تأتي الذكرى الثلاثين للوحدة اليمنية في ظل ظروف معقدة يعيشها اليمن بفعل الحرب المشتعلة بين القوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية، وبين جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسنودة من إيران.
6 سنوات حرب، أوصلت اليمن وشعبه إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة، ومهددة بكارثة صحية بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد فضلاً عن أوبئة أخرى فتكت وما تزال بالآلاف منهم.
وكالات الأنباء الفرنسية "أ ف ب" سلطت الضوء على "الوحدة اليمنية" عبر تقرير لها نشرته ،اليوم الأربعاء، وخلصت فيه إلى أن اليمن الموحد بات مهدداً بالتفكك والانفصال أكثر من أي وقت مضى.
وقالت الوكالة: "بعد ثلاثة عقود على إعلان الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، يواجه أفقر دول شبه الجزيرة العربية خطر التفكك بفعل الحروب المحلية والنزاعات الإقليمية والتدخل الخارجي".
واستعرضت في تقرير تحليلي لها واقع الوحدة اليمنية الحالي، وأبرز المحطات التي مرت بها منذ إعلانها يوم الـ22 من مايو عام 1990 قبل ثلاثين عاماً.
وأشارت إلى أن اليمن "يدخل في 22 أيار – مايو عامه الثلاثين على إعلان توحيد شطريه الشمالي والجنوبي، في ظل نزاعات إقليمية وتدخلات خارجية تهدد استمرارية هذه الوحدة.. فيوم أعلن عن توحيد اليمن عام 1990، لاقت هذه الخطوة ترحيبا جماهيريا كبيرا، وعدت بمثابة تجسيد (حلم شعبي) لجيل كامل من اليمنيين".
وتابعت "لكن اليمن اليوم عبارة عن مناطق مقسمة تسيطر عليها جماعات متحاربة مدعومة من أطراف خارجية، فتخضع العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال البلاد لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران، بينما تسيطر الحكومة المعترف بها دوليا على محافظة مأرب المركزية ومحافظات الشرق بمساندة تحالف عسكري بقيادة السعودية، أما الانفصاليون الجنوبيون يسيطرون على مدن الجنوب وبينها عدن".
وأشارت إلى أنه "على امتداد الشريط الساحلي في جنوب غرب البلاد، تنتشر قوات أخرى بينها تلك التابعة للجنرال طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والتي تشارك في قتال الحوثيين، لكنها لا ترغب بالانخراط في النزاع الدائر بين الحكومة والانفصاليين الجنوبيين".
ولفتت إلى أنه "وفي ظل هذه التجاذبات، برزت النزعة الانفصالية لدى الجنوبيين أكثر من أي وقت مضى، ويؤكد الانفصاليون من المجلس الانتقالي الجنوبي تصميمهم على مواصلة السعي نحو الاستقلال".
ونقلت الوكالة الفرنسية عن القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي ثابت العولقي قوله إن "هدفنا الاستراتيجي الذي لا تنازل عنه هو تحقيق استقلال وطننا وإقامة دولته الفيدرالية المستقلة من خلال تمكين شعبنا من تقرير مصيره".
وأكدت أن دوائر السلطة في اليمن تدرك نهاية مشروع اليمن الذي تم تصوّره في عام 1990، إذ يعتبر مستشار رئيس الوزراء اليمني علي الصراري أن هناك خيارين للمستقبل "التشرذم أو خيار الدولة الاتحادية" التي ستنجم عن اتفاق سياسي يبدو حاليا صعب المنال.
وقدمت الوكالة في تقريرها، قراءة تاريخية للأوضاع في اليمن قبل الوحدة، ابتداء من العام 1962 تاريخ الإطاحة بالنظام الملكي للإمامة الزيدية في شمال اليمن، ثم ثورة 14 أكتوبر وإجلاء آخر جندي بريطاني من عدن في العام 1967، وكيف تركز الخطاب السياسي للنخب والقوى السياسية في شمال اليمن وجنوبه عل هدف "الوحدة" وصولاً إلى إعلانها عام 1990.
وتطرقت الوكالة في تقريرها إلى الاحتجاجات الشعبية عام 201، وتنحّى الرئيس السابق صالح عن السلطة في 2012 بعد 33 عاما في السلطة لصالح نائبه عبد ربه منصور هادي، ثم اغتيل صالح في عام 2017 على أيدي الحوثيين الذين كانوا متحالفين معه ضد هادي في سنوات الحرب (الأخيرة)الأولى، وسيطرة الجماعة على صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية، وتصاعد نفوذها كقوة مقربة من إيران ومناهضة للسعودية، وتدخل الرياض على رأس تحالف عسكري في 26 مارس 2015 في اليمن دعماً لحكومة هادي في مواجهة الحوثيين.
وأكدت أنه "وفي ظل هذه الصراعات، فشلت حكومة هادي في الحفاظ على تلاحم المعسكر المعادي للحوثيين، وأعلن الانفصاليون الجنوبيون الشهر الماضي، الإدارة الذاتية، في الجنوب، في خطوة تقرّبهم من هدفهم: العودة إلى ما
قبل 1990".
ويرى المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي إن "الوحدة اليمنية بشكلها الحالي انتهت ولم يعد بالإمكان توقع استمرارها".
المذحجي يرى كذلك إن الحرب الدائرة في البلاد والتي قتلت الآلاف ودمرت الاقتصاد والصحة والتعليم "استحدثت حقائق مستقلة على الأرض".