اليمن.. حالة غليان وغضب بأوساط سكان عدن بسبب انقطاع الكهرباء رغم وجود هادي وحكومته

عدن (ديبريفر)
2018-07-16 | منذ 5 سنة

انقطاعات الكهرباء في عدن تجبر السكان على الخروج من منازلهم ليلاً

  يسود الشارع في مدينة عدن جنوبي اليمن حالة من الغليان والغضب بسبب تردي الخدمات العامة في المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، رغم تواجد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في المدينة منذ شهر كامل.

  ويعاني سكان عدن من تردي الخدمات العامة خصوصاً الكهرباء بالتزامن مع موجة حر شديدة دائماً ما تعيشها المدينة الساحلية في فصل الصيف.

  وانقطع التيار الكهربائي، مساء الأحد، في أغلب مناطق مدينة عدن قبل إلى يعود بعد عشر ساعات إلى بعض المناطق ما يفاقم الأوضاع المعيشية للسكان في المدينة التي دخلت الكهرباء إليها كأول مدينة في منطقة الجزيرة والخليج العربي بنهاية القرن التاسع عشر عندما كانت مستعمرة بريطانية.

  وتطغى حالة من الغليان والغضب العارم لدى سكان مدينة عدن بسبب تفاقم المعاناة وتدهور الأوضاع وتردي الخدمات الأساسية للحياة في المدينة من وقود وكهرباء ومياه غير صالحة للشرب واتصالات وسط تجاهل وصمت الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته المتواجدون في عدن.

  وقال مسؤولون إن محطات توليد الكهرباء خرجت عن الخدمة، الأحد، بفعل خلل فني في محطة "الحسوة الكهرو حرارية" الحكومية الرئيسية بعدن وفي محطة باجرش التي تستأجرها الحكومة والواقعة في مديرية خور مكسر.

  وأشاروا إلى أن هذا الخلل تسبب بانطفاء شامل في معظم مناطق عدن  وأن فريق فني متخصص قام بتشغيل محطات الكهرباء تدريجيا، فضلاً عن المعاناة من نقص في توفر المشتقات النفطية من ديزل ومازوت اللازمة لتشغيل المحطات.

 ويفترض أن تغذي عدن ثلاث محطات رئيسية أبرزها، محطة الحسوة "كهرو حرارية" وتأسست في خمسينيات القرن الماضي وصممت على وقود المازوت وتعمل على إشعال الغلايات لتحويل المياه إلى بخار ويقوم بتدوير التوربين (المولد) لتوليد الطاقة الكهربائية وفي حال انخفاض كمية المازوت بالخزانات يتