وسط اشتداد المعارك في الحديدة وحرب شوارع تلوح في الأفق

مصادر لـ"ديبريفر": المبعوث الأممي يزور عدن غداً لبحث وقف التصعيد في الحديدة وخارطة الحل السياسي

عدن - ديبريفر
2018-06-26 | منذ 5 سنة

 

Story in English:https://debriefer.net/news-1279.html

كشفت مصادر سياسية متطابقة لوكالة أنباء "ديبريفر"، اليوم الثلاثاء، أن المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث سيزور مدينة عدن جنوبي اليمن غدا الأربعاء في أول زيارة من نوعها له للمدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.

وأوضحت المصادر أن المبعوث الأممي سيلتقي خلال الزيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لبحث إمكانية وقف التصعيد العسكري في مدينة الحديدة الساحلية غربي البلاد التي اشتدت فيها المعارك خلال الأيام الماضية مع اقتراب القوات اليمنية المشتركة بدعم التحالف العربي بقيادة السعودية من ميناء الحديدة الإستراتيجي بهدف السيطرة عليه وانتزاعه من جماعة الحوثيين المسيطرة على الميناء منذ أواخر عام 2014.

وأكدت المصادر ومسئولون حكوميون لـ"ديبريفر" أن المبعوث الأممي سيصل ومعه اثنان من كبار الموظفين الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى فريقه الخاص المكون من 6 دبلوماسيين بينهم نائبه، الفلسطيني معين شريم.

وذكرت أن المبعوث الدولي سيناقش مع الرئيس هادي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تفاصيل خطة "الإطار التفاوضي" للتسوية السياسية، وسيجري معه مشاورات بشأن العملية العسكرية لتحرير ميناء ومدينة الحديدة التي انطلقت في 13 يونيو الجاري.

 وأشارت إلى أن جريفيت من المقرر أن يلتقي المكونات السياسية والمنظمات الجنوبية وعدد من الشخصيات ووجاهات مدينة عدن.

 وكان غريفيث أكد الخميس الماضي إنه سيواصل مشاوراته مع جميع الأطراف لتجنب المزيد من التصعيد العسكري في الحديدة .. موضحا في بيان له "أولويتي اليوم هي تجنب مواجهة عسكرية في الحديدة والعودة بسرعة إلى المفاوضات السياسية".

وأضاف: "لقد شجعني الانخراط البناء لقيادة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء وأتطلع إلى لقاءاتي المقبلة مع الرئيس هادي وحكومة اليمن، وأنا واثق من أننا نستطيع التوصل إلى اتفاق لتجنب المزيد من العنف في الحديدة".

 وأكد غريفيث التزام الأمم المتحدة بالتوصل إلى تسوية سياسية يتم الاتفاق عليها للنزاع الدائر في اليمن لأكثر من ثلاث سنوات .. وقال: "أرحب بالتزام واستعداد الأطراف للانخراط في عملية سياسية يمنية داخلية تحت اشراف الأمم المتحدة".​​

وكانت وكالة "ديبريفر" للأنباء كشفت في السابع من يونيو الجاري أهم مضامين "خارطة الطريق" لخطة الحل السياسي في اليمن التي اعدها المبعوث الأممي، وتشمل تشكيل مجلس رئاسي انتقالي وتعيين نائب للرئيس رئيس للحكومة بصلاحيات رئيس الجمهورية في وقت يشارك الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في توقيع الاتفاق بصفته الرئيس الحالي، لكنه سينقل صلاحياته إلى نائبه الذي تدرس الدول الكبرى حالياً عدة أسماء لتولي هذا المنصب ومن كافة الأطراف السياسية بما فيها مكونات سياسية جديدة أبرزهم القوى الجنوبية الفاعلة على الأرض في عدن ومحافظات الجنوب ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

دعم أوروبي للمبعوث

 وعرض المبعوث الأممي إلى اليمن غريفيث أمس الاثنين على اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المنعقد في مدينة لوكسمبورغ ملامح خطته للسلام في اليمن، ضمن مساعيه للحصول على دعم أوروبي لجهوده، التي لا يزال التحالف العربي بقيادة السعودية مستعدا لمنحها فرصة ووقتا كافيين كي تكتسب زخما دبلوماسيا يجنب الحديدة الحسم العسكري.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيعزز من تواصله ومشاركته كافة أطراف الصراع في اليمن، من أجل إيجاد حل للأزمة اليمنية.. مؤكدا دعمه مجدداً لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن لاستئناف العمليات السياسية، وإجراء مفاوضات سياسية شاملة بأسرع وقت ممكن بغية التوصل لحل سياسي شامل في البلاد.

