ألمح رئيسا البرلمان والحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً، اليوم الأحد، إلى تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، لوقف حملات الاعتقال والتحريض والترحيل لأبناء المحافظات الشمالية من مدينة عدن ومحافظات أخرى في جنوبي البلاد على يد قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح الموالي للإمارات والمدعوم منها.
وقال رئيس مجلس النواب اليمني (البرلمان) الموالي للشرعية، سلطان البركاني، اليوم الأحد في تغريدة عبر تويتر: "إن لحظات الفرج قد اقتربت وإن ما يجري في عدن وبعض المحافظات سيتم تجاوزه خلال الساعات القادمة".
وأضاف: "رئيس الدولة وبقية قيادات الدولة والاشقاء يعملون بكل جهد وعزيمة وإصرار على إنهاء وعودة الأوضاع إلى طبيعتها.
ومنذ مساء الخميس الفائت، تقوم قوات الحزام الأمني في عدن والمدعومة من الإمارات العربية المتحدة والموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، بتنفيذ عمليات اعتقال وترحيل وطرد طالت المئات من أبناء المحافظات الشمالية من محافظة عدن جنوبي اليمن في حملات يصفها المراقبون بـ"عنصرية".
وجاءت حملات الحزام الأمني بعد ساعات من وقوع هجوميين داميين صباح الخميس في عدن استهدفا، مركز شرطة وعرضاً عسكرياً لقوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي ومدعومة إماراتياً سقط فيهما ما لا يقل عن 50 قتيلاً وعشرات الجرحى من العسكريين بينهم قائد رفيع تابع للمجلس.
وأعلنت جماعة الحوثيين (أنصار الله)، مسؤوليتها عن أحد الهجومين، مؤكدة أنها استهدفت بطائرة مسيّرة وصاروخ باليستي قصير المدى، عرضاً عسكرياً لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وقوات الحكومة المعترف بها دولياً في معسكر الجلاء بمديرية البريقة غربي محافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.
وقتل في الهجوم على العرض العسكري 37 عسكرياً بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير محمود اليافعي المكنى بـ"أبي اليمامة.
وجاء هجوم الحوثيين بعد دقائق من هجوم آخر قُتل فيه 13 جندياً بتفجير سيارة مفخخة استهدف مقر شرطة في مديرية الشيخ عثمان أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنه، يوم الجمعة.
ويعيش اليمن للعام الخامس على التوالي، صراعاً دموياً على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية.
في سياق متصل كشف رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الدكتور معين عبد الملك، اليوم الأحد، عن وجود اتصالات مع قيادات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، لوضع حد لما يجري في مدينة عدن من وحملات تحريض وترحيل قسري للمواطنين من أبناء المحافظات الشمالية.
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك في سلسلة تغريدات على "تويتر"، تابعتها وكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء: "إن ما يحصل في عدن من انتهاكات تطال بالأذى والإهانة مواطنين يمنيين بدوافع مناطقية لا يمكن التغاضي عن تبعاتها الخطيرة في شق النسيج الاجتماعي، وإضعاف جبهة الشرعية والتحالف في مواجهة مليشيا التمرد الحوثي والمشروع الإيراني في المنطقة".
وأضاف: "نجري اتصالات عالية مع قيادات التحالف لإيقاف هذه الانتهاكات ونضغط في اتجاه الحل، لا صب مزيد من الزيت على نار خطاب الكراهية والتصرفات المناطقية".
وأكد رئيس الوزراء اليمني أن التزام حكومته والتحالف "بالدفاع عن كل المواطنين ثابت ولا مجال للمساومة حين يتعلق الأمر بحياة الناس وأمنهم ونتحمل جميعاً مسؤولية إيقاف هذه الانتهاكات كما سيتحمل تبعاتها كل من يدعو أو يبرر لتصعيد هذه الانتهاكات".
وحول استغلال الحوثيين لما يجري في عدن قال عبدالملك: "محاولة الحوثيين استغلال ما يحدث في عدن سيفشل، ولن يغير من حقيقة مسؤوليتهم عن تدمير مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي واقترافهم أسوأ انواع الممارسات العنصرية والاجرامية حيال الشعب اليمني في كل مكان من ارض الوطن".
وروى لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، شاهدا عيان من أبناء مدينة عدن، تفاصيل عمليتين تم فيهما اعتقال وترحيل قوات الحزام الأمني مواطنين من أبناء المحافظات الشمالية يعملان في مهن بسيطة.
تدخل بطلب هادي
وفي وقت سابق اليوم الأحد، كشف مصدر مطلع في الرياض، أن المملكة العربية السعودية بدأت اليوم ممارسة ضغطاً على الإمارات العربية المتحدة والمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح المدعوم من أبو ظبي، من أجل إيقاف عمليات الاعتقالات والترحيل القسري لأبناء المحافظات الشمالية اليمنية من مدينة عدن ومحافظات أخرى جنوبي اليمن.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريح لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن هذه التحركات السعودية جاءت بعد تواصل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض، مع قيادات عليا في المملكة وطلبه منها التدخل لوقف عمليات الاعتقالات والترحيل لمواطني المحافظات الشمالية من عدن.
وذكر المصدر أن القيادات السعودية وعدت هادي بالتحرك فوراً لوقف حملات الاعتقالات والترحيل عبر الضغط على الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح الموالي لها في جنوبي اليمن.
ولفت مصدر "ديبريفر" إلى أن هادي لجأ إلى هذا الخيار بعد أن فشله والسلطات المحلية في المحافظات الجنوبية في إيقاف عمليات الترحيل القسري المستمرة لليوم الرابع على التوالي لأبناء المحافظات الشمالية والتي تنفذها قوات أمنية وعسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وتسيطر على الأرض في أغلب المناطق والمحافظات في جنوبي البلاد.
ورغم توجيهات الرئيس هادي، مساء الجمعة، السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في المحافظات الجنوبية بوقف عمليات الترحيل التي طالت أبناء المحافظات الشمالية، إلا أن ذلك لم يتم لا سيما مع سيطرة قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي المسلح ولدولة الإمارات، على أغلب المناطق في جنوبي البلاد.
إغلاق جزئي للمطاعم
في السياق، قالت مصادر محلية وسكان لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، إن مدينة عدن شهدت اليوم الأحد إغلاق جزئي للمطاعم والمحلات التجارية في مديرية المنصورة وذلك بعدما وزع مجهولون منشورات على المطاعم والمحلات تطالب بإغلاقها، علماً أن أغلب العاملين في المطاعم ينتمون إلى المحافظات الشمالية.
وبحسب المصادر فإن معظم شوارع مدينة عدن شهدت حركة خفيفة على غير المعتاد، رغم بدء الدوام الأسبوعي في المرافق الحكومية، حيث خلت المصالح الحكومية اليوم من المعاملين وسط غياب لمعظم المسئولين والموظفين.
رفض واسع
وتواصل التنديد والاستهجان الواسع من عمليات الترحيل القسري لأبناء المحافظات الشمالية، من كافة شرائح المجتمع على منصات التواصل الاجتماعي، من الشخصيات السياسية والاجتماعية اليمنية. وأكد نشطاء وسياسيين وإعلاميين من جنوب اليمن، أن "هذه الأعمال الجبانة مرفوضة ومدانة من كافة أبناء عدن".
في السياق اعتبر السياسي اليمني البارز الدكتور أبو بكر القربي، وزير الخارجية الاسبق، والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر الأحزاب اليمنية، أن عمليات الترحيل القسرى لأبناء المحافظات الشمالية من عدن والمحافظات اليمنية الجنوبية، يعكس مأساة سياسية وأخلاقية.
وقال القربي في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر"، إن الأوضاع في عدن و ردود الفعل ضد ابناء المحافظات الشمالية والتصعيد في أعمال العنف نحوهم ومحاولة تعميمه إلى المحافظات الأخرى يعكس مأساة سياسية و اخلاقية و دينية يجب ان يوقفها العقلاء والمسئولين عن أمن عدن.
وحذر القربي من أنه اذا لم يتم السيطرة على تلك الأعمال، فإن نارها ستحرق الجميع ولن يسلم منها أحد.
من جهته الشخصية القبيلة البارزة عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي المسلح، الشيخ صالح بن فريد العولقي، بالاعتداءات على العمال المدنيين في عدن.
وقال العولقي في بيان صحفي: "ندين ونرفض أي أعمال اعتداء أو ترحيل لعمال مدنيين مستضعفين من عدن"، مؤكداً أن "مثل هذه الاعمال مرفوضة جملة وتفصيلاً وتسيء لمن يقومون بها ولا تمثل أبناء الجنوب العربي" حد تعبيره.
وأضاف: "كنا من أول من تحدث ونادى بتأمين عدن وضبطها ومجلسنا في البريقة عقب اسبوع على انتهاء الحرب شاهد على ذلك ولن نأتي اليوم لنبرر عمليات اضطهاد أي مستضعف وبريء! طالبنا ولازلنا نطالب بأمن حقيقي لعدن وعدالة للجميع".
من جهته دعا وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية الشرعية الدكتور محمد عسكر، يوم الاحد قوات الحزام الامني والقوات التابعة للانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات العربية المتحدة والمدعوم منها، إلى احترام القانون أثناء القيام بأي إجراءات لتحقيق الأمن والاستقرار.
وقال في تغريدة على توتير، بأنه "لايتشفى باستشهاد قيادات الأمن في عدن أو غيرها إلا عديم المروءة، كنافخ كير يضرم نار الحقد وثقافة الكراهية لأهل ورفاق الضحايا ولا يلجأ الى ردود فعل منفلتة تجاه البسطاء والأبرياء إلا عديم البصيرة والحكمة"، مؤكداً على أن "وجود مثل هذه المظاهر سيتعرض مرتكبيها للمسائلة".