شددت الأجهزة الأمنية في محافظة عدن جنوبي اليمن، إجراءاتها الأمنية في مداخل المحافظة الساحلية وشوارعها، عقب هجومين أمس الخميس تبنت جماعة الحوثيين أحدهما، وراح ضحيتهما ما لايقل عن 49 عسكرياً.
وعززت القوات الأمنية تواجدها وإجراءاتها مع ورود أنباء عن هجمات إرهابية محتملة قد تشهدها المدينة خلال الساعات القادمة.
وذكرت مصادر أمنية مطلعة في مدينة عدن لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن هناك مخاوف من وجود سيارات مفخخة قد تستهدف مقرات أمنية في المدينة التي تتخذه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.
وطالبت الأجهزة الأمنية المواطنين بعدم الاقتراب من المقار الأمنية والعسكرية حرصاً على سلامتهم عقب الأحداث الدامية التي عاشتها عدن.
وسقط ما لا يقل عن 49 قتيلاً وعشرات الجرحى في هجومين استهدافا صباح الخميس عرضاً عسكرياً ومركز شرطة في محافظة عدن.
وأعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله)، مسؤوليتها عن الهجوم، مؤكدة أنها استهدفت بطائرة مسيّرة وصاروخ باليستي قصير المدى، عرضاً عسكرياً لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وقوات الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً في معسكر الجلاء بمديرية البريقة في محافظة عدن، قتل فيه 36 عسكرياً بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعية المكنى بـ"أبو اليمامة"، وفقاً لبيان من وزارة الداخلية في حكومة "الشرعية".
وجاء هجوم الحوثيين بعد دقائق من هجوم آخر لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، قُتل وجُرح فيه 13 جندياً بتفجير سيارة مفخخة استهدف مقر شرطة في مديرية الشيخ عثمان بعدن.
إلى ذلك توعدت إدارة أمن عدن، مساء يوم الخميس، بملاحقة "عناصر الجماعات الإرهابية والخلايا الحوثية والجهات الداعمة لها ومن يقف خلفها أينما كانوا".
وقال المتحدث الرسمي لإدارة أمن عدن النقيب عبد الرحمن النقيب في تصريح صحفي "إن العناصر المارقة الخارجة عن أصول الإسلام وسماحته والتي استهدفت صباح الخميس قسم شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة تعلم جيدا أن أيادينا ستصل إليها قريبا ولن تفلت من العقاب الذي تستحقه باستحلالها دماء الأبرياء التي لن تذهب هدرا".
وأضاف: "معركتنا مع الإرهاب بأضلاعه الثلاثة الحوثية والإخوانية (حزب الإصلاح) والداعشية مستمرة ولها أثمان غالية يدفعها شعبنا من دماء خيرة أبنائه الزكية الطاهرة". ويقصد بأضلاعه "الثلاثة الحوثية والإخوانية والداعشية " جماعة الحوثيين، وحزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) ، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وتتهم قوى سياسية يمنية وجنوبية أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، قوى في حزب الإصلاح تسيطر على القرار في الرئاسة اليمنية، بالعمل على زعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة عملية تطبيع الأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية "المحررة" وكذا التخاذل في تأخير الحسم العسكري ضد الحوثيين.
في السياق ذاته، اعتبر الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة بالساحل الغربي لليمن وضاح الدبيش، أن استهداف شرطة مديرية الشيخ عثمان ومعسكر الجلاء التدريبي في مديرية البريقة في آنٍ واحد، دليلاً على وجود "تنسيقا كاملاً بين الحوثيين وعناصر القاعدة وداعش".
وأثارت هجمات عدن غضبا واسعا من سياسيين وناشطين يمنيين على منصات التواصل الاجتماعي وشنوا هجوماً حاداً على الحكومة الشرعية.
واتهم بعض الناشطين والصحفيين في جنوب اليمن الحكومة الشرعية اليمنية، وأبناء المحافظات الشمالية، بخدمة المشروع الحوثي، مطالبين بطردهم من مدن الجنوب، في توجه عنصري كما يراه المراقبون.
وقال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي لطفي شطارة، إن ما حدث في عدن رسالة للتحالف العربي بأن التوقيت وطريقة التنفيذ يكشف عن مخطط لايستثني أحد، وأن ما حدث يضع الجميع أمام خيارين إما الضرب بيد من حديد أو العودة إلى المربع الأول.
من ذكر السياسي والدبلوماسي، سفير اليمن لدى بريطانيا الدكتور ياسين سعيد نعمان القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، أنه "لا يمكن النظر إلى الأحداث الإرهابية في عدن اليوم إلا من الزاوية التي أخذ فيها الإرهاب يتعرى ويخلع ملابسه المتعددة الألوان، يعانق بعضه في مواجهة مع من يعتبره خصماً مشتركاً انتقاما مما لحق به من هزائم في الجنوب من ناحية، وتنفيذاً لتوجيهات صادرة عن مركز القرار المنسق لهذه الأعمال الإرهابية بوسائلها المختلفة من ناحية أخرى"، لكنه لم يوضح ما يقصده بـ"مركز القرار".
وأضاف نعمان: "الجنوب خاض معارك ناجحة مع جماعات الإرهاب: الانقلابيين الحوثيين، والقاعدة وداعش، وكل من يقف وراءهما دعماً وتمويلاً وتوجيهاً، لكن ما يجب تداركه هو أن هذه المعارك لن تتوقف عند جغرافيا بعينها، لذلك يظل هذا النجاح عرضة للمزيد من التآمر، فما لم يتأسس هذا النجاح على قاعدة الهزيمة الشاملة لمكونات هذا الإرهاب على صعيد اليمن بأكمله فإنه سينشئ تحالفاته لضرب المواقع التي هزم فيها مستخدماً وسائل تنسيق عالية المستوى خارجياً وداخلياً لعمل آلياته المتكاملة في العمل الارهابي وبكل ما يكتنفها من رذائل وقبح".
حماية عدن يبدأ بتحرير صنعاء
فيما قال رئيس الحكومة اليمنية الشرعية السابق أحمد عبيد بن دغر في سلسلة تغريدات في تويتر، إن "هذه العملية دليل حقيقي على أن خطر الميليشيا لا يختلف عن خطر التنظيمات الإرهابية الأخرى، خاصة وقد تزامنت هذه العملية مع عملية إجرامية إرهابية أخرى استهدفت مؤسسة الشرطة ورجالها الأشاوس".
واعتبر بن دغر أن: "حماية عدن وكل المناطق المحررة يبدأ بتحرير صنعاء من سلطة المليشيات الغاشمة، واستعادة الدولة وهزيمة الانقلاب".
خطأً فادحاً
بينما رأى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، الدكتور محمد جميح، أن الهجمات التي تعرضت لها عدن الخميس، تؤكد بأن وقف معركة الحديدة كان خطاءً فادحاً.
وقال جميح في تغريدة بـ"تويتر"، تعليقاً على حادثة استهداف معسكر الجلاء بطائرة مسيرة حوثية: "ضرب عدن اليوم يؤكد أن الحوثي خطر على جميع اليمنيين، ويفضح من يفتح جبهات جانبية تخدم الانقلاب. واستدرك قائلاً: "لم يفت الأمر والخيار لكم".
واختتم جميح تغريدته بالقول: "إما أن تستمروا في معارك جانبية أو توحدوا الجهود لمواجهة الانقلاب".