رئيس "الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً يعلن استعداد قواته لمواجهة الحوثيين في جنوب اليمن (تقرير ديبريفر)

عدن (ديبريفر)
2019-05-03 | منذ 4 سنة

الزبيدي: لا نملك الا مشروعاً واحداً هو الاستقلال

تستمر دولة الإمارات العربية المتحدة في دعمها العلني للمجلس الانتقالي الجنوبي الساعي إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله في تعارض مع موقفها الرسمي الداعم لوحدة اليمن وسلامة أراضيه.

ويوم أمس الخميس، رعت الإمارات العربية المتحدة، مهرجاناً جماهيرياً في منطقة يافع جنوبي اليمن احتفاء بذكرى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

وقال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، في كلمة ألقاها في المهرجان وسط حراسة أمنية مشددة: "لا نملك الا مشروعاً واحداً هو الاستقلال واستعادة دولتنا كاملة وغير منقوصة، ولا خيار لنا سوى النصر" في إشارة إلى دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة والتي كانت قائمة في جنوب البلاد قبل الوحدة بين شطري اليمن عام 1990.

ويعيش اليمن منذ مارس 2015، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية، وقامت مؤخراً بإحكام سيطرتها على عدد من المناطق جنوب اليمن وإعلان عدد من القيادات العسكرية والقبلية الانضمام إليها.

ويزعم المجلس الانتقالي الجنوبي وقوفه إلى صف التحالف العربي وتحقيق أهدافه، وهو ما يتعارض مع ما يقوم به هذا المكون السياسي المسلح على الأرض، إذ يخالف عمله هذه الأهداف التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أمنه وأراضيه.

ودفع ذلك مجلس الأمن الدولي إلى أن يشدد في اجتماعه بتاريخ 4 فبراير 2019 على ما أسماها "الحاجة لإحراز تقدم للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل للصراع في اليمن، وفق ما دعت إليه قرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني"؛ مُجدداً دعوته للتطبيق "الكامل لقرارات وبيانات المجلس" التي تدعو وتساند وحدة اليمن وسلامة أراضيه.

وأعلن أعضاء مجلس الأمن نيتهم للنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات وفق الضرورة لدعم تطبيق كل القرارات ذات الصلة، مُشددين "على التزامهم القوي بوحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه".

وقال عيدروس الزبيدي في كلمته التي ألقاها في المهرجان الخطابي في يافع: "من يافع الكفاح، يافع الصمود، يافع النصر، نرسل رسالتنا الى المجتمع الدولي، لنقول ومن يافع تحديداً، إن تجاوز الجنوبيين لن يفضي الى أي سلام أبدا، فلن يقبل الجنوبيون أي حلول منقوصة، ومن يملك رجال كأبطال يافع فهو قادر على فرض إرادته، وحماية حقه المشروع في مستقبل يلبي طموحات وتطلعات شعبه".

رعت الإمارات مهرجاناً جماهيرياً في منطقة يافع احتفاء بذكرى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي

ويستقوي المجلس الانتقالي الجنوبي "المسلح" بدولة الإمارات العربية المتحدة التي عملت على تأسيسه ودعمه وتمويله لفرض سيطرته العسكرية على أجزاء من عدن وعدد من المناطق في محافظات مجاورة في جنوب اليمن، بعد قيام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 27 أبريل 2017 بإقالة عيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن التي تتخذها الحكومة "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد.

والمجلس الانتقالي الجنوبي، كيان مسلح، مدعوم من الإمارات العربية المتحدة ثاني أهم دولة في تحالف تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً. وتم إنشاءه في 4 مايو 2017، ويطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

ويدّعي المجلس أنه الممثل الشرعي الوحيد لجنوب اليمن، لكنه عادة ما يمارس ومؤيدوه سياسة الإقصاء ضد من يختلف معهم في جنوب البلاد. وهو لا يعترف بيمنيته إذ يزعم انه من الجنوب العربي ويدعو إلى تأسيس جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية.

ومنتصف العام 2017، شن المجلس الانتقالي الجنوبي حملة ضد رئيس الحكومة السابق الدكتور أحمد بن دغر للإطاحة به، وفي نهاية يناير من العام الفائت 2018 قام المجلس بمحاولة انقلاب عسكري للإطاحة بحكومة بن دغر وسقط إثر ذلك نحو 70 قتيلاً وعدد آخر من الجرحى، لكن محاولته تلك باءت بالفشل.

المجلس الانتقالي الجنوبي، كيان مسلح، مدعوم من الإمارات العربية المتحدة

وأكد الزبيدي في كلمته الخطابية في يافع، "في هذه الظروف التي لا شك انها أخذت منحنى المواجهة العسكرية الحاسمة، نؤكد أننا نمتلك قدرات عسكرية كفيلة بصد اي عدوان سافر" في اشارة إلى تقدم قوات جماعة الحوثيين نحو عدد من المناطق الجنوبية وفرض سيطرتها العسكرية عليها.

وأضاف الزبيدي الذي يتخذ من أبوظبي مقراً له: "لا زلنا حريصين على المضي بكم في طريق آمن وسنظل كذلك، وقد اخبرنا العالم أجمع أن حرصنا هذا لا يعني أن الجنوبيين غير جاهزين، بل على جهوزية عالية واستعداد كامل لبذل مزيداً من التضحية في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية الجنوبية، ونحن واثقون من ذلك وفخورون بذلك".

وكانت صحيفة "غارديان" نشرت تقريراً مطولاً بتاريخ 21 ديسمبر 2018، أكد أن الإماراتيين "هم أعضاء التحالف الوحيدون الذين لديهم استراتيجية واضحة. إنهم يستخدمون جيوشاً خاصة قاموا بتجهزيها ودربوا ومولوا جنودها في محاولة للقضاء على كل من المتشددين الجهاديين والأحزاب السياسية الإسلامية مثل الإصلاح".

وأضاف التقرير: "عبر الساحل الجنوبي – حيث تتحالف الإمارات مع الحركة الجنوبية الانفصالية، التي تعارض كلا من الحوثيين وحكومة هادي – بنى الإماراتيون سلسلة من المعسكرات والقواعد العسكرية، وأسسوا ما هو في الأساس دولة موازية، خدماتها الأمنية الخاصة التي لا تخضع للمساءلة أمام الحكومة اليمنية.

وأشار تقرير الـ"غارديان" إلى ما كشفته منظمتي "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" عن وجود شبكة سجون سرية في جنوب اليمن تديرها الإمارات وقواتها بالوكالة، المتهمون باختفاء وتعذيب أعضاء حزب الإصلاح ومقاتلي الحوثيين من فصائل متناحرة، وحتى نشطاء وناقدين للتحالف السعودي الإماراتي. وقد ذهب الوزراء اليمنيون للإشارة إلى الإماراتيين على أنهم قوة احتلال، وفق التقرير.

وكان عيدروس الزبيدي أعلن في 4 مايو 2017 في بيان أسماه بـ"إعلان عدن التاريخي" عن رفضه لقرار إقالته من منصبه كمحافظ لعدن وأستولى بالقوة المسلحة على مبنى محافظة عدن وسكن المحافظ التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وتحويله إلى مقر للمجلس الانتقالي الجنوبي، كما أعلن عن رفضه لأية قرارات تصدر من قبل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في البيان الذي اعتبره مراقبون "انقلاباً" على الدولة التي يرأسها الرئيس هادي.

وكان عيدروس الزبيدي أعلن في بيانه ما يلي:

أولاً: يسمى هذا القرار (إعلان عدن التاريخي) ويحمل القوة القانونية للنفاذ المستمدة من الإرادة الشعبية الجنوبية.

ثانياً: تفويض القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية (برئاسته) لإدارة وتمثيل الجنوب، وتتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته.

ويخول القائد عيدروس قاسم الزبيدي بكامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم من الاجراءات لتنفيذ بنود هذا الإعلان.

ثالثاً: يجدد الحشد المليوني التأكيد على أن الجنوب كوطن وهوية في حاضرة ومستقبله لكل أبنائه وبكل أبنائه وأن جنوب ما بعد 4مايو2017م ليس كجنوب ما قبل هذا التاريخ على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية الجنوبية.

رابعاً: إن الحقائق الواقعة على الأرض أثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممهورة بالدم المشترك والتضحيات المستمرة وصولاً للارتقاء بهذه الشراكة الاستراتيجية لإنجاز الأهداف المشتركة للتحالف العربي لصد خطر المد الإيراني التوسعي.. ومكافحة الإرهاب وضمان أمن واستقرار المنطقة واستعادة شعب الجنوب لسيادته على أرضه كعامل حاسم لأمن المنطقة، وكذا فإن هذا الحشد المليوني يؤكد مجدداً للمجتمع الدولي والعربي والعالمي وكل المنظمات الحقوقية والإنسانية التزامه التام بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت يجدد مناشدته إلى المجتمع الدولي إلى مساعدة شعب الجنوب وتخفيف معاناته بتحقيق تطلعاته القانونية المشروعة.

خامساً: يعمل بهذا الاعلان من حين صدوره يوم الخميس 4مايو 2017م.

 

بالنسبة إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، فلطالما حدد مسار القضية الجنوبية في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي ينهي النزاع المسلح في اليمن المستمر منذ أواخر مارس 2015.

وقال غريفيث قبل مشاورات السويد التي جرت في ديسمبر الماضي بين الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين (أنصار الله) برعاية الأمم المتحدة: "من الضروري أن يدرك الجنوبيون ما سيحدث في المشاورات، ولاحقاً في المفاوضات لأنها ستؤثر فيهم. إن مسألة مستقبل الجنوب لن يتمّ التفاوض بشأنها في هذه المشاورات. بل ستكون جزءاً من نقاش يمني في المرحلة الانتقالية. لقد شرحنا ذلك للجنوبيين، وقد أوضحنا ذلك لجميع المعنيين وهم يوافقون على ذلك".

وأضاف: "بصفتي مبعوث الأمم المتحدة أؤمن بسيادة ووحدة وأمن أي دولة، التي هي قيم الأمم المتحدة، فإننا لا ندعم الانفصال، نحن لا ندعم أي انفصال ما لم يكن نتيجة عملية توافقية داخل تلك الدولة العضو، لذلك نحن بالفعل نأخذ الرأي القائل إن وحدة اليمن مهمة، وهي فعلاً كذلك. إذا انفصل اليمن اليوم فسيكون ذلك كارثياً".

وتتمسك الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بمرجعيات الحل السياسي الثلاث، وتؤكد أن "مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور اليمني الجديد، حددت بصورة واضحة شكل الدولة الجديدة التي توافق عليها اليمنيون، وهي الدولة الاتحادية البعيدة عن المركزية، وفق مبادئ العدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد".

وفي ما يتعلق بـ"طرح فكرة الحكم الذاتي"، تقول الحكومة اليمنية الشرعية إن "أي حديث عن شكل الدولة اليمنية يجب أن ينسجم مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني". وتضيف: "فهمنا لبعض التصريحات التي صدرت هو في ذلك السياق، وفي الإطار ذاته الذي أقرته المرجعيات المتفق عليها، وليس غير ذلك"، في إشارة إلى أن دعوة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، لحكم ذاتي، يقوم على أساس التقسيم الفيدرالي المقر في مؤتمر الحوار، بتحويل البلاد إلى دولة اتحادية مؤلفة من ستة أقاليم.

وكانت صحيفة "الخليج" الإماراتية القريبة من مركز الحكم في الإمارات، قالت في افتتاحية لها بتاريخ 10 نوفمبر 2017: "لم يكن خيار الاستفتاء بهدف الانفصال واقعياً، سواء في كردستان أو كتالونيا، خصوصاً أن المحيط، والعالم صارا يرفضان التوجه نحو التفكك، ويبحثان عمّا يجمع الدول والشعوب، لأن ترك خيار الانفصال يتمدد في أكثر من منطقة من شأنه أن يزيد من أزمات العالم، ولا يعمل على حلها، والنموذج السوداني بانفصال الجنوب عن شماله، دليل على انعدام المشروع السياسي لمؤيدي الانفصال، حيث تعيش دولة جنوب السودان حروباً داخلية طاحنة نسفت كل الأحلام التي بناها دعاة الانفصال في دولة مزدهرة".

قالت صحيفة الخليج الإماراتية إن مشروع الانفصال لا مستقبل له، ومواقف دولة الإمارات ترفض مشاريع التفكك

وأضافت الصحيفة الإماراتية: "والواقع في مختلف دول العالم يؤكد أن الانفصال لا يكون حلاً للصراعات الداخلية، فبقدر ما يزيد من اشتعال النزاعات بين الأطراف المحلية، يسبب صداعاً مزمناً للجيران، لذلك يدعم العالم الدول القوية التي تقوم على التنوع في إطار الدولة الواحدة، فالانفصال إذا نجح في دولة ما، فإنه لن يقف عند حدوده، بل ستنتقل العدوى إلى الجزء المنفصل أيضاً، وهي خطوة تزيد من تعقيدات المشهد لا المساعدة في إيجاد حل".

وتابعت الصحيفة على نحو قاطع: "مشروع الانفصال لا مستقبل له، ومواقف دولة الإمارات العربية المتحدة، المستندة إلى تجربتها الوحدوية، ترفض مشاريع التفكك والانفصال، لقناعتها بأن هذه المشاريع تفتيتية ولا تساعد على حل أي أزمة".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet