أكدت لجنة الإعتصام في محافظة المهرة، أقصى شرق اليمن، اليوم الثلاثاء رفضها، لغة التهديد والوعيد من الحكومة المعترف بها دولياً، واتهمت الأخيرة بالتضليل لإخفاء حقيقة الأوضاع وما يجري في المحافظة من تصاعد للاحتجاجات الشعبية الرافضة لتواجد القوات السعودية فيها.
لجنة الاعتصام وفي بيان رداً على تحذيرات مصدر في الحكومة "الشرعية" مساء الإثنين من "الانجرار خلف دعوات العنف والفوضى" في المهرة، عبرت عن استنكارها الشديد لما وصفتها بـ"المغالطات والمكايدات الكاذبة لتضليل الرأي العام المحلي والدولي عن حقيقة الأوضاع وما يجري في محافظة المهرة".
واعتبر البيان الذي اطلعت عليه وكالة ديبريفر للأنباء أن تصريح المصدر الحكومي "وقف ضد الضحية ومظلومية أبناء المهرة، ودافع عن الجلادين الذين يحتلون المهرة ولم يأتوا إليها إلا لتحقيق أطماعهم القديمة الجديدة تحت ذرائع واهية."
وقال البيان إن تصريح المصدر الحكومي "دافع بدون حياء أو خجل عن العبث والفساد الذي استشرى في محافظة المهرة منذ تعيين راجح باكريت المدعوم من السعودية على رأس هرم السلطة المحلية في المحافظة."
وشددت لجنة اعتصام المهرة على رفضها القاطع للغة التهديد والوعيد من الحكومة "الشرعية" التي اعتبرتها "محاولة بائسة للنيل من أبناء المهرة الشرفاء، واعتصاماتهم السلمية، ومحاولة فاشلة لربط الاعتصامات بقضايا أخرى لا تمت لأبناء المحافظة بأي صلة"..
وأضاف البيان أن "المعتصمين يمارسون حقوقهم المشروعة في الدفاع عن الأرض والهوية والسيادة والمؤسسات الرسمية الشرعية وتمكينها من أداء واجباتها، ومحاربة الفساد، والمطالبة بتقديم الفاسدين للعدالة".
وجددت اللجنة وقوفها خلف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وتأييدها لدول التحالف العربي في إطار الأهداف المعلنة.
وأردفت: "بلا شك أن تواجد القوات السعودية في المحافظة غير مبرر ومخالف ومنافي تماما لتلك الأهداف المعلنة ".
ورفض البيان تشويه عظمة المطالب الوطنية للمعتصمين التي لا تتعارض أبداً مع أهداف القيادة الشرعية ورفض استهداف الشيخ علي سالم الحريزي.
وحذرت لجنة الاعتصام بأنه "في حال استمرار التجاهل وغض الطرف عن مطالب المعتصمين، وكيل الاتهامات والمغالطات الرخيصة؛ سيكون لأبناء المهرة الكلمة الفصل في تصعيد خياراتهم دفاعاً عن محافظتهم، وكرامتهم، ومصالحهم، والوقوف صفاً واحداً وبكل صلابة ضد التواجد السعودي ومليشياته والاستفزازات والممارسات العنجهية، والتضييق على أبناء المحافظة والتحكم في منافذها البرية والبحرية والجوية ونهب خيراتها ومواردها، وإفراغ مؤسساتها الشرعية من محتواها ومهامها".
وجد البيان إصرار وتمسك المعتصمين بمطالبهم "برحيل القوات السعودية من المحافظة وكل المليشيات المسلحة التي أنشأتها خارج إطار القانون والدستور، وسرعة إقالة راجح باكريت ومحاسبته وإحالته للتحقيق".
وعبر البيان عن الاستغراب والدهشة من تجاهل تصريح المصدر الحكومي لما ورد من حقيقة الفساد في المحافظة في مذكرة النائب العام ونيابة الأموال العامة بتوقيف العبث بإيرادات المحافظة والتحقيق في فساد باكريت بصرف موارد المحافظة من أموال طائلة بفساد مفضوح ومكشوف للجميع، بالتلاعب بالمال العام وشراء الذمم، وتقديم الهبات والهدايا لتمليع الاحتلال السعودي الإماراتي وراجح باكريت، على حد قول اللجنة .
وكان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية "الشرعية" دعا يوم الإثنين، المواطنين في محافظة المهرة، إلى مساندة جهود أجهزة الجيش والأمن وقوات التحالف العربي، في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار ورفض الفوضى والدعوات التحريضية التي تهدف إلى إثارة العنف والفوضى في المهرة.
وقال المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) بنسختها في الرياض وعدن، والتابعة للحكومة الشرعية ، : "إن ما تقوم به بعض الشخصيات والجهات التي فقدت مصالحها وتعمل لخدمة الانقلاب الحوثي في آن واحد من دعوات للفوضى وأعمال خارج إطار القانون وتهديد بإقلاق السكينة العامة في المهرة وفي مقدمة هؤلاء المدعو علي سالم الحريزي هو أمر مرفوض لن تصمت عنه الأجهزة الأمنية وستقف في وجه كل من يعرقل مسيرة الأمن والتنمية بالمحافظة التي يقود مسيرتها الرئيس عبد ربه منصور هادي ، وبدعم أخوي وسخي من دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ".
كما دعا المصدر"كل المكونات والمواطنين من أبناء المهرة إلى تفويت الفرصة على مشعلي فتيل الأزمة والمتزعمين لجر المحافظة إلى مربع الفوضى والعنف بعد أن خسر الانقلاب فرصة دفع المحافظة إلى هذا المربع وذلك تنفيذا لأجندة دول لا تريد الخير للبلاد".
والشيخ علي سالم الحريزي، هو وكيل أول المحافظة السابق وأحد أبرز القيادات المعارضة للوجود السعودي، رئيس اللجنة المنظمة لاعتصام المهرة ، وتتهمه الحكومة "الشرعية" والتحالف إثارة الفتن بين القبائل وادعاء احتلال السعودية للمهرة وتشويه صورة التحالف العربي.
وصعّد الحريزي من مناهضته للوجود السعودي، وساهم في حشد قبائل المهرة لمناهضة الوجود العسكري السعودي، مؤكداً أن "المهرة لن تكون لقمة سائغة أمام السعودية وكل من يريد العبث بأمن اليمن".
وينفذ أبناء المهرة وقياداتها القبلية والسياسية منذ عدة أشهر اعتصامات ووقفات احتجاجية تطالب بمغادرة القوات السعودية ورفضاً لمشروع الأنبوب النفطي الذي تعمل السعودية على إنشائه من أراضيها، حتى سواحل بحر العرب في المهرة، أقصى شرقي اليمن، كما تطالب بإقالة المحافظ راجح باكريت المتهم بسوء الإدارة وإهدار المال العام وإنشاء مليشيات خارج إطار أجهزة الدولة.
ونشرت السعودية التي تقود تحالفاً عربياً عسكرياً في اليمن منذ مارس 2015، دعماً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قوات كبيرة في المحافظة أواخر ديسمبر 2017، وعززتها العام الماضي بقوات أخرى أحكمت من خلالها السيطرة على مطار الغيضة وميناء نشطون ومنفذي شحن وصرفيت على الحدود العمانية، مبررة ذلك بحماية الحدود ومنع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى جماعة الحوثيين "أنصار الله" عبر السلطنة، وتمنع هذه القوات حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون ، وحولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
وتحاول السعودية السيطرة على محافظة المهرة منذ أواخر العام 2017، واستحداث مواقع ونقاط تفتيش في مناطق عدة منها بعد أن سيطرت على مطار الغيظة وميناء نشطون، وسط معارضة شديدة من الأهالي الذين ينظمون وقفات ومهرجانات احتجاجاً على الوجود السعودي.
وتعتبر محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، المُحاذية للحدود مع عُمان، التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، مع قوات سعودية، بعيدة عن أزمات اليمن وحروبها، بمنأى عن نفوذ جماعة أنصار الله (الحوثيين)؛ وفي مأمن عن نشاط التنظيمات الإرهابية “القاعدة” و تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
كما تعد المهرة المطلة على بحر العرب، من المحافظات اليمنية ذات الأهمية الكبيرة، نظرا لموقعها الإستراتيجي والثروات الطبيعية لمحافظة المهرة جعلها محل أطماع القوى الخارجية تتصل بصحراء الربع الخالي من الشمال وتمتلك شريط ساحلي على بحر العرب بطول 500 كم؛ تشترك مع عُمان بشريط حدودي شاسع وترتبط معها بمنفذي (شحن، صرفيت)، وتقترب مساحتها من مساحة الإمارات (297،67 كم مُربع).
اقتصادياً، تمتلك المهرة موارد طبيعية متنوعة؛ تزخر بالعديد من المعادن الثمينة على رأسها الذهب والرخام والرصاص، وتُشكل منطقة واعدة للاستكشافات النفطية والغازية.