أعلنت قبائل في محافظة المهرة، أقصى شرقي اليمن على الحدود مع سلطنة عُمان، استعدادها لقتال قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المدعوم إماراتياً والساعي لبسط سيطرته على كافة المحافظات في جنوب وشرق البلاد.
وقال الشيخ القبلي البارز في المهرة، علي سالم الحريزي رئيس لجنه الاعتصام السلمية لمناهضة التواجد العسكري في المحافظة، مساء أمس الأربعاء، إن قبائل المهرة في حالة استنفار، بعد التهديدات التي أطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات "النخبة الشبوانية" التابعة لها والمدعومة من الإمارات.
وأضاف الحريزي في تصريح لموقع "المشاهد"، أن "قبائل المهرة جاهزة لقتال المجلس الانتقالي أو أي من قوات التحالف العربي، إن فكر بالوصول إلى حدودنا، ولن نستسلم ونسلم محافظتنا لأية جهة كانت".
وفي ٢٨ أغسطس الفائت توعد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، عيدروس الزبيدي، بالسيطرة على محافظة شبوه، ووادي حضرموت، ومحافظة المهرة، وأرخبيل سقطرى، ومديرية مكيراس، واعتبر ذلك أولوية ملحة للمجلس، لاتقل أهمية عن السيطرة على عدن التي أحكمت قواته سيطرتها الكاملة على المدينة الساحلية في 10 أغسطس المنصرم.
وأقر الزبيدي في كلمة متلفزة حينها، بالهزيمة في محافظة شبوة جنوبي اليمن أمام قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مؤكداً قدرة قوات المجلس على تجاوز ما حدث.
وتابع: "إننا نؤكد قدرتنا الكاملة على تجاوز ما حصل ونقولها بثقة عالية بأننا سنعيد النخبة الشبوانية أكثر قدرة وقوة على التصدي للجحافل الإرهابية التي تركت الحوثي يسرح ويمرح بمناطقها ووجهت قواتها نحو شبوة والجنوب".
جاء إعلان قبائل المهرة الاستنفار لمواجهة "الانتقالي الجنوبي"، بالتزامن مع إعلان تأسيس تكتل سياسي في جنوبي اليمن أطلق عليه "المجلس الوطني الجنوبي للإنقاذ"، من المقرر -حسب مصدر سياسي فيه- أن يعقد اجتماعه الأول مطلع الشهر القادم.
وسبق الإعلان عن "المجلس الوطني الجنوبي للإنقاذ"، لقاء جمع بعض قيادات المكونات السياسية الجنوبية، في سلطنة عمان، بحضور مسؤول رفيع في الخارجية الروسية. ومن أبرز القيادات الجنوبية الشيخ الحريزي، ومدير أمن المهرة السابق اللواء محمد أحمد (قحطان)، وشيخ مشائخ سقطرى عيسى سالم ياقوت، ورئيس مجلس الحراك الثوري فادي باعوم، وأزال عمر الجاوي، وعوض محمد فريد، وذلك بهدف "تشكيل كيان سياسي جنوبي بهدف إلى توحيد الجنوبيين في أي حوار قادم".
والشيخ علي الحريزي، أحد أبرز القيادات المعارضة للوجود السعودي في محافظة المهرة الواقعة على الحدود الغربية لسلطنة عمان والجنوبية الشرقية للسعودية.
وفي هذا السياق، أوضح الشيخ الحريزي في تصريحه، مساء الأربعاء، أن المجلس الجديد سيضم المكونات الوطنية الجنوبية، وسيرسم خريطة مستقبل الجنوب في إطار تسوية سياسية مستقبلية في اليمن، لتجنيب الجنوب واليمن من التمزق، حد تعبيره.
ودعا كافة المكونات السياسية في الجنوب، إلى الانضمام للمجلس "شريطة أن يكون مستعداً للعمل من أجل إيجاد دولة يمنية قوية".
وربط الحريزي إجراء الحوار مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بتصحيح مواقفه، والابتعاد عن العلاقة مع دولة الإمارات، وتخليه عن الانفصال، وتمسكه بالوحدة. معتبراً أن "المجلس الانتقالي واحد من المكونات السياسية في الجنوب، وليس من حقه تمثيل الجنوب".
واستغل انفصاليون جنوبيون الحرب في اليمن، وعززوا حضورهم بدعم الإمارات ثاني أهم دولة في التحالف الذي تقوده السعودية الداعمة للحكومة "الشرعية" في حربها المستمرة للعام الخامس على التوالي ضد جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة من إيران والتي ما تزال تسيطر منذ أواخر العام 2014 على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق في شمالي اليمن ذات الكثافة السكانية والحضرية.
ويُنصِّبُ الانتقالي الجنوبي نفسه ممثلاً عن المواطنين في جنوبي اليمن ويسعى لفرض سيطرته على جميع مناطق ما كان يُعرف باليمن الجنوبي، غير أنه لا يحظى بتأييد شعبي كامل هناك، سيما مع وجود كيانات أخرى تتحدث باسم "الجنوب"، لكن "الانتقالي" يُعد أبرز تلك الكيانات لما يملكه من ذراع عسكري أنشأته وتدعمه دولة الإمارات.
وصعّد الحريزي من مناهضته للوجود السعودي في المحافظة، وله دور بارز في حشد قبائل المهرة لمناهضة الوجود العسكري السعودي، مؤكداً أن "المهرة لن تكون لقمة سائغة أمام السعودية وكل من يريد العبث بأمن اليمن" حد قوله.
وتتهم الحكومة "الشرعية" والتحالف، الشيخ الحريزي بإثارة "الفتن بين القبائل وادعاء احتلال السعودية للمهرة وتشويه صورة التحالف العربي".
وينفذ أبناء المهرة وقياداتها القبلية والسياسية منذ أكثر من عام اعتصامات ووقفات احتجاجية مستمرة تطالب بمغادرة القوات السعودية من المحافظة ورفضاً لمشروع الأنبوب النفطي الذي تعمل السعودية على إنشائه من أراضيها حتى سواحل بحر العرب في المهرة.
واستغلت السعودية الحرب الدائرة في اليمن وقيادتها تحالفاً لدعم الحكومة "الشرعية"، لتنشر قوات كبيرة في محافظة المهرة الحدودية مع عُمان، أواخر العام 2017، وعززتها العام الماضي بقوات أخرى سيطرت من خلالها على مطار الغيضة وميناء نشطون ومنفذي شحن وصرفيت على الحدود مع عُمان، مبررة ذلك بحماية الحدود ومنع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين عبر السلطنة.
وتعيق القوات السعودية حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون، وحولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية ومنعت الرحلات المدنية منه وإليه، وذلك وسط معارضة شديدة من أهالي المهرة الذين ينظمون وقفات ومهرجانات بشكل مستمر احتجاجاً على الوجود العسكري السعودي.
وتعتبر محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، المُحاذية للحدود مع عُمان، التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، مع قوات سعودية، بعيدة عن أزمات اليمن وحروبها، ولم يصلها نفوذ الحوثيين نهائياً طوال فترة الحرب، كما أن هذه المحافظة في مأمن عن نشاط التنظيمات الإرهابية "القاعدة" و"داعش".
وتعد المهرة المطلة على بحر العرب، من المحافظات اليمنية ذات الأهمية الكبيرة، نظرا لموقعها الإستراتيجي والثروات الطبيعية التي تمتلكها ما جعلها محل أطماع القوى الخارجية.
وتتصل المهرة بصحراء الربع الخالي من الشمال وتمتلك شريط ساحلي على بحر العرب بطول يصل إلى نحو 500 كم؛ وتشترك مع عُمان بشريط حدودي شاسع وترتبط معها بمنفذي (شحن، صرفيت)، وتقترب مساحتها من مساحة دولة الإمارات (297،67 كم مُربع).
ومن الناحية الاقتصادية، تمتلك المهرة موارد طبيعية متنوعة، إذ يؤكد المختصون أنها تزخر بالعديد من المعادن الثمينة على رأسها الذهب والرخام والرصاص، وتُشكل منطقة واعدة للاستكشافات النفطية والغازية.