يبدو أن محافظة تعز، جنوبي غربي اليمن، تنساق دون وعي وراء مخطط خطير يستهدف سلمها الاجتماعي، وضربها بقوة، هكذا تتحدث بعض النخب داخل المدينة التي عُرف عنها أنها مخزون وعي ومعرفة بشري هو الأكبر في اليمن.
وعلى الرغم من أن تعز كانت أول من واجه جماعة الحوثيين(أنصار الله) في إبريل 2015، دفاعاً عن "الجمهورية" و"شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته "التي أعلنت آنذاك محافظة عدن عاصمة مؤقتة لها، إلا أن تعز تحولت بصورة غريبة وبعد عامين على بدء الحرب، إلى ساحة صراع واقتتال داخلي بين فصائل كانت متحدة ضد الحوثيين.
ولم يعد غريباً أن التحالف العربي، الذي قال أنه حارب وما يزال في اليمن دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، هو من يدفع بالفصائل الموالية له إلى الصراع والاقتتال داخل تعز، وكأنه يفرض على هذه المدينة عقاباً جائراً، يرى نشطاء أن سببه هو ثورية تعز التي كانت شرارة لثورة فبراير 2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقد اعتبرته دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، تهديداً مباشراً لأنظمتها.
وتعز التي لم تتخلى عن ثوريتها منذ العام 2011، ولم تتوقف عن التظاهر ضد "السلطات المتعاقبة منذ ذلك التاريخ، هي نفسها تعز التي أصبح أبنائها بيادق يقدمها المتصارعون على السلطة والطامعون بثروات البلد والذين يريدون تركعيه لتفتديهم وتقتل دونهم ودفاعاً عنهم، سواء داخل تعز أو خارجها في جبهات الحدود.
وخلال الأسبوعين الفائتين، شهدت تعز أحداثاً جعلتها في مرمى اشتعال الأوضاع مجدداً، خاصة بعد جريمة اغتيال قائد عسكري كبير، هو العميد الركن عدنان الحمادي، الذي تسبب مقتله بحالة غضب شعبي وتبادل للاتهامات وتسويق لروايات تضمنت بعضها اساءت بالغة للرجل الذي كان أول المقاتلين عن الجمهورية ضد جماعة الحوثيين(أنصار الله)، أما ثان الأحداث المثيرة للخلاف، فقد كان الإعلان عن معسكر شعبي خارج إطار الجيش ومؤسسات الرسمية.
وما إن كشف القيادي في حزب الإصلاح، والمتواجد في تركيا منذ العام 2017، مطلع الأسبوع الفائت، عن معسكر شعبي يتبعه مباشرة، في منطقة يفرس بمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز، حتى سارعت الأحزاب والتنظيمات السياسية في المحافظة، الأربعاء الفائت، بالإعلان عن رفضها لما أسمته بتجييش "المليشيات وإنشاء معسكرات غير قانونية.
وقالت الأحزاب والتنظيمات السياسية في بيان لها، أنها "ترفض أي محاولات لتحويل تعز ساحة حرب لتصفية صراعات وأجندات خارجية لا تمت للمشروع الوطني بصلة ولا تخدمه بقدر ما تعمل على تفتيته".
مشيرة إلى أن "التعامل مع كيانات محلية أو دول إقليمية وغير إقليمية خارج أطر مؤسسات الدولة وقيادتها الشرعية يعد جريمة وخيانة وطنية".
كما أكد البيان "رفض الأحزاب والتنظيمات السياسية في تعز التام لمحاولة تعكير العلاقات مع التحالف العربي أو الإساءة لأي من أطرافه".
وطالب البيان محافظ تعز رئيس اللجنة الأمنية وقيادة المحور "الوقوف بحزم واتخاذ الإجراءات الكفيلة لردع أي محاولات من شأنها خلق تشكيلات مسلحة خارج نطاق المؤسسة العسكرية".
وفي حين اعتبر البيان أن" من شأن تلك الممارسات أن تؤدي إلى سوء فهم يعكر العلاقة مع الأشقاء من دول التحالف العربي".. دعا قيادة الجيش إلى التحقيق في قضية العائدين من جبهات الحد الجنوبي".
وكان القيادي البارز في حزب الإصلاح ورئيس المقاومة الشعبية في تعز، حمود سعيد المخلافي، قد كشف عن عرض ضم عدداً هائلاً من المجندين الجدد، تم حشدهم داخل معسكر تدريبي في جبل حبشي.
وأكد المخلافي إن ذلك المعسكر يتشكل من مقاتلين عائدين من جبهة الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية، استجابوا لنداء وجهه لهم قبل نحو شهرين طالباً منهم مغادرة مواقعهم القتالية في الحدود و"العودة لتحرير تعز".
الرفض الذي أعلنته الأحزاب والتنظيمات السياسية لمعسكر يفرس، قابله نشطاء وأنصار حزب الإصلاح بهجوم لاذع لم يخلوا من تهم الخيانة والعمالة.. ويبدو أن لا نهاية قريبة أو حاسمة للصراع داخل تعز بين القوى السياسية التي تلوح بالسلاح وتستخدمه ببذخ قاتل هائج.