قبل ستة أشهر وصل سركان أوجار إلى الدوحة لاستكشاف فرص أعمال خارج محيطه التقليدي. ويبدو أن رحلته ستؤتي ثمارا وفيرة، إذ يتوقع رائد الأعمال التركي الفوز بأول عقد للمساهمة في بناء استاد يمثل أيقونة في استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022.
ومنذ بدأ عدد من الدول العربية مقاطعة اقتصادية لقطر قبل عام، اضطرت الدولة الخليجية الصغيرة للبحث عن شركاء بدلاء في التجارة والاستثمار. ولعل ثروتها الضخمة من الغاز الطبيعي قد ساعدتها في العثور سريعا على أصدقاء جدد.
وقبل عام قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر خطوط النقل والتجارة مع الدوحة، متهمة قطر بدعم الإرهاب وهو ما تنفيه بقوة.
وتسببت المقاطعة في تعطل مسارات الشحن لقطر عبر الخليج وتوقف الواردات عبر حدودها البرية الوحيدة مع السعودية، والتي كانت في السابق مسارا لإمداداتها من الأغذية القابلة للتلف ومواد البناء.
وفي المقاطعة السياسية والاقتصادية المريرة، أخذت أنقرة صف قطر. ومن ثم، رأي أوجار البالغ من العمل 28 عاما فرصا هناك.
وقال أوجار لرويترز في فندق حيث كان بصدد إجراء مقابلات مع مهندسين من أجل توظيفهم بمكتبه الجديد في الدوحة ”إنهم يرحبون بالشركات التركية ترحيبا حارا بعد الحصار“.
وتتوقع شركته العائلية ريفيرانس هولدنج توقيع عقد قريبا لتوريد السقالات والألومنيوم وتجهيز استاد لوسيل الذي سيستضيف المباراة النهائية في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وقال جوزيف آبراهام الرئيس التنفيذي للبنك التجاري القطري إن الكثير من المقاولين الأتراك يقدمون عروضا لمشاريع في الوقت الذي تمضي فيه قطر قدما في تشييد البنية التحتية اللازمة للبطولة.
ثمة مشاريع بناء ضخمة جارية من أجل استضافة بطولة كأس العالم. ويجري تشييد سبعة ملاعب جديدة بجانب بنية تحتية أخرى، مما يتطلب جلب مواد بناء من مناطق بعيدة.
وقال مدير شركة بناء طلب عدم نشر اسمه إن الجبس، المستخدم في ألواح الجص، يتم استيراده من إيران حديثا. ويجري حاليا استيراد الجابرو، المستخدم في صناعة الأسفلت والخرسانة، من سلطنة عمان بدلا من الإمارات العربية المتحدة.
وبينما تنطوي بطولة كأس العالم على منافسات رياضية مشوقة ومكانة عالمية مرموقة، انصب التركيز في المراحل الأولى من المقاطعة على الحاجة العاجلة لسد النقص في المنتجات الأساسية.
فحين اختفت الألبان الطازجة ومنتجاتها والبيض من المتاجر، نقلت الدوحة جوا ما يزيد على ثلاثة آلاف بقرة على متن طائرات الخطوط الجوية القطرية المملوكة للدولة، واستوردت البيض من سلطنة عمان التي أبقت على مسار الشحن مع قطر مفتوحا حينما أوقفت دبي الشحنات إلى الدوحة.
وفي المتاجر القطرية، تبلى العلامات التجارية التركية مثل الأجبان الكريمية التي تنتجها أولكر وبينار بلاء حسنا.
وقال صالح بن حمد الشرقي المدير العام لغرفة تجارة وصناعة قطر إن السوق التركية مهمة جدا للدوحة، مضيفا أن موقعها الجغرافي قريب بما يميزها من الناحية اللوجستية كما تتمتع بجودة عالية وأسعار تنافسية.
وزادت الواردات من تركيا في الفترة بين يونيو حزيران وديسمبر كانون الأول 2017 إلى 523 مليون دولار بزيادة 48.2 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. وقفزت الواردات من سلطنة عمان 150 بالمئة إلى 575 مليون دولار وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.
وزادت الواردات من الهند 54.6 بالمئة إلى 1.06 مليار دولار، ومن إيران 63 بالمئة إلى 69 مليون دولار.
تضررت بعض أنشطة الدوحة حين بدأت المقاطعة، إذ تكبدت الخطوط الجوية القطرية خسارة في عام 2017 بعد أن فقدت حق دخول المجالات الجوية في الدول المقاطعة لها.
لكن الاقتصاد صمد في وجه النزاع الممتد، ومن المتوقع أن ينمو 2.6 بالمئة هذا العام وقرابة ثلاثة بالمئة في 2019 وفقا لوزارة المالية.
وسرعان ما استغل أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم صندوق ثروته السيادي الضخم، الذي تُقدر أصوله بنحو 320 مليار دولار، لحماية بنوكه وعملته بعد أن سحبت الدول المقاطعة ودائعها.
وقال يوسف الجيدة الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال ”مهمتنا الكبرى كقطريين أثناء الحصار كانت الحفاظ على الاقتصاد“.
وأضاف ”لم يكن التركيز الأكبر على النمو، بل كان يتعلق بالصمود الفعلي أمام الحصار وأي أضرار قد تحدث مهما كانت، لأن الضروريات سواء الأغذية أو اللوجستيات لم تكن متوافرة“.
ويقول مسؤولون قطريون إن الأزمة كانت بمثابة صيحة تحذير للبلد البالغ عدد سكانه 2.7 مليون نسمة كي يصبح أكثر تنوعا واعتمادا على الذات.
وقال وزير الطاقة محمد السادة لرويترز إن قطر تريد أن يرى العالم ما يمكن لهذا البلد الصغير نسبيا أن يقوم به بمرونة والتزام. وأضاف أن الأمر الوحيد الذي يقلقه هو أن منتخب قطر قد لا يفوز بكأس العالم 2022.