Story in English
https://debriefer.net/news-583.html
وسط الحصار الذي تعيشه مدينة تعز جنوبي غرب اليمن، المفروض عليها من قبل جماعة الحوثيين (أنصار الله) منذ ما يربو عن ثلاثة أعوام، كشفت لجنة تحقيق حكومية، اليوم الخميس، عن خمس جثث -مجهولة الهوية حتى اللحظة- تم استخراج رفاتها من مقبرة محلية في منطقة وادي المدام بالحي القديم للمدينة.
مراسل وكالة أنباء "ديبريفر" في تعز أجرى تحريا واسعا حول القضية منذ بدء تداول الأخبار حول وجود تلك الجثث، التي يقول بعض النشطاء أنها لجنود من حملة أمنية سابقة تم تكليفها من قبل محافظ المحافظة لتعقب بعض المطلوبين في مربع منطقة "الجمهوري" المليء بالجماعات المتطرفة المسؤولة عن عمليات الاغتيالات في المدينة.
مكان الواقعة
منذ أسبوعين تقريبا، سرب أحد النشطاء مقطع فيديو لعملية "سرية" لدفن جثث وسط الظلام كما بدا في الفيديو، بيد أن البعض استبعد حقيقة ذلك المقطع، ما دفع مراسل "ديبريفر" إلى المخاطرة والتنقل داخل المنطقة المحددة، لبدء عملية التحري التي أكدت وجود ثلاث جثث مدفونة في مدرسة الأقصى، واثنتان في مبنى الاستخبارات بمدينة تعز، وكلا المنطقتين يحكمها مسلحون يتبعون القيادي السلفي أبو العباس المدعوم إماراتيا.
يقول (س.ع.أ) أحد سكان المنطقة لمراسل "ديبريفر" إن حي الجمهوري (الواقع في الطريق المؤدية الى جبل صبر، وقلعة القاهرة، أبرز معالم المدينة) بات مرتعا لبعض المتطرفين، من أصحاب السوابق في جرائم جنائية، تحولوا في ليلة وضحاها إلى قادة ميدانيين لجماعات في ما يسمى "المقاومة الشعبية" تحت كتائب أبو العباس، ضد جماعة الحوثيين، وأن هناك سجون سرية، ومعتقلات، وربما تكشف التحقيقات وجود جثث أخرى في مناطق مختلفة بذات المربع.
نقل الجثث تحت جنح الظلام
عقب عملية التصفية الميدانية للجثث الخمسة تم نقلها من قبل المسلحين في جنح الظلام وبسرية تامة من مكان الواقعة (مدرسة الأقصى، ومبنى الاستخبارات) باتجاه مقبرة وادي المدام الواقعة وسط المدينة بالقرب من مدرستي ناصر والثورة، إلا أن مقطع فيديو مسرب لم يتنوه له المسلحون كشف العملية، لتتصاعد الأصوات المطالبة بالكشف عن هوية تلك الجثث، والمسؤول عن تصفيتها، وهو ما شكلت لأجله لجنة حكومية انتقلت إلى المقبرة المذكورة وتم استخراج الجثث الخمسة التي وجد منها اثنتان منزوعة الرأس.
جرائم إنسانية
الواقعة التي فجع بها أهالي تعز كشفت أيضا صورة بشعة أخرى للقتلة، حيث بدت آثار التعذيب الجسدي على الضحايا على الرغم من اختفاء بعض ملامح الجثث بعد الدفن، إلا أن مصدر طبي في المدينة كشف لمراسل "ديبريفر" عمليات بتر ونزع لبعض الأطراف، وحرق لبعض الأطراف الأخرى، إضافة الى فصل رأسين عن الجثث الخمسة.
ثلاثة أسماء تحت الاشتباه!
يقول (م.م.أ) وهو أحد سكان الحي، لمراسل "ديبريفر" أن الجثث الخمسة التي تم تصفيتها يقف ورائها ثلاثة قيادات ميدانية متطرفة على صلة وثيقة بجماعات راديكالية كتنظيم الدولة الإسلامية وداعش والقاعدة هم؛ أنس عادل، أسامه اللحجي، والعربي، وتدور حولهم شبهات كبيرة في عمليات تصفية وإعدامات ميدانية لم يتم الكشف عنها حتى اللحظة، وهم من القيادات الميدانية التابعة لأبو العباس المدعوم إماراتيا.
من يحكم المربع الأمني؟
منذ اقتحام المدينة من قبل جماعة الحوثيين، تطوع الكثير من شباب وأبناء الحي من كافة المكونات السياسية للدفاع عنها، ومقاومة الحوثيين، وكان للتيار "السلفي" تواجد كبير، إضافة الى تيار حزب الإصلاح (المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين في اليمن)، ومع مرور الأيام باتت المنطقة خاضعة أمنيا لسيطرة كتائب القيادي السلفي أبو العباس، المدعوم من قبل الإمارات العربية المتحدة، والمصنف ضمن قوائم المتهمين بالإرهاب أمريكيا وخليجيا، فيما تلاشى دور حزب الإصلاح في المنطقة عقب إحكام كتائب أبو العباس السيطرة على المنطقة.
لواء العصبة
فصيل أمني آخر تعترف به الحكومة الشرعية وترفضه قيادة المحور العسكري بالمحافظة، ويقوده رضوان العديني، رجل أعمال سابق ومستثمر انتقل من العاصمة صنعاء الى تعز وأسس لواء عسكري في حي الجمهوري، يتخذ من بعض المدارس الواقعة في المنطقة مقرا له، وله كتائب عديدة تسيطر فعلياً على المنطقة، أفرادها من أبناء وشباب الحي، ينفي الكثيرون من أبناء الحي ارتباطه بأي جماعات متطرفة، بيد أن بعض النشطاء يتهمون الأفراد التابعين له ببعض عمليات الاختطاف والتصفيات الميدانية.
خمس جثث .. فلمن تكون؟
حاول مراسل "ديبريفر" التواصل مع قيادات أمنية في كتائب أبو العباس للتعقيب على اكتشاف الجثث الخمس في المنطقة الأمنية الواقعة تحت قبضتهم، لكن المحاولات بائت بالفشل، إلا أن مصدرا ميدانيا من نفس الحي، أوضح لمراسلنا أن الجثث تعود لجنود يتبعون ألوية عسكرية داخل المدينة، يحكمها قياديون يتبعون حزب التجمع اليمني للإصلاح.
إعدامات متبادلة..
يقول (ك.أ.هـ) من سكان حي الجمهوري أن عمليات الإعدام متبادلة بين طرفي النزاع الداخلي في المدينة، وأن استرخاص الدماء بات عملية "فاضحة" يصدرها الجميع داخل المدينة، مشيرا إلى وجود أكثر من جثة في منطقة سائلة "السعيد" الواقعة لسيطرة فصيل آخر، ومذكرا بعمليات تصفية أخرى جرت لبعض أفراد أبو العباس داخل المستشفيات الواقعة تحت سيطرة ذلك الفصيل، محذرا من عمليات انتقامية أخرى ربما يقوم بها الطرفان في قادم الأيام.
التعرف على بعض الجثث
عقب وصول الجثث الى أحد مستشفيات المدينة تداعى بعض الأهالي من ذوي المفقودين للتعرف عليها، حيث صدم الحاج عبدالله احمد محمد قاسم من منطقة صبر الموادم بعد مشاهدة جثمان ولده الجندي نشوان العسكري أحد منسوبي الشرطة العسكرية.
والد الضحية نشوان أوضح في تصريحات إعلامية أن ابنه اختطف وهو يحمل الماء والغذاء لزملائه في الجبهات.
هذا، ويتواصل تدفق الأهالي الى المستشفى أملا في التعرف على أبنائهم المفقودين بين الجثث التي تم اكتشافعا.