يبدو أن الأمير الشاب، خالد بن سلمان، قد وضع في امتحان صعب، خاصة بعد تراجع سمعته إلى أقصى مستوياتها على خلفية دفاعه عن سمعة شقيقه ولي العهد السعودي والمملكة عموماً بعد جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
ووفقاً لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في عددها الشهري الأخير، تمثل المهمة الجديدة امتحانا لقدرة الأمير خالد الذي عين سفيرا في واشنطن في نيسان (إبريل) 2017 حيث القى مقتل خاشقجي بظلاله على فترته القصيرة بواشنطن وانتقد لطريقته في التعامل مع الجريمة حيث وصفت صحيفة “واشنطن بوست” إدارته للأزمة بأنها “حملة ملحمية من الأكاذيب”.
ويقول جيرالد فيرستاين، السفير الأمريكي السابق عن خالد بن سلمان بأنه “جديد نسبيا على اللعبة” “وهو ذكي بشكل معقول وقريب من شقيقه وهذا هو مصدر قوته حيث يمكنه الحديث نيابة عن والده وشقيقه”.
وعين في شباط (فبراير) نائبا لوزير الدفاع، وكلف بمهمة إدارة الحرب في اليمن وعليه إخراج البلاد منها، ولكن بطريقة تظهر أي اتفاق سياسي على أنه انتصار لشقيقه الأكبر.
وحقق الأمير أول انجاز دبلوماسي له عندما رعت السعودية اتفاقا أنهى المواجهات بين قوات هادي والقوات التي تدعمها الإمارات والتي تدعم انفصال الجنوب عن الشمال.
وتراهن السعودية على الاتفاق كحل للمشاكل مع الإمارات التي خفضت من وجودها العسكري في اليمن بشكل يمنح الرياض الفرصة للتركيز على الحوثيين.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن خالد الذي تلقى تدريبه كطيار رجل يعرف بالمعايير الغربية و ”يستمع” “في الوقت الذي يعني فيه الاستماع للبعض على أنه انتظار للحديث، وهو يأخذ بعين الاعتبار ما تقوله ويستخدمه وربما عدل موقفه” كما يقول مسؤول أمريكي بارز.. ويقول أخرون إنه مبتدئ في السياسة وينبع تأثيره من كونه عضوا في العائلة السعودية المالكة.
وقال مسؤول خليجي إن الأمير “شاب ولكن ما يقويه هو اسمه”، إلا أن سمعة الأمير خالد في واشنطن تلطخت بسبب ما كشف عن اتصالاته مع جمال خاشقجي في الأسابيع التي سبقت مقتله في القنصلية السعودية بإسطنبول، فبعد اختفاء الصحافي شن الأمير حملة نفى فيها بشدة علاقة السعودية بمقتل خاشقجي.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ في ذلك الوقت بوب كوركر إن السفير الشاب “لا يملك أي ذرة من المصداقية”.
وغادر الأمير منصبه في شباط (فبراير) هذا العام وسط زوبعة من الغضب لم تهدأ بعد، ولم يؤثر دوره في إدارة ملف خاشقجي بواشنطن على سمعته في السعودية فيما واصل مسؤولون في إدارة دونالد ترامب مقابلته مثل مايك بومبيو، وزير الخارجية.
وعلى خلاف شقيقه الذي عين وليا للعهد في حزيران (يونيو) سلك خالد طريقا مختلفا حيث حصل على شهادة بالطيران من أكاديمية الملك فيصل الجوية وتدرب على قيادة المقاتلات في الولايات المتحدة حيث قاد أف-15 في الحرب ضد تنظيم الدولة واليمن قبل أن تجبره إصابة بالظهر على مغادرة قمرة القيادة.
وبعد مغادرته سلاح الجو السعودي عمل مستشارا مدنيا لوزارة الدفاع ثم سفيرا في واشنطن، حيث انفق 8 ملايين دولار في العام الأول من عمله في السفارة.
ورغم مسؤوليته عن العلاقات السعودية- الأمريكية بشكل عام إلا أن تركيزه كان على الحرب في اليمن التي أصبحت شاغله الأول بعد تعيين نائبا لوزير الدفاع.
ورغم استقباله في أحاديثه مع المشرعين الأمريكيين إلا أنه تحدث عن وجود حزب الله على الحدود السعودي باعتباره تهديدا وجوديا، ومواجهته تأتي في المرتبة الأولى والثانية والثالثة فيما يأتي التعاون مع الولايات المتحدة لمواجهة القاعدة في المرتبة الرابعة.
والامير خالد ليس قلقا من القرارات التي تصدر على الكونغرس بقدر ما هو معني بالرسالة السياسية التي ترسلها إلى المسؤولين السياسيين.
فخلال السنوات الماضية عبر الكونغرس عن معارضته للتورط الأمريكي في اليمن بما في ذلك بيع الصواريخ الموجهة بدقة للسعودية والإمارات.
وقاد هذا إلى سلسلة المواجهات العالية بين الكونغرس والبيت الأبيض الذي تردد بالتخلي عن دعم السعودية في مواجهتها مع إيران.. وأوقفت الولايات المتحدة تزويد الطيران السعودي بالوقود عام2018 مع أن التعاون الأمني مستمر.
ويقول المسؤول إن خالد بن سلمان يعرف أن قطع الدعم الأمريكي لا يعني أن بلاده ستوقف الحرب في اليمن لأنه يمثل “التهديد الأكبر”.