فيما كشفت مصادر خاصة لـ"ديبريفر" عن الحقيقة

الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تيليمن" بين مطرقة الحوثي وسندان "الشرعية"

صنعاء - ديبريفر
2018-07-14 | منذ 6 سنة

  تواجه الشركة اليمنية للاتصالات الدولية المعروفة بـ"تيليمن" منازعات واتهامات من قِبَل طرفي الحرب في اليمن.

  فبينما تتهم وسائل إعلام موالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً شركة "تيليمن" بعدم دفع التزاماتها المالية تجاه الكابل الدولي وتسخير إيرادات الشركة في تمويل الأعمال العسكرية لصالح جماعة الحوثيين (أنصار الله) التي تسيطر على الشركة ومركزه الرئيسي في صنعاء، تنفي الشركة تلك الاتهامات، فيما تؤكد مصادر خاصة لوكالة "ديبريفر" للأنباء صحة بعض تلك الاتهامات وليس جميعها.

   وأصدرت شركة "تيليمن"، مؤخراً، بياناً نفت فيه صحة الأنباء والمعلومات التي تداولتها عدد من وسائل الإعلام بشأن تسخيرها إيرادات الشركة في تمويل الأعمال العسكرية لصالح طرف من أطراف النزاع الدائر في اليمن في إشارة إلى قوات الحوثيين وحربه ضد التحالف العربي بقيادة السعودية دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

  وأكدت "تيليمن" في بيان أطلعت عليه وكالة "ديبريفر" التزامها في تسديد بقية مستحقات الحصة الاستثمارية في الكابل البحري AAE-1 ومحطة إنزاله في محافظة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.

 واعتبرت الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تيليمن" في بيانها أن ما ذكرته وسائل الإعلام "مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة والهدف منها تشويه صورة شركة تيليمن وخلق ذرائع واهية لتبرير استحداث بوابة دولية أخرى للاتصالات الدولية في مدينة عدن تم الإعلان عنها مؤخراً في إطار مسلسل استهداف شركة تيليمن بصورة خاصة وقطاع الاتصالات بصورة عامة، حد قولها.

  وقالت تيليمن: "حسابات الشركة منذ اندلاع الأزمة في اليمن مطلع عام ٢٠١٥  تمت مراجعتها والمصادقة عليها من قبل شركات مراجعة دولية كبرى، وهو ما يدحض الادعاءات حول استخدام إيرادات الشركة في الأعمال العسكرية وينفي تقاعس الشركة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بمشروع الكابل البحري AAE-1، والتي تم سدادها بالكامل من قبل شركة تيليمن بموجب المستندات المؤيدة لذلك".

  وأوضحت تيليمن أن طبيعة أعمالها الدولية تحتم عليها منذ نشأتها، إدارة مواردها وإعداد حساباتها وفقاً للمعايير الدولية، حيث يتم مراجعة حساباتها وإبداء الرأي حول أدائها من قبل كبريات شركات التدقيق والمراجعة في العالم، والذي يضفي موثوقية على سلامة حسابات الشركة ومدى التزامها بالمعايير الدولية.

  وجددت تيليمن التأكيد أن استحداث منظومات اتصالات جديدة في ظل ظروف الانقسام القائم حالياً في اليمن، سيؤدي إلى انهيار قطاع الاتصالات في البلاد، وسيمتد تأثيره ليشمل جميع القطاعات الأخرى خصوصاً الجوانب التعليمية والصحية والإنسانية، وسيترتب على ذلك حرمان المواطنين من خدمات الاتصالات التي تعتبر حقاً أساسياً تكفله جميع الدساتير في العالم.

 وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي  دشن في 18 يونيو الماضي في مدينة عدن الساحلية جنوبي البلاد حزمة من المشاريع في مجال الاتصالات والإنترنت.

  وبحسب وكالة الأنباء اليمنية سبأ بنسختها في الرياض والتابعة للحكومة المعترف بها دولياً، تتكون الحزمة من: بوابة عدن الدولية، شبكة عدن للتراسل الضوئي الدولي، مزود خدمة الانترنت (عدن نت)، شبكة عدن للإنترنت اللاسلكي، مركز عدن للسيطرة والتحكم، سنترال عدن للوسائط المتعددة، شبكة عدن للجيل الرابع، شبكة عدن لتراسل المعطيات، والكابل البحري الدولي وجميعها تابعة للمؤسسة العامة للاتصالات.

   وتبلغ تكلفة تلك المشاريع ١٠٠ مليون دولار أمريكي بتمويل حكومي شاملاً المشروع والتجهيزات المصاحبة وبكفاءات وخبرات يمنية خالصة.

 وتحكم جماعة الحوثيين (أنصار الله) سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة فيها، ومنها شركات الاتصالات والإنترنت في اليمن، وتتحكم بخدمة الإنترنت في البلاد من خلال شركة "يمن نت" الحكومية المزود الوحيد للخدمة في البلاد، وذلك منذ سبتمبر 2014.

  وتعتمد جماعة الحوثيين في جزء رئيسي من تمويلها على العائدات المالية من قطاع الاتصالات في اليمن الذي تسيطر عليه بشكل كامل.

  وأكد وزير الاتصالات في الحكومة اليمنية "الشرعية" لطفي باشريف، في وقت سابق أن الشركة الجديدة ستطلق رسميا للجمهور والمشتركين في ٣٠ يوليو القادم، وحتى موعد التدشين سيتم طرح مودم الانترنت الخاص بالشركة والشرائح والبدء بعمليات تجريب في كافة المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، لافتاً إلى أن  المرحلة الثانية عقب تشغيل الانترنت، هي مرحلة تشغيل الاتصال الهاتفي عبر الشركة.

  وتسعى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتدشين شركة عدن نت إلى كسر احتكار جماعة الحوثيين (أنصار الله) لخدمة الاتصالات والانترنت في البلاد سيما في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة.

  وحول مشروع الكابل البحري AAE-1 ومحطة إنزاله في عدن قالت شركة الاتصالات الدولية "تيليمن" في بيانها إنها عملت على تجاوز الصعوبات الأمنية والسياسية التي صاحبت اندلاع الحرب خاصة مع وجود محطة الإنزال في مدينه عدن، وبذلت جهوداً حثيثة من أجل استكمال المشروع ايماناً منها بأنه مشروع سيخدم جميع اليمنيين في كافة أراضي الجمهورية اليمنية، كما قامت بالإشراف على استكمال الأعمال الإنشائية للكابل الفرعي ومحطة الإنزال في مدينه عدن حتى دخوله في الخدمة في سبتمبر عام 2017.

  وأكدت شركة "تيليمن" الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بمشروع الكابل البحري "AAE-1"، والتي تم سدادها بالكامل بتمويل ذاتي 100% من قبل الشركة بموجب المستندات المؤيدة لذلك.

  ودعت الشركة في ختام بيانها كافة أطراف الصراع المحلية والإقليمية والدولية إلى تحييد خدمات الاتصالات والنأي بها عن الصراعات والحفاظ على منظومة الاتصالات في وضعها المهني القائم، وعدم استحداث أي كيانات جديدة أو اتخاذ أي قرارات من شأنها التأثير على سير أعمال المؤسسات والهيئات والشركات العاملة في قطاع الاتصالات.

الحقيقة

  لكن ورغم نفي شركة "تيليمن" تمويلها للمجهود الحربي للحوثيين في حربهم مع خصومهم، إلا أن مصادر خاصة في الشركة، طلبت عدم الكشف عن اسمها، أكدت لوكالة أنباء "ديبريفر"، عن مواصلة جماعة الحوثيين التي تسيطر على المؤسسات الحكومية بصنعاء، ابتزازها للشركة الإيرادية وتتحصل من خلال ذلك على أموال كبيرة من إيرادات الشركة من وقت إلى آخر.

 وأوضحت المصادر أن الرئيس التنفيذي للشركة الاتصالات "تيليمن" علي ناجي نصاري، الذي عينه الرئيس عبدربه منصور هادي عام 2013 بقرار جمهوري، يتعرض لضغوطات مستمرة من جماعة الحوثي التي سيطرت على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، تجعله يرضخ ويتبنى مصالح خاصة وسياسات لا تصب في مصلحة الشركة الرائدة في مجال الاتصالات الدولية في اليمن، ويأمر بصرف من حين لآخر مبالغ مالية طائلة من أموال "تيليمن" لصالح الجماعة.

 وأشارت إلى ان جماعة الحوثي حصلت من "تيليمن" منذ سيطرتها التامة على مؤسسات الدولة بصنعاء، على قرابة أربعة مليارات ريال يمني حتى الآن.

  ولفتت المصادر إلى أن الحوثيين عينت منذ أكثر من عام أحد أعضاءها في منصب مدير شركة "تيليمن" فرع صنعاء، في مخالفة واضحة للوائح وأنظمة الشركة باعتباره لا ينتمي للشركة أصلا ولا يمتلك الكفاءة والمعايير التي تستلزم اعتلاء هذا المنصب الكبير فيها.

  إلى ذلك أكدت مصادر مطلعة أن العبث الذي تمارسه جماعة الحوثي على مدى أكثر من ثلاث سنوات لا ينحصر على أموال شركة تيليمن فحسب، بل يطال كافة أموال الشركات الإيرادية للدولة في العاصمة صنعاء التي تستولي على أموالها بطرق غير قانونية.

 ويسيطر الحوثيون على مؤسسات الدولة الحكومية المختلفة، ويدير شؤونها مندوبون ومشرفون عن اللجنة الثورية العليا التابعة للجماعة.

   ورغم أن ما يسمى "اللجنة الثورية العليا" للحوثيين تم إلغائها بعد قرار تشكيل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء عام 2016 باتفاق الشراكة بين المؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثيين، إلا أن هذه اللجنة مازالت تحكم قبضتها على كل المؤسسات والوزارات من خلال عدد كبير من أعضائها عينتهم في مناصب إدارية مهمة بالمؤسسات والشركات ويمارسون إجراءات غير قانونية تقود إلى حالات فساد وعبث بأموال الدولة، تمكنوا عبرها من شراء بيوت وأراضي وعقارات وسيارات فارهة خاصة بالإضافة إلى صرف عهد لأعمال لم تنجز.

  ويسود في أوساط كافة موظفي الدولة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حالة من الاحتقان والغضب في آن إزاء ممارسات الجماعة الحوثية المستمرة التي لا يمتلك عدد كبير من أعضاءها الكفاءة والقدرة على إدارة المؤسسات وأتثبت الفشل الذريع في كافة الأجهزة والأطر الحكومية.

 وتعد إيرادات قطاع الاتصالات بينها " تيليمن " أحد أهم مصادر تمويل الموازنة العامة السنوية للدولة في اليمن بعد النفط والجمارك والضرائب.

  وبالمثل تعاني وزارات ومؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية "الشرعية" لفساد مهول، غير أن هذه الحكومة لا تزال تصرف مرتبات الموظفين في المؤسسات والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، بعكس حكومة "الإنقاذ" في صنعاء التابعة للحوثيين.

  وكانت الحكومة اليمنية "الشرعية" في الرياض أوقفت منذ بداية عام 2016، تحويل نسبة إيرادات "تيليمن" من الاتصالات الدولية الواردة من دول الخليج إلى الشركة في صنعاء والتي تصل إلى 90 % من إيرادات الشركة، وذلك حفاظا على الأموال وحتى لا تصل إلى جيوب الحوثيين، وفقاً لإدعاءات "الشرعية".

 

خلفية عن "تيليمن"

  تأسست الشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تيليمن) البوابة الدولية للجمهورية اليمنية، عام 1990م كشركة مساهمة محدودة بين الحكومة اليمنية ممثلة بالمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وشركة البرق واللاسلكي البريطانية، والتي كانت بموجبها تتوزع أسهم الشركة بنسبة 51% للشركة البريطانية، و49% للمؤسسة اليمنية العامة للاتصالات.

 ومع انتهاء فترة العقد بين الطرفين نهاية عام 2003م قامت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية بشراء أسهم شركة البرق واللاسلكي البريطانية، ووقعت عقد إدارة مع شركة فرانس تيليكوم تقوم بموجبه بإدارة شركة "تيليمن" لمدة خمس سنوات تبدأ من يناير 2004م إلى 31 ديسمبر 2008 وقد تم تمديد العقد ليكون حتى نهاية يونيو 2011 .

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet