أكدت اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مساء الأحد، استمرارها في تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (49) لعام 2019، بشأن حصر استيراد المشتقات النفطية على شركة مصافي عدن بـ "مهنية وموضوعية بحتة"، وذلك رداً على الاتهامات التي طالت اللجنة من التجار والمستوردين بتأخير الإجراءات الخاصة باستيراد المشتقات النفطية.
وقالت اللجنة الاقتصادية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" إنه يجري تطبيق قرار الحكومة رقم (49) لعام ٢٠١٩ بموجب تعميم اللجنة الاقتصادية رقم (٥) لعام ٢٠١٩ بتاريخ ٨ أغسطس ٢٠١٩ على جميع الشحنات التي قدمت أو استكملت وثائقها بعد ذلك التاريخ وفي جميع موانئ الجمهورية اليمنية على حد سواء وبمهنية وموضوعية بحتة.
وأضاف البيان "أنه نتيجة للاستفسارات التي تلقاها المكتب الفني من تجار مختلفين، يؤكد المكتب الفني بأن جميع الشحنات التي دخلت إلى أي من الموانئ بعد ذلك التاريخ كانت قد تقدمت بطلباتها واستكملت جميع إجراءاتها بحسب الضوابط المختلفة وحصلت على وثيقة الموافقة (تصريح الدخول) قبل ذلك التاريخ وإن كان وصولها أو دخولها الميناء متأخراً".
وأكدت اللجنة الاقتصادية في بيانها، أن إجراءاتها وضوابط آلية رقابة وتنظيم تجارة المشتقات النفطية التي تطبقها لا تنظر إلى تاريخ وصول أو دخول الشحنة وإنما تتعامل مع تقديم الطلب واستكمال إجراءات التأكد من الالتزام بالشروط المصرفية والفنية المختلفة.
وجددت اللجنة الاقتصادية تأكيدها أن "تطبيق هذا القرار يأتي في إطار جهود الحكومة لتحسين الوضع الإنساني وصرف رواتب جميع موظفي الجهاز المدني للدولة في مختلف مناطق الجمهورية"، حد زعمها.
ويأتي هذا التوضيح بعد اتهام عدد من التجار والمستوردين للجنة الاقتصادية بتأخير الإجراءات الخاصة باستيراد المشتقات النفطية.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أقرت في 27 يونيو الفائت، حصر استيراد المشتقات النفطية في كافة المحافظات على شركة مصافي عدن، وهو ما ترفضه شركة النفط وتعتبره مخالفة للقوانين المنظمة لعمل الشركتين.
وتؤكد شركة النفط أحقيتها، في تسويق النفط واقتصار المصافي على التكرير والاستيراد وفقاً للقوانين النافذة.
وألزمت الحكومة اليمنية "الشرعية" في حينه "جميع التجار بما فيهم شركة النفط اليمنية بالشراء من شركة مصافي عدن لجميع احتياجاتهم من المشتقات النفطية بالريال اليمني وليس بالعملة الأجنبية" وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في عدن والرياض والتابعة لتلك الحكومة.
وأكدت أن "القرار يهدف إلى الحفاظ على الاقتصاد الوطني واستقرار العملة الوطنية والحد من نشاط السوق السوداء وضمان عدم تكرار أزمات المشتقات النفطية في جميع المحافظات".
وأشارت حكومة "الشرعية" في اليمن، إلى أن القرار سيسمح للتجار في كافة المحافظات استكمال إجراءات استيراد الناقلات التي تم شحنها قبل تاريخ القرار.
ويدور في اليمن للعام الخامس على التوالي، صراع دموي على السلطة بين الحكومة "الشرعية" المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف عربي عسكري تقوده السعودية، وجماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية والحضرية منذ أواخر سبتمبر 2014.
وفي أبريل الماضي أصدرت اللجنة الاقتصادية، قراراً بمنع استيراد أي شحنة نفطية إلا عبر البنك المركزي اليمني ومقره الرئيس مدينة عدن جنوبي البلاد، التي تتخذها الحكومة "الشرعية" عاصمة مؤقتة للبلاد، وأن التحالف العربي لن يسمح بدخول أي شحنة نفطية إلى اليمن يتم استيرادها دون الرجوع للبنك.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أصدر في مارس العام الماضي، قراراً تضمن تحرير سوق المشتقات النفطية، والسماح لجميع الشركات والأفراد، بعمليات الاستيراد والبيع في كافة الموانئ اليمنية بما فيها الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله)، بهدف تسهيل الإجراءات التجارية لدخول احتياجات الشعب اليمني وتخفيف أسعار المواد الأساسية بما فيها المشتقات النفطية.
وبعد أن استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، زاعمين أنهم يريدون "تنظيف العاصمة" التي احتلت المرتبة 175 عالمياً في نسب استشراء الفساد، حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية.
خلال هذه العملية، بسط الحوثيون نفوذهم وأزاحوا رجل الأعمال اليمني النافذ أحمد العيسي، وهو ما أفسح المجال لبروز تجار جدد لنقل الوقود في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم رغم الحصار الجزئي الذي فرضه عليهم التحالف العربي.
لكن التاجر العيسي الذي صدر قرار بتعيينه مستشاراً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لمدير مكتبه للشئون الاقتصادية، تحول إلى بسط النفوذ في عدن، حيث أصبح المتحكم الوحيد في شحنات البنزين في عدن والمحافظات المحررة المجاورة لها أبين ولحج والضالع .
ويبدو "هذا الاحتكار قانونياً" في ظاهره، لكن كل إجراءات المناقصات الحكومية (العامة والشهرية) معدة بطريقة تضمن في نهاية المطاف للعيسي كل عقد تسليم إلى عدن، كما خلص تقرير حديث من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، وهو مركز أبحاث مستقل.
أزمة وقود جديدة
يأتي تأكيد الحكومة "الشرعية" تطبيقها قرار حصر استيراد المشتقات النفطية، وسط عودة أزمة وقود خانقة مجدداً منذ السبت الفائت، إلى مدينة عدن التي كانت تتخذها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة لها، قبل سيطرة قوات انفصالية مدعومة من الإمارات عليها في 10 أغسطس الجاري، بعد توقف مصفاتها النفطية الرئيسية عن ضخ إمدادات الوقود إلى خزانات شركة النفط، وسط مخاوف من رفع جديد لأسعار المشتقات النفطية.
وارتفعت أسعار مادة البنزين يومي السبت والأحد، بشكل كبير في محطات البيع الخاصة في مديريات عدن الثمان، مع استمرار أزمة انعدام الوقود وازدهار السوق السوداء.
وتشتري شركة النفط الحكومية، الوقود بمختلف أنواعه، من شركة "عرب جلف" المملوكة للعيسي والتي تحتكر عملية استيراد الوقود في عدن وبقية المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.