وقال المجلس الأوروبي في بيان له عقب اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث ، لبحث الأوضاع في اليمن، إن السلام الدائم لن يتحقق إلا عبر المفاوضات بين الأطراف المؤثرة على الأرض بما في ذلك المجتمع الدولي والمرأة والشباب.

وأكد الاتحاد الأوروبي في بيانه "على أهبة الاستعداد دائما لزيادة إجراءاته في اليمن، بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية لأنحاء البلاد، ونشر المساعدة التنموية لتمويل مشروعات القطاعات الأساسية".

وجدد الاتحاد الأوروبي تأكيده على أنه لا يمكن إنهاء الصراع بالحل العسكري.

وأوضح أن اجتماع وزراء الخارجية وغريفيث تناول تطورات الأوضاع في اليمن، وفي مقدمتها تصعيد العمليات العسكرية في مدينة وميناء الحديدة، مشيراً إلى أن الميناء تصل عبره 70% من إمدادات الغذاء إلى اليمن، فيما يحتاج "22 مليون يمني، أي نحو 80% من اليمنيين، إلى مساعدات إنسانية أو دعم وحماية".

تأتي هذه التطورات السياسية في اليمن التي تشهد حربا طاحنة ازدادت رقعتها مع شن القوات اليمنية المشتركة بدعم وإسناد من التحالف العربي يوم 13 يونيو الجاري هجوما واسعا غير مسبوق هو الأكبر في البلاد للسيطرة على ميناء الحديدة الذي يعد هدفا مهما منذ فترة طويلة في محاولة لإضعاف الحوثيين بقطع خط إمدادهم الرئيسي عن الجماعة التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم المناطق المأهولة بالسكان في الشمال اليمني.

وتخشى الأمم المتحدة أن يؤدي أي هجوم على الميناء المطل على البحر الأحمر الأحمر (260 كيلو متر غرب العاصمة صنعاء) ، والذي يعد شريان حياة لملايين اليمنيين، إلى مجاعة تهدد حياة الملايين.

وتمكنت القوات من انتزاع السيطرة على مطار الحديدة لكنها لم تستطع التقدم صوب المدينة ومينائها، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من كارثة إنسانية إذا وصلت المعارك إلى المدينة المكتظة بالسكان والميناء الذي يعد الشريان الرئيسي لواردات البلاد.

وأكد المتحدث باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي، استمرار العمليات العسكرية في الحديدة للضغط على الميليشيات الحوثية للجلوس على طاولة المفاوضات، حد قوله.

 وأشار المالكي في مؤتمر صحفي أمس الأثنين إلى ان التعنت الحوثي يفشل جميع الجهود السياسية لحل الأزمة سلميا.. مبينا بأن الفرق الهندسية تمكنت من نزع أكثر من 60 ألف لغم زرعها الحوثيون في الحديدة.

وأوضح المالكي أن جماعة الحوثيين تعطل وتمنع دخول السفن لميناء الحديدة.. نافيا إيقاف تصاريح دخول السفن إلى ميناء الحديدة، مؤكدا إيقاف الحوثيون لسفن وقود وقمح في غاطس ميناء الحديدة منذ ٦٤ يوما للمتاجرة بالمشتقات في السوق السوداء.

وأكد استمرار إطلاق جماعة الحوثيين للصواريخ البالستية الإيرانية باتجاه الأراضي السعودية والتي وصلت إلى ١٥٥ صاروخا، وكان أخرها مساء الأحد ، حيث تصدت لها قوات الدفاع الجوي السعودي.

ولفت إلى استمرار الضغط العملياتي في مختلف المحافظات، وخلال ٤٨ ساعة استهداف أكثر من ٥٠ عنصرا حوثيا بينهم ٨ خبراء من حزب الله في مران في محافظة صعدة معقل جماعة الحوثي وقطع طرق إمداد الحوثيين، حد زعمه.

واعترض الدفاع الجوي السعودي صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون باتجاه الرياض في ساعة متأخرة يوم الأحد مما أدى إلى تطاير شظايا بلغ طول بعضها عدة أمتار صوب مناطق سكنية.

وسقطت أجزاء قرب مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية في العاصمة السعودية وعلى مدرسة في الحي الدبلوماسي. وأسفرت الشظايا عن اندلاع حريق في موقع بناء على بعد عشرة كيلومترات إلى الجنوب وسقطت على سطح مقر سكني خاص لكن مسؤولين سعوديين قالوا إنه لم يسقط قتلى أو جرحى.

 من جهته أكد الناطق الرسمي لقوات "طارق صالح" إحدى فصائل القوات المشتركة المدعومة من التحالف، العقيد الركن صادق دويد، أن القوات المشتركة تسير وفق الخطة المرسومة لتحرير مدينة الحديدة ، مع مراعاة حياة المدنيين والتي يحاول الحوثيون استخدامهم دروعاً بشرية.

 وقال دويد في حديث بثته قناة "اليمن اليوم"، إن العمليات العسكرية لتحرير الحديدة "لن تتوقف إلا في صعدة - معقل جماعة الحوثيين وزعيمها - وبعد تطهير كل شبر في أرض الوطن مع كل القوى الوطنية الحرة".

وأضاف: تحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي مسألة محسومة وهي مسألة وقت.. العمليات العسكرية تمضي بخطة مزمنة ومدروسة وبما يجنب المدنيين أية خسائر في صفوفهم حيث أن الحوثيون قد حولتهم إلى دروع بشرية، وألوية العمالقة المكلفة بالجبهة المتقدمة داخل الحديدة تدرك ذلك.

 وتعهد التحالف العربي بأن تكون العملية العسكرية في الحديدة سريعة للسيطرة على المطار والميناء دون دخول وسط مدينة الحديدة لتقليص الخسائر بين المدنيين وللحفاظ على تدفق السلع، لكنه تدخل غداً الأسبوع الثالث ولم تحكم بعد السيطرة الكاملة على المطار في أطراف المدينة

والقوات اليمنية المشتركة مشكلة من ألوية العمالقة (تابعة للمقاومة الجنوبية)، وقوات طارق صالح (نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، والمقاومة التهامية، وجميعها مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية وينفذ منذ 26 مارس 2015 ضربات ضد جماعة الحوثيين بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الحكم في صنعاء.

من جهته هدد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام بالمزيد من الهجمات الصاروخية على السعودية ردا على الهجوم على الحديدة.

وقال عبد السلام في تصريحات الأثنين: "ضرباتنا الصاروخية ستطال أماكن لا يتوقعها العدو وهذا عمل وطني يجمع عليه كل اليمنيين".. مضيفاً "كلما استمر العدوان وطالت الحرب تعاظمت قدراتنا الصاروخية الباليستية".

 

تحذيرات دولية وحرب شوارع

 وتصاعدت حدة التحذيرات الدولية من الهجوم على مدينة وميناء الحديدة الإستراتيجي وهو نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى البلد الذي مزقته الحرب لأكثر من ثلاث سنوات.

في وقت بدأت تلوح بالأفق حرب شوارع في المدينة وسط تحشيد وتعزيزات عسكرية إضافية من الطرفين.

وقال سكان "هناك انتشار كثيف لمسلحين حوثيين في المدينة وأقيمت نقاط تفتيش جديدة في أحياء يوجد بها أنصار ألوية تهامة" في إشارة إلى فصيل يمني من السهل الساحلي للبحر الأحمر يقاتل مع قوات التحالف.

 وأضاف أن اشتباكات ضارية اندلعت بعد منتصف الليل قرب جامعة الحديدة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات غربي وسط المدينة على الطريق الساحلي الذي يربط المطار بالميناء.

 وأظهرت مقاطع في فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لجؤ قوات الحوثيين إلى قطع الشوارع وحفر الخنادق ووضع حواجز أسمنتية وسواتر ترابية لمنع تقدم قوات التحالف إلى وسط المدينة.

وأكد سكان إن الحوثيون نشروا قناصة في أسطح البنايات العالية بكثافة في الأحياء الأمامية ووسط المدينة لمواجهة أي زحف لأي قوات قادمة إلى وسط مدينة الحديدة المكتظة بالسكان مما يفاقم من الأوضاع الإنسانية في المدينة.

وقال برنامج الأغذية العالمي إن القتال قد يتسبب في تشريد أو حصار ما يصل إلى 1.1 مليون شخص واحتياجهم لمساعدات غذائية عاجلة.

وذكرت مصادر لرويترز إن الحوثيين أشاروا إلى استعدادهم تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة، فيما أكد مسؤول أمريكي إن واشنطن تحث السعودية والإمارات على القبول بذلك.

 وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية على تويتر السبت "التحالف سيحقق هدفه بتحرير الحديدة.. مدينة وميناء. لكننا سنساند أيضا كل الجهود لتحقيق انسحاب غير مشروط وسلمي للعصابات الحوثية".

وتقول الدول العربية في التحالف إنها يجب أن تسيطر على الحديدة لتحرم الحوثيين من مصدر دخلهم الرئيسي ولتمنعهم من تهريب صواريخ إيرانية الصنع يطلقونها على مدن سعودية، وينفي الحوثيون وطهران هذه الاتهامات.

وقالت مجموعة الأزمات الدولية في تحذير من الصراع "معركة الحديدة تصل إلى نقطة اللا عودة".

وأضافت "تلك هي اللحظة الأخيرة الحساسة التي لا يزال من الممكن فيها للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة منع قتال مدمر سينتج عنه على الأرجح ظروف إنسانية متردية وسيؤخر أكثر إجراء مفاوضات أوسع نطاقا لإنهاء الحرب". ​

ويرى مراقبون ومحللون سياسيون وعسكريون أن معركة الحديدة واحدة من أهم المعارك التي قد تحسم بدرجة كبيرة الصراع في اليمن، خاصة أنها ستقطع طريق التواصل الوحيد بين الحوثيين والعالم الخارجي وربما طرق إمدادات تابعة لهم وقطع مصدر دخل كبير يذهب إلى الحوثيين تدره عائدات وإيرادات جمرك الميناء الضخمة.

 وتقول الأمم المتحدة إنها تواجه صعوبات في محاولاتها تجنب تعطيل العمل بالميناء، شريان الحياة الذي تصل عن طريقه المساعدات الغذائية لليمن الذي يواجه 8.4 مليون من سكانه يعتمدون على المساعدات خطر مجاعة وشيكة.

ودفع احتدام المعارك المسلحة في الحديدة بين قوات يمنية مدعومة من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية وجماعة الحوثيين "أنصار الله" إلى تزايد عملية نزوح الجماعي لأغلبية سكان المدينة الساحلية التي بدت شوارعها خالية من المارة وحركة البيع.

 سكان محليون أكدوا في تصريحات لوكالة الأنباء "ديبريفر" انقطعت المياه عن المدينة منذ عدة أيام و ارتفعت الأسعار بشكل كبير، ما جعلهم يغادرون المدينة التي تصل درجة الحرارة فيها خلال الصيف إلى أكثر من 40 درجة مئوية وانقطاع الكهرباء عن المدينة.

 فيما قال بيان للأمم المتحدة أن اليومين الأخيرين شهدا عمليات نزوح "على نطاق واسع" ، من دون أرقام محددة.

 وذكر بيان سابق لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الاثنين الماضي أن أكثر من 30 ألف شخص فروا من محافظة الحديدة بسبب المعارك منذ بداية يونيو، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة الحديدة، مركز المحافظة.

ويتوجه النازحون إلى المناطق المجاورة شرقا وشمالا، بينما ذهب بعضهم إلى العاصمة صنعاء.

وتقود السعودية تحالفا عربياً عسكريا ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد معاقل جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس هادي لإعادته إلى الحكم في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أواخر عام 2014.

وأسفر النزاع في اليمن عن مقتل نحو 11 ألف مدني يمني، وجرح مئات الآلاف، كما شرد ثلاثة ملايين يمني.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet