أكدت مصادر حكومية أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي جمع اليوم الأربعاء، محافظ البنك المركزي اليمني حافظ فاخر معياد، ونائبه شكيب سعيد حبيشي، لإغلاق صفحة الخلاف الذي تصاعد مؤخرا داخل أروقة البنك المركزي بين الرجلين على خلفية توجيه النائب بطرد مستشار محافظ البنك رشيد الانسي وسحب الختم من مكتب معياد واتهامات متبادلة بالفساد.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها في عدن والرياض والتابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن الرئيس هادي أكد على أهمية توحيد الجهود والإمكانات لرفع وتيرة الأداء وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي المرتبط إيقاعه بأداء ونشاط البنك المركزي اليمني، مشيدا بجهود قيادة البنك التي تعمل جاهدة لتحقيق ذلك الاستقرار وتمكنها من تجاوز العديد من الصعاب وخلق استقرار مالي ومصرفي ملموس.
وشدد الرئيس اليمني خلال لقائه في العاصمة السعودية الرياض، محافظ البنك المركزي ونائبه على أهمية تعزيز الموارد بالتنسيق والتعاون مع مختلف الأجهزة والقنوات المالية ليتعافى الواقع الاقتصادي رويداً رويداً وتجاوز التحديات المترتبة تداعياتها جراء تمرد مليشيات الحوثي على الوطن والعبث بمقدراته.
وقال هادي "بتكاتف وتعاون المخلصين من أبناء الوطن وبدعم الأشقاء في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، سنتجاوز معاً مختلف الصعوبات والانطلاق صوب بناء اليمن الاتحادي الجديد".
من جانبهما نوه محافظ البنك المركزي ونائبه بتوجيهات الرئيس هادي التي تمثل لهم أولويات برنامج عمل، وفقاً لوكالة (سبأ).
وجددا التأكيد على بذل قصارى جهودهم لتحقيق الأهداف والتطلعات المنشودة بما يفضي إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي المأمول.. مشيرين إلى عدد من البرامج والخطط التي ستبحث مع الحكومة والتي سيكون لها مردود وانعكاس إيجابي في تنمية الموارد على المستوى المنظور.
جاء تدخل الرئيس هادي، لإنهاء الخلاف الحاد بين محافظ البنك المركزي ونائبه، عقب تصاعد تحذيرات خبراء مصرفيون واقتصاديون من إمكانية أن تشهد العملة المحلية (الريال) تدهوراً متسارعاً في قيمتها نتيجة الخلاف الذي يهز الثقة في مؤسسة البنك المركزي، وكذلك بعد تلويح محافظ البنك المركزي اليمني حافظ فاخر معياد، يوم الاثنين، بالاستقالة من منصبه، مجدداً.
وكشف مصدر مقرب من محافظ البنك المركزي اليمني حافظ فاخر معياد، مساء الاثنين، عن عدد من الأمور والقضايا ومنها موعد ترك المحافظ لمنصبه، متهماً "فريق معروف" لم يسمه، بشن "حملة استهداف لشخص المحافظ وفريق عمله في البنك وصلت إلى محاولة تأليب رئيس الجمهورية ضد المحافظ بل والمطالبة بإحالته إلى التحقيق".
وقال المصدر في بيان، للمركز الإعلامي للبنك المركزي اليمني، نشره معياد على صفحته بالفيسبوك، ورصدته وكالة "ديبريفر" للأنباء الدولية، إن "مالا يعلمه الكثيرين أن المحافظ معياد عند قبوله المنصب، أتفق مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على تولي منصب المحافظ لستة أشهر فقط، وكان قبوله للمنصب خطوة لتجنب الانهيار الاقتصادي خاصة بعد توقعات الاقتصاديين حينها، بما فيهم اقتصاديي الشرعية، بتخطي الدولار حاجز الألف ريال بل والألف وخمسمائة ريال للدولار الواحد، وعموماً لم يتبق سوى شهر من الزمان على الاتفاق، والمحافظ مصر على الالتزام بذلك الموعد".
وعيّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في 20 مارس الماضي، حافظ معياد محافظاً للبنك المركزي ومقره الرئيس مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، خلفاً لمحمد زمام، وذلك بعد أشهر من المشاكل الاقتصادية التي عمت البلاد، وأبرزها التدهور الحاد في قيمة العملة المحلية. كما يُعد معياد ثالث محافظ للبنك المركزي اليمني خلال عامين ونصف.
وجاء قرار هادي، بتعيين معياد أحد الشخصيات الاقتصادية المقربة من سلفه، الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، بعد أقل من ثمانية أشهر من تعيينه مستشاراً للرئيس ورئيساً اللجنة الاقتصادية في البلاد.
وفقد الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ العام 2015، وتسبب في ارتفاع مهول للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء السلع الأساسية لاسيما الغذائية، خصوصاً مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ نحو ثلاثة أعوام عندما قرر الرئيس هادي نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.
خلافات عاصفة
ويوم السبت الفائت، كشف مصدر مطلع في البنك المركزي اليمني، لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، عن خلافات وصفها بـ"عاصفة" بين محافظ البنك حافظ معياد ونائبه شكيب حبيشي، من المحتمل أن ترتد سلباً على أداء البنك وقيمة العملة المحلية في البلاد.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن السبب الرئيس وراء الخلافات، هو استقدام محافظ البنك أشخاصاً كانوا يعملون في مقر البنك المركزي في صنعاء، وتعيينهم في مناصب إدارية داخل المقر الرئيس للبنك المركزي في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (الشرعية) عاصمة مؤقتة للبلاد.
وأفاد المصدر بأن تعيينات المحافظ معياد أثارت حفيظة عدد من مسؤولي وموظفي البنك المركزي في عدن الذين اعتبروا ذلك إقصاء للكوادر الموجودة سابقاً في البنك الذي كان فرعاً للبنك المركزي في صنعاء قبل أن تقرر الحكومة "الشرعية" نقل المقر الرئيس للبنك إلى عدن في سبتمبر 2016 لسحب سلطاته من أيدي الحوثيين الذين سيطروا عليه منذ أواخر عام 2014.
ولفت مصدر "ديبريفر" إلى أن تلك الخلافات إذا ما استمرت، فستؤثر سلباً على أداء البنك وبالتالي على سعر الريال اليمني أمام العملات الأخرى.
فيما أكد مصدر أمني مطلع، لوكالة "ديبريفر"، أن جهة أمنية سيادية في عدن، أوقفت يوم الخميس الفائت، مستشار محافظ البنك المركزي للرقابة والالتزام، رشيد الآنسي واستجوبته بشأن عدة قضايا متصلة بنشاط وأمن البنك.
وقال المصدر إن الانسي خضع لتحقيق استمر نحو ست ساعات من قبل ضباط بجهاز الأمن القومي بشأن اقتحامه مكتب مسؤول في البنك المركزي اليمني وكذا تصويره بجواله خزائن البنك بالإضافة إلى الاشتباه بعلاقته بصرافين موالين لجماعة الحوثيين في صنعاء.
وبات الوضع المالي أكثر فوضوية منذ قررت حكومة الرئيس هادي "الشرعية" في سبتمبر 2016 نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين متنافسين يعملان في البلاد، بالإضافة إلى توقف صرف مرتبات حوالي مليون موظف حكومي حتى الآن.
وقبل أن تتملص حكومة الرئيس هادي من تعهداتها بصرف مرتبات جميع الموظفين حينما قررت نقل البنك المركزي إلى عدن، كان البنك في صنعاء يصرف المرتبات لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة في جميع المحافظات رغم سيطرة الحوثيين عليه.