ترجمة من اللغة الألمانية خاصة بـ"ديبريفر"
قالت منظمة "إنقاذ الطفل" العالمية إن الأطفال في اليمن يواجهون مستقبلا وخيما تحت وطأة الظروف الصعبة جداً التي يعيشونها في هذا البلد الفقير، جراء استمرار الحرب في البلاد، لأكثر من ثلاث سنوات.
وذكرت الرئيس التنفيذي لمنظمة "إنقاذ الطفل" العالمية، سوزانا كروغر، في مقابلة مع صحيفة "در تاجس شبيجل" الألمانية، نشرتها أمس، وترجمتها للعربية وكالة "ديبريفر" للأنباء، إن الحرب في اليمن أفرزت أوضاعا مأساوية وإنسانية وأصبح الإنسان اليمني في صراع يومي مع الحياة لتوفير الغذاء لمحاربة الجوع.
لاشيء يعمل الآن في اليمن
وأوضحت: "في اليمن، لا شيء يعمل الآن، فلا يوجد عمل، وقد توقفت المدارس والمستشفيات عن التشغيل، والغارات الجوية دمرت البني التحتية إلى حد كبير بما فيها خطوط الكهرباء، محطات المياه، الجسور، المستشفيات، المدارس، لم يؤمن شيء من الهجمات، فضلا عن انهيار نظام الرعاية الصحية بشكل كامل، وبالتالي فإن وفيات الأطفال والأمهات بات مرتفعا جداً بسبب الحرب".
وأكدت كروغر "هذا الأمر حقا محزن وسيستغرق الأمر عقودا من الزمن حتى يتم إعادة بناء كل شيء، وهذا أمر وخيم، لا سيما بالنسبة للأطفال".
وأشارت إلى أنه وبسبب الصراع المرير فإن تلاميذ اليمن الصغار يواجهون صعوبات طويلة الأمد وتأثيرا مدمرا وتخريبيا لعملية تعليم البنات والأولاد، بالإضافة إلى الإجهاد الضار الذي يتعرض له الأطفال، حيث تأذت أرواحهم، ويعانون من الاكتئاب، ويعانون من قلة النوم، وباتوا عرضة للإصابة بالعدوانية.
ولفتت في هذا الصدد إلى أن منظمة إنقاذ الطفل العالمية تعمل على تقديم المساعدات لإنقاذ 20 مليون شخص من المحتاجين والأطفال الذين تضررت نفسياتهم.
وبينت الرئيس التنفيذي لمنظمة انقاد الطفل العالمية سوزانا كروغر أنه "رغم تصنيف الوضع في اليمن على أنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، إلا أن لا أحد يهتم لما يحدث فيه، ولا يكترث له أحد، هذا هو الموقف المشترك من جميع أطراف الصراع".
غياب اللاجئين اليمنيين في الغرب وراء عدم اكتراث العالم بالأزمة الإنسانية
وعزت كروغر أسباب ذلك إلى أنه لا توجد تيارات من اللاجئين من هناك تصل إلى الغرب، لتوضيح الصورة الكاملة عن الوضع في اليمن.
وأضافت: "الناس غير قادرين على الخروج من اليمن، أضف إلى ذلك أن الوضع في اليمن بات غامض تماماً، الأمر لا يتعلق فقط بحرب بالوكالة تدور هناك بين المملكة العربية السعودية وإيران، فالجماعات ذات المصالح تتقاتل هناك، فعلى سبيل المثال الحوثيون في الشمال يقاتلون ضد الحكومة، وفي الجنوب يسعى الانفصاليون من أجل استقلال أراضيهم، كما تلعب الصراعات القبلية وأمراء الحرب دوراً كبيراً، وهذا أيضاً له تأثير كبير على عملنا".
عرقلة الوصول للمحتاجين
وأكدت الرئيس التنفيذي لمنظمة "إنقاذ الطفل" العالمية أن "الوصول إلى المحتاجين هو التحدي الأكبر لمنظمات الإغاثة الدولية والإنسانية مثل منظمة إنقاذ الطفل حيث إذا كنت تريد الذهاب من العاصمة صنعاء إلى ميناء الحديدة، عليك أن تمر على ما لا يقل عن عشرين حاجز تفتيش ويجب أن تدفع رسوم للمرور تصل إلى رؤساء العشائر".
واعتبرت الصراع المستمر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات هو من صنع الإنسان، والمتسبب بها ليس الجفاف والكوارث الطبيعية ولكن بسبب تجويع الملايين من الناس.
وأشارت إلى عدة عوامل اجتمعت لتشكيل تلك الأزمة، اجتماعية واقتصادية وسياسية، مما صعب الأمر على المنظمات عملية تقديم المساعدة.
وذكرت أن ما يصعب في الأمر أنه ينبغي التعاون مع أولئك الذين يعقدون عمل المنظمات لكي تتمكن من الوصول إلى الأطفال الأكثر فقرا في العالم.
وقالت كروغر: "السلامة هي أيضا مشكلة كبيرة، ولا ننسى صعوبة إيصال إمدادات الإغاثة إلى البلاد بصورة مطلقة، حيث تمر كمية كبيرة من مواد الإغاثة عبر ميناء الحديدة، عندما تنتهي المعارك الدائرة بين التحالف العسكري السعودي والحوثيين، فأنا أعرف تماما ما الذي سيعني ذلك بالنسبة لإمداد السكان".
وأضافت: "70٪ من عمليات الاستيراد تتم عبر ميناء الحديدة، وثلثا عدد السكان، أي 20 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات عاجلة، ناهيك عن حقيقة أن الدمار يترتب عليه عواقب كبيرة".
وتحذر الأمم المتحدة من كارثة إنسانية إن توسعت المعارك ووصلت إلى ميناء الحديدة الاستراتيجي بما يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين لها في اليمن.
وأكدت أن منظمة إنقاذ الطفل العالمية تقوم بأعمال إنسانية وإغاثية للتخفيف من معاناة الناس في اليمن، خصوصا الأطفال، حيث تقوم المنظمة بعملها فيما يسمى بالمناطق الملائمة للأطفال بمساعدة الأطفال، ما يمكن من مساعدة الفتيات والفتيان على الاسترخاء بضع ساعات في اليوم.
ولفتت إلى أن المنظمة "تقوم بتنظيم مراكز التعليم، فيما يتعلق بالتعليم للأطفال الذين يطلق عليهم النازحون داخليا، الذين فقدوا منازلهم ويعيشون في الخيام، هذه المراكز التعليمية تفيد الآلاف، والأطفال سعداء حقا لأنهم يحصلون على دروس لمدة ست ساعات على الأقل في اليوم، لأن هذا يعني أيضا ست ساعات بدون حرب وبالتالي تتولد لديهم دفعة أمل".
وحذرت منظمات دولية معنية بحقوق الأطفال في العالم مرارا من استمرار الحرب الدائرة في اليمن على نفسيات الأطفال والبيئة التي يعيشونها، خصوصاً أن تقارير سابقة للأمم المتحدة قالت إن نصف ضحايا الحرب في اليمن من القتلى والمصابين من الأطفال.
وشهد النزاع في اليمن تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري عربي في آذار/مارس 2015 دعما لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي بعدما تمكن الحوثيون المدعومون من إيران من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بينها العاصمة صنعاء أواخر العام 2014.
وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، حيث تشير إلى أن نصف السكان، وعددهم الإجمالي 28 مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن سبعة ملايين منهم لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
فيما يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن عدد المحتاجين لمساعدات عاجلة ارتفع إلى 22 مليونا العام الماضي 2017، أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا عام 2016.
وأسفر النزاع في اليمن عن مقتل نحو 11 ألف مدني يمني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين.