهاية 2011 سياسات عدة دفعت اليمن للوصول إلى وضعه الحالي، وقالت إن الوثائق تتعلق بعدة ملفات خطيرة أبرزها "ملف الجنوب، ملف القبائل، ملف الانقلاب الحوثي".
وكشفت الوثائق أن السعودية كانت تتعامل مع فصل جنوب اليمن كأحد الخيارات الأساسية لحل ما تصفه "بقضية الجنوب"، إلى جانب طرح خيار الفدرالية المحتمل مرحليا، وأنها كانت تحاول استغلال الوضع والاحتجاجات في الجنوب لخدمة مصالحها فقط.
وتقول الوثائق إن السعودية سعت لدعم واستقطاب عدة كيانات جنوبية بعيدا عن علْم الدولة اليمنية، وجندت بعض القيادات الجنوبية لرصد تحركات ومواقف كل طرف في الجنوب مقابل توفير دعم مادي لهم، كما تشير إلى ذلك وثيقة صادرة برقم (17146) في تاريخ 15/ 2/ 1433 للهجرة (الموافق 9/ 1/ 2012) من مكتب وزير الداخلية.
وتظهر الوثائق أيضاً أن السعودية أوعزت بالتجسس على اجتماعات الجنوبيين التي كانت تتم برعاية دولية، وأنها جندت بعض الحاضرين فيها لرفع التقارير وكتابة ما يطرحه كل طرف.
وتشير الوثائق إلى أن بعض القوى الجنوبية التي كانت تسعى للانفصال نجحت بعد توقيع المبادرة الخليجية عام 2011 في الحصول على دعم سعودي كبير بحجة محاربة ما وصفته السعودية بالتوغل الإيراني في جنوبي اليمن، وجرى كل ذلك على عكس ما كانت تعلنه الرياض من دعم للحكومة اليمنية ووحدة أراضيها.
ورغم التواجد العسكري السعودي في المحافظات اليمنية الجنوبية، إلا أن تلك المحافظات التي تم تمكين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً منها، صارت فعلياً خارج سيطرة الحكومة الشرعية، وأن إعلان انفصالها مسألة وقت لا أكثر.