باتت شركات الاتصالات للهاتف المحمول في اليمن، في مأزق كبير إذ تعيش حالياً بين سندان الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومطرقة حكومة جماعة الحوثيين (أنصار الله) وكلا الطرفين يطالب تلك الشركات بدفع رسوم تجديد تراخيص عملها إلى خزينة كلا منهما.
فبعد أن دفعت شركتا "إم تي إن" و "سبأفون" رسوم تجديد تراخيص عملها لحكومة الحوثيين في العاصمة صنعاء التي الزمتها بدفع عشرة ملايين دولار عن كل شركة من أجل التجديد، هددها وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في الحكومة اليمنية "الشرعية"، لطفي باشريف اليوم الثلاثاء، بسحب والغاء تراخيص عملها في البلاد كونها لم تجدد تراخيص عملها منذ يوليو 2015، حسب ادعاءاته.
وقال باشريف في مؤتمر صحفي عقده اليوم في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة "الشرعية" عاصمة مؤقتة لها: "أن شركتي إم.تي.إن وسبأفون انتهت تراخيص عملها في يوليو ٢٠١٥ وإلى الآن لم تجدد تراخيصها رغم مطالبات الحكومة المتكررة لها".
وأكد باشريف أن وزارته وجهت عدة خطابات للشركتين للتجديد لكنها لم تلتزما وأنه تم اخيرا توجيه تحذير شديدة اللهجة لهاتين الشركتين بأنه سيتم الغاء وسحب تراخيص عملهما في اليمن بصورة نهائية إن لم تدفعا رسوم التراخيص.
وكشف عن أن لدى حكومته، مشغلين جدد سيتم إدخالها بدلا عن هاتين الشركتين وبنفس التردد.
وتُعد شركتي ام.تي.ان وسبا فون المشغلين الوحيدين بجانب شركة واي للهاتف النقال في اليمن بنظام جي .اس .إم، ويصل عدد مشتركي الشركتين قرابة خمسة ملايين شخص.
وأجبرت حكومة الأمر الواقع بالعاصمة صنعاء التي شكلتها جماعة الحوثيين، الشركتين على تجديد تراخيصها ودفع عشرة ملايين دولار عن كل شركة، سيما وأن المقار الرئيسية لهما موجودة في صنعاء.
واستعرض باشريف في مؤتمره الصحفي اليوم بعدن بحضور وزير الإعلام في الحكومة "الشرعية" معمر الأرياني ومندوبي وسائل الإعلام المحلية والدولية بينهم مراسل وكالة "ديبريفر" للأنباء في عدن، مزايا وأهمية المشروع الذي دشنه رسمياً أمس بعدن الرئيس عبد ربه منصور هادي في مجال الاتصالات، وهو شركة "عدن نت" من الجيل الرابع، بتكلفة ١٠٠ مليون دولار.
وقال الوزير في حكومة "هادي" إن الاهمية الاقتصادية للمشروع الجديد يتمثل برفد موازنة الدولة بمليارات الريالات وتشغيل وتوفير فرص عمل كبيرة للشباب خريجي المعاهد والجامعات التقنية والمعلوماتية فضلاً عن المزايا الفنية الأخرى، مؤكداً أن الخدمات التي ستقدمها شركة "عدن نت" ستكون أفضل بكثير مما هو متوفر حالياً في البلاد.
وكشف الوزير باشريف أن الشركة الجديدة ستطلق رسميا للجمهور والمشتركين في ٣٠ يوليو القادم، وحتى موعد التدشين سيتم طرح مودم الانترنت الخاص بالشركة والشرائح والبدء بعمليات تجريب في كافة المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، لافتاً إلى أن المرحلة الثانية عقب تشغيل الانترنت، هي مرحلة تشغيل الاتصال الهاتفي عبر الشركة.
وأكد وزير الاتصالات في الحكومة الشرعية أن الشركة الجديدة منفصلة تماما عن شركة "يمن موبايل" المشغل الوحيد المتاح في اليمن لنظام سي دي إيه إم.
وتسعى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتدشين شركة عدن نت إلى كسر احتكار جماعة الحوثيين (أنصار الله) لخدمة الاتصالات والانترنت في البلاد سيما في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة.
وكانت وكالة الانباء اليمنية سبأ بنسختها في الرياض والتابعة للحكومة "الشرعية" قالت إن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي دشن أمس الاثنين حزمة من المشاريع في مجال الاتصالات والإنترنت.
وبحسب الوكالة، تتكون الحزمة من، بوابة عدن الدولية، شبكة عدن للتراسل الضوئي الدولي، مزود خدمة الانترنت (عدن نت)، شبكة عدن للإنترنت اللاسلكي، مركز عدن للسيطرة والتحكم، سنترال عدن للوسائط المتعددة، شبكة عدن للجيل الرابع، شبكة عدن لتراسل المعطيات، والكابل البحري الدولي وجميعها تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات بتكلفة تبلغ ١٠٠ مليون دولار أمريكي بتمويل حكومي شامل المشروع والتجهيزات المصاحبة وبكفاءات وخبرات يمنية خالصة.
وتحكم جماعة الحوثيين السيطرة على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة فيها، ومنها شركات الاتصالات والإنترنت في اليمن، وتتحكم بخدمة الإنترنت في البلاد من خلال شركة "يمن نت" الحكومية المزود الوحيد للخدمة في البلاد.
وتعتمد جماعة الحوثيين في جزء رئيسي من تمويلها على العائدات المالية من قطاع الاتصالات في اليمن الذي تسيطر عليه بشكل كامل.
ويؤكد خبراء اقتصاد ومسؤولون حكوميون أهمية شركة الاتصالات الجديدة في كسر احتكار خدمات الإنترنت التي كانت محتكرة في السابق لمؤسسة الاتصالات بصنعاء والخاضعة لسيطرة الحوثيين دون الاهتمام بجودة الخدمة، لافتين إلى أنه يمكن اعتبار افتتاح الشركة الجديدة خطوة أولى لإنهاء سيطرة الحوثيين على قطاع الانترنت والاتصالات.
وأشاروا إلى أهمية اطلاق المشروع في عدن العاصمة المؤقتة البلاد لتأسيس شبكة تواصل مؤمنة وغير قابلة لاختراق المؤسسات الحكومية المخترقة من الحوثيين.
وتعاني مدينة عدن الساحلية والمحافظات الجنوبية في اليمن من بطئ وضعف شديد في شبكات الاتصالات وخدمة الانترنت، فيما يعزوا خبراء ذلك إلى تحكم الحوثيين في تلك الخدمات.
من جهتها اتهمت حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء التي شكلتها جماعة الحوثيين برئاسة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، دولة الامارات الشريك الرئيس في التحالف العربي بقيادة السعودية، بالوقوف وراء مشروع "عدن نت".. ووصفت المشروع بـ(الشطري) أي الانفصالي الذي يخص الشطر الجنوبي من البلاد أو ما كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية سابقا في جنوب البلاد.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية في صنعاء التي يديرها الحوثيين إن الحكومة ناقشت في اجتماع لها، تداعيات مشروع الاتصالات الشطري الذي نفذته شركة هواوي الصينية في محافظة عدن، على قطاع الاتصالات اليمنية والعاملين فيه والأمن القومي عموما.
وذكرت الوكالة أن الاجتماع استعرض تقرير أولي من وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس مسفر النمير، حول الأثار المترتبة على هذا المشروع الانفصالي التخريبي العدواني.
وأوضح التقرير أن المعلومات التي حصلت عليها الوزارة تؤكد سيطرة الإمارات الكاملة على الشركة المزمع تشغيلها مباشرة من الإمارات وذلك باستخدام الكابل البحري عدن جيبوتي.
وقالت الوكالة أن الحكومة تدرس على ضوء التقرير، مجموعة من الخطوات التصعيدية في مواجهة هذا المشروع المنتهك للسيادة اليمنية والساعي إلى النيل من قطاع الاتصالات ودوره الوطني الذي لا زال رغم ظروف العدوان والحصار يقوم به على اكمل وجه على مستوى المحافظات اليمنية كافة بما في ذلك تلك الخاضعة للاحتلال، حد تعبيرها.
وحملت حكومة الحوثيين، حكومة الرئيس المنتهية ولايته، في إشارة إلى عبدربه منصور هادي، كافة الأثار والمسؤولية القانونية الناجمة عن تواطؤها مع المحتل وتسهيل انتهاكه السافر لسيادة اليمن والعبث بمقوماته السيادية وثرواته الطبيعية على هذا النحو المدان من قبل الشعب اليمني، حد وصفها.