واشنطن (ديبريفر) - قال مركز بروكينغز للسلام، إن الدول والهيئات التي تقود جهوداً لإحلال السلام وإنهاء الحرب الدائرة في اليمن، لاتدرك حقيقة وجود مجموعات مسلحة تسيطر على مناطق مختلفة في البلاد تمتلك مقومات إفساد أي اتفاق سلام لايتوافق مع مصالحها.
وجاء في مقال نشره موقع مركز بروكينغز كتبه غريغوري دي جونسين الباحث بمعهد السياسة الخارجية بمركز الشرق الأدنى للسياسات، أن اليمن بعد ست سنوات من الحرب انقسم إلى درجة أنه من غير المرجح أن يعود دولة واحدة.
وأضاف أن اليمن لن يعود إلى التقسيم بين الشمال والجنوب قبل عام 1990، وبدلا من يمن واحد أو اثنين، فالآن هناك دويلات صغيرة ومناطق يسيطر عليها عدد متزايد من الجماعات المسلحة، وكل منها لها أهداف ومسارات مختلفة.
وعدّد الكاتب مناطق السيطرة لكل واحدة من هذه القوى، حيث قال إن المرتفعات الشمالية يسيطر عليها الحوثيون، وعلى طول ساحل البحر الأحمر، يقود طارق صالح ابن شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مقاتلين مدعومين من السعودية والإمارات متمركزين على الخطوط الأمامية للحوثيين في الحديدة.
وفي الداخل، في تعز، يسيطر الحوثيون على الجزء الشمالي من المحافظة، وتسيطر قوات حزب الإصلاح على مدينة تعز وجزء كبير من الريف جنوب المدينة، وفق الكاتب.
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً يسيطر على مدينة عدن بعد طرد قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في أغسطس 2019، لافتاً إلى أنه تنشط شمال عدن، جماعة أخرى مدعومة من الإمارات، هي كتائب العمالقة التي يقودها السلفيون في لحج.
وحسب الكاتب يفضل العديد من هؤلاء المقاتلين الانفصال أيضاً ولكنهم يرفضون قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأوضح أنه في مأرب، موقع هجوم الحوثيين الحالي، يسيطر الإصلاح. أما حضرموت فهي مقسمة بين قوات النخبة الحضرمية المدعومة من الإمارات والتي تسيطر على الساحل، والوحدات التابعة للإصلاح في الداخل.
وفي محافظة المهرة، على الحدود الشرقية لليمن، تسيطر جماعات شبه عسكرية، مدعومة من السعودية بحسب الكاتب.
ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على جزيرة سقطرى. وتمسك وحدات هادي "مثلث القوة" اليمني، حقول النفط والغاز في مأرب وشبوة وحضرموت.
وأفاد الكاتب بأن أيا من هذه الجماعات المسلحة المختلفة لا تتمتع بالقوة الكافية لفرض إرادتها على بقية البلاد، لكنها تمتلك تقريباً ما يكفي من الرجال والذخيرة للعمل لإفساد أي اتفاق سلام وطني تشعر أنه لا يعالج مصالحها بشكل كاف.
ويرى جونسين أن الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو حقيقة أنه كلما استمر القتال، زاد احتمال ظهور المزيد من الجماعات المسلحة.
وتابع "إذا أخذنا ذلك في الاعتبار، مع حقيقة أن اليمن لديه اقتصاد يتقلص باستمرار، فإن مجموعات أكثر فأكثر ستتقاتل في المستقبل على موارد أقل وأقل".
كما أن القرار الذي اتخذه هادي بتقسيم البنك المركزي عام 2016، جعل لليمن اقتصادين منفصلين، إذ يتم تداول الريال بسعر في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، وسعر آخر في عدن.
ولفت الكاتب إلى أن (أصحاب) جهود السلام المختلفة لا يبدو أنهم يدركون ذلك.
وخلص إلى أن تفكك اليمن يضع عددا من التحديات أمام أمريكا، إذ إنها لن تعترف بجميع أمراء الحرب والجماعات المسلحة المختلفة التي تسيطر على الأرض في البلاد، ولكن ولأسباب متنوعة، من مكافحة "الإرهاب" إلى المخاوف الإنسانية ومخاوف اللاجئين إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر، سيتعين عليها التعامل مع العديد منها.