حذف موقع الجيش اليمني التابع للحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دوليا "سبتمبر نت" فقرة تخص توجيهات للرئيس عبدربه منصور هادي تقضي بدمج المقاومة الشعبية في تشكيلات الجيش اليمني بحسب ما كان أعلنه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن بحري عبدالله النخعي، عبر وكالة الانباء الرسمية (سبأ) بنسختها التابعة لـ"الشرعية".
ونقلت وكالة سبأ، عن الفريق النخعي تأكيده، الخميس، حرص قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان على المضي قدماً في استكمال بناء وهيكلة القوات المسلحة ودمج "المقاومة الشعبية" ضمن وحدات الجيش الوطني بناء على توجيهات الرئيس المشير الركن عبدربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة وبدعم واسناد من دول التحالف العربي بقيادة السعودية.
وذكرت الوكالة بأن رئيس الاركان خلال لقائه يوم الخميس في مدينة عدن جنوبي اليمن والتي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، عددا من القيادات العسكرية، شدد على ضرورة توحيد القرار العسكري وضبط القوة العسكرية ورفع الجاهزية القتالية والفنية لكافة الوحدات وتوفير غرفة قيادة وسيطرة مشتركة، مشدداً على أهمية اضطلاع الجميع بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم.
ورصدت وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، قيام موقع "سبتمبر نت" الإلكتروني الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني" التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بنقل نص الخبر كما أوردته وكالة الأنباء (سبأ)، غير أن "سبتمبر نت" تعمد حذف الفقرة المتعلقة بدمج قوات المقاومة الشعبية ضمن وحدات الجيش.
وموقع "سبتمبر نت" تابع لدائرة التوجيه المعنوي في ما يسمى "الجيش الوطني" وتديرها قيادات عسكرية وصحفية موالية لنائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح (فرع الاخوان المسلمين في اليمن).
الإصلاح يستهزأ بالرئيس
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون ما أقدم عليه الموقع الرسمية لقوات الحكومة "الشرعية" من حذف فقرة تخص رئيس الجمهورية، مؤشراً خطيراً على مستوى استهزاء القيادات الموالية لحزب الاصلاح برئيس الدولة، والذين ينفذون خطط الحزب وأهدافه ولا يهمهم استعادة كيان الدولة.
واعتبر هؤلاء المراقبين والمحليين، أن هذه الخطوة تؤكد أن حزب الإصلاح يسيطر على مقاليد القرار في "الشرعية" اليمنية ويخطط إلى ما بعد التسوية لإنهاء الصراع في اليمن والمستمر منذ قرابة أربع سنوات، ولا يريد دمج تشكيلات ووحدات عسكرية لا تدين بالولاء له في الجيش، خصوصاً وأن الحزب ذو التوجه الإسلامي "الأخواني" استكمل عملية دمج ألوية المقاومة التابعة له في محافظات مأرب والجوف وتعز وغيرها من المحافظات.
وأشاروا إلى أن قيادات حزب الإصلاح لا تريد دمج تشكيلات عسكرية أخرى لا توالي الحزب، خصوصاً قوات العمالقة المكونة من أفراد من جنوبي البلاد، وقوات "المقاومة الوطنية" التابعة لنجل شقيق الرئيس السابق الراحل علي عبدالله صالح العميد طارق محمد عبدالله صالح، وجميعها قوات تدعمها الإمارات العربية المتحدة بشكل رئيسي.
مراقبون ومحللون سياسيون في تصريحات لوكالة "ديبريفر" للأنباء، ربطوا تصرفات قيادة دائرة التوجيه المعنوي التي يرأسها العميد محسن خصروف المقرب من الفريق الأحمر، ومسؤول الإعلام في الدائرة، الصحفي أحمد عايض وهو قيادي إصلاحي ورئيس تحرير موقع "مارب برس" الاخباري الموالي لحزب الإصلاح مؤخرا، بانتقاد عايض لرئيس هيئة الأركان السابق اللواء طاهر العقيلي كون الأخير لاينتمي لحزب الإصلاح.
وهاجم عايض، اللواء العقيلي في منشور على "فيسبوك" واصفا إياه "بالقائد العاق للجيش الوطني والعثرة الثقيلة في درب ميامين الوطن"، حد تعبيره.
وعُين العقيلي مؤخراً، بقرار جمهوري من الرئيس هادي، مستشاراً للقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيسا للعمليات العسكرية الميدانية.
في أواخر يناير الفائت كشفت مصادر مطلعة في الحكومة اليمنية "الشرعية" بالعاصمة السعودية الرياض، عن أن وزير الدفاع محمد المقدشي ممنوع من السفر وتحت الاقامة الجبرية في الرياض بسبب خلافات حول إعادته لقيادة الجيش بعد تورطه بقضايا فساد كبيرة.
وأكدت المصادر الحكومية أن الفريق علي محسن الأحمر نائب رئيس الجمهورية، وطاهر العقيلي وهاشم الأحمر هم من يديرون وزارة الدفاع حاليا، بتنسيق سعودي.
وبررت تلك المصادر أسباب إشراف الفريق الأحمر على وزارة الدفاع إلى الضعف في أداء الوزارة و غياب مركزية القرار فيها نتيجة الخلاف حول تعيين المقدشي من قبل الرئيس هادي دون مشاورة قيادة التحالف ونائبه الأحمر ما أدى إلى تجميد صلاحياته.
وأثار غياب المقدشي عن الظهور في الفعاليات الرسمية خلال الفترة الأخيرة جدلاً واسعاً في أوساط نشطاء ومتابعين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي حيث طالبوا المقدشي بالظهور لتوضيح موقف وزارة الدفاع من التصعيد العسكري الذي تقوم به جماعة الحوثيين في منطقة حجور بمديرية كشر محافظة حجة الحدودية مع السعودية.
فساد في الجيش
تأتي هذه التطورات، في وقت تصاعدت الاتهامات والأصوات المنددة بفساد غير مسبوق مستشري في ألوية ووحدات الجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دولياً خصوصاً في محافظتي مأرب والجوف وكافة القطاعات، وكذا تزايد الاتهامات ضد قيادات في الجيش بوجود آلاف الأسماء الوهمية في قوامه، ما يكبد الحكومة اليمنية والتحالف العربي ملايين الدولارات شهرياً تذهب لجيوب متنفذين في الجيش، بينما تشهد معظم جبهات القتال ضد الحوثيين، سيما القريبة من العاصمة صنعاء، وتحديداً "جبهة نهم" حالة من الجمود منذ نحو عامين، رغم وجود أكثر من 150 ألف جندي في قوام الجيش اليمني في محافظة مأرب التي تغذي هذه الجبهة ويسيطر عليها حزب الإصلاح (فرع الاخوان المسلمين في اليمن)، وفقا لتأكيدات مراقبين ومحللين سياسيين وعسكريين.
وكشفت لجنة سعودية في أواخر فبراير العام الماضي، عن وجود آلاف الأسماء الوهمية في كشوفات الجيش اليمني التابعة للحكومة الشرعية في محافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء.
وقال مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية التابعة للرئيس هادي، حينها، إن لجنة سعودية تم تشكيلها آنذاك لبحث الإخفاقات في بعض الجبهات، توصلت إلى نتائج كارثية لما وصل إليه الفساد في القوات المتمركزة في محافظة مأرب التي تديرها قيادات من حزب الإصلاح وموالية له.
وأضاف المصدر في اتصال مع وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، في 25 فبراير العام الماضي، أن اللجنة السعودية اكتشفت تسجيل 120 ألف جندي وهمي في مأرب وحدها فقط، ولم تكشف اللجنة عن ملفات عدد من المحافظات الأخرى، وهذا الأمر يعني أن هناك قيادات عسكرية فاسدة تقوم بعمليات جمع الأموال على حساب أرواح البشر، وفقاً للمصدر.
وأكد أن عدد من القادة كانوا يقومون بتسجيل أعداد وهمية من الجنود ويتم صرف مرتبات ومؤن لهم في الوقت الذي لا توجد فيه تلك الأعداد على أرض الواقع، وعند حدوث هجوم من الحوثيين يجدون المواقع الخاصة بقوات الحكومة "الشرعية" فارغة ما يمكنهم من إحراز تقدم سهل كما حدث بمديرية صرواح في مأرب التي سيطرت عليها قوات "الشرعية"، ثم عاود الحوثيون السيطرة على معظمها نتيجة "الفساد العسكري"، وفقاً للمصدر.
واعتبر المصدر أن عمليات الفساد تلك "السبب الرئيسي، الذي دائما ما يؤخر عملية الحسم، لذا على السعودية مراجعة الحسابات ومحاكمة القيادات العسكرية الفاسدة الذين حولوا الحرب إلى استثمارات وتجارة خاصة بهم، وإقالتهم فورا".
وكان اللواء أحمد بن بريك، محافظ حضرموت السابق، رئيس الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي قال لـ"سبوتنيك"، في وقت سابق، إن "ما تم كشفه من فساد في مأرب قد يكون في معظم الجبهات، وفي اعتقادي أن التراجع وعدم الحسم يعود إلى الفساد الحكومي والعسكري والذي طال كل القطاعات ولم يترك حتى جبهات القتال".
اتهام أمريكي لقوات الشرعية
وفي ١7 أغسطس ٢٠١٨، كشف السفير الأمريكي السابق في اليمن، جيرالد فايرستاين، أن قادة كبار في الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية ينهبون ملايين الريالات كمرتبات لأسماء جنود وهمية، مما يسبب تأخر مرتبات جنود وأفراد المؤسسة العسكرية في اليمن.
وقال فايرستاين، حينها، لموقع "إرم نيوز" الإخباري الإماراتي، إن ما يحدث هو أن الطبقة النافذة والعليا تسحب ما شاءت من ميزانية الجيش لأنها بين أيديهم بالأموال النقدية، وحين يصل الدور في الدفع لصغار الجنود تكون الميزانية قد نفدت".. مشيراً إلى أن الفساد والسرقات هما الدافع الوحيد وراء تمسك قادة الجيش اليمني بالسيطرة على المبالغ النقدية.
وأكد السفير الأمريكي السابق أن قادة كبار في الجيش اليمني يقبضون مبالغ مالية من ميزانية البلاد، على أنها رواتب، لجنود وهميين.
واتهم فايرستاين، نائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، بأنه وراء إفشال مقترحه الذي تقدم به في العام 2012، وكان من شأنه تجنيب الجيش اليمني الفساد والسرقات، حيث اقترح أن يتم اعتماد نظام الدفع الآلي لمرتبات جنود الجيش اليمني. لكن الأحمر عمل على وأد المقترح، بإطلاق النار عليه، حد قوله.
واعتبر سفير أمريكا السابق أن الفساد في اليمن لا يقتصر على الجيش بل يشمل قطاعات أخرى حيث لم يتسلم 25 بالمئة من اليمنيين أية مرتبات منذ زمن طويل، والسبب هو استحواذ المسؤولين وأصحاب القرار على ميزانيات الدولة وتحكمهم بها وفقًا لأهوائهم، بالإضافة إلى دور الحوثيين في تدهور الاقتصاد اليمني، وفق تعبيره.
ويعيش اليمن منذ قرابة أربع سنوات، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.