قالت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الثلاثاء، إن الهجمات على منشآت شركة "أرامكو" السعودية تعكس "فشل" سياسات ولي العهد محمد بن سلمان الذي كلف العائلة الحاكمة أثماناً باهضة مادياً ومعنوياً.
وأضافت الصحيفة في مقال لكبير مراسليها في المنطقة العربية أندرس جيركو أن "الهجمات بطائرات مسيرة/ صواريخ على أكبر مواقع نفطية في بلده، حشرته في الزاوية، ما يجعل منه أكثر خطورة وبتصرفات لا يمكن التنبؤ بها"، مشيرة إلى أن "بلده لم يرَ قائداً أخرق ومتهوراً وخطراً أكثر منه".
واعتبرت الصحيفة أن توقف نصف الصادرات من الإنتاج النفطي السعودي و 5% من الإمدادات العالمية "يصيب المملكة في قلبها".
واستطردت "حين زج محمد بن سلمان المملكة السعودية في صراع متأصل في اليمن، بشن حملة جوية بقصد تحطيم ما يسمى الحركة الحوثية، وتبين أيضاً أنها سياسة خرقاء، فلم تكن السعودية بحاجة للتدخل العسكري في اليمن، ولم يكن ثمة أدلة على تدخل منافستها إيران لدعم الحوثيين يومها، فيما الإيرانيون اليوم متورطون بدون شك".
وأشارت الصحيفة الدنماركية إلى أن "ابن سلمان وعد آنذاك بأن التدخل لن يستغرق سوى بضعة أشهر، وبعد 4 سنوات وعشرات آلاف القتلى اليمنيين، وإغراق البلد بأزمة إنسانية وتجويع نصف سكان البلاد، واتهام السعودية بارتكاب جرائم حرب، فقد كلف الرجل (بن سلمان) أسرته (العائلة الحاكمة) أثماناً باهظة، إن بالريال أو على مستوى المكانة، وتعالت الأصوات في مجلس العموم البريطاني والكونغرس الأمريكي لوقف الحرب بعد جريمة قتل خاشقجي".
ولفتت الصحيفة إلى "ضياع هيبة السعودية أمام إرسال موجات طائرات مسيرة واشتعال مصانع نفط استراتيجية، لا يتحمل أحد مسؤوليتها بقدر ما يتحملها ولي العهد".
وأضافت أن "يعلن الحوثيين شرف مسؤوليتهم عن الهجوم شيء، وأن تبحث السعودية عن جواب أكيد عما إذا كانت الطائرات التي هاجمتها صناعة إيرانية هو شيء آخر، إلى جانب معرفة مكان انطلاقها إن من اليمن أو من العراق. فلو كانت إيران حقاً من فعلها فسنكون أمام شرق أوسط تتهدده أزمة كبرى، وما سيحسم ذلك، الوجهة التي انطلقت منها الطائرات المسيرة".
وتحدثت الصحيفة عن "عجز" السعودية عن حماية نفسها بالقول، إن "جيش ودفاعات ابن سلمان عجزت عن وقف الهجمات، وردة فعله بسبب الضغوط التي يجد نفسه تحتها، تجعله أكثر ميلاً نحو العنف".
ولفتت الصحيفة إلى أن ابن سلمان "عاد مرة أخرى لإبداء استعداد للرد بعد طلب ضوء أخضر من (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، بعد أن يحدد ولي العهد على من سيرد، فلم يسبق في تاريخ السلطة السعودية أن كان هناك شخص يتصرف بمثل هذا الغباء والتهور ودون قدرة على تنبؤ ما يمكن أن يقدم عليه".
وذكّر المقال بضرورة "النظر فقط إلى فداحة ما قام به (ابن سلمان) والكابينت (فريقه) الضيق العام الماضي، بقتل وتقطيع شخص واحد مثل (الصحفي والكاتب السعودي) جمال خاشقجي ، بعد نصب فخ له في قنصليتهم في إسطنبول".
وأضاف "شخص واحد قتل وقطع لمجرد أنه انتقد طريقة الحكم، ووجده (ابن سلمان) عقبة في طريقه. فلم يتخلصوا منه بطلقة نارية أو في حادث سير مفتعل في أي مكان حول العالم، بل وبدون تردد أرسل الرجل 17 شخصاً، ومن مقربيه وحراسه الشخصيين وطبيب تشريح، ليقوموا وبدون تكتم، بتقطيعه إلى قطع صغيرة بعد اغتياله، قبل أن تكشف كاميرات المراقبة في المطار وخارج القنصلية الفريق القاتل".
ورأى أندرس جيركو في مقاله أن جريمة مقتل خاشقجي تعكس غطرسة السلطة والإفراط بالغباء السياسي عند محمد بن سلمان.
وأشار إلى أنه "من السخرية" أن تصبح الهجمة الأخيرة ضد منشآت النفط "دافعاً لنسيان عالمي لجريمة القتل البشعة التي أقدم عليها ابن سلمان بحق خاشقجي، مثلما يجري تناسي جرائم الحرب في حرب فاشلة وغير ضرورية في اليمن، فالسعودية وترامب ذهبا سريعاً إلى مخاطبة العالم عن أنّه لا ينبغي التسامح مع هذه الهجمات".
واختتمت الصحيفة الدنماركية بالقول إنّه في نهاية المطاف "تعرضت سلطة ولي العهد لتحد عنيف، فهذه الهجمات وقعت تحت سلطته أيضاً كوزير دفاع غير مجد، ويعرض بلده للإذلال والمهانة، هذا إلى جانب الآثار على الاقتصاد السعودي الذي لن يتحمل أن يتوقف نصف إنتاجه الحيوي من النفط، وإن كان لفترة وجيزة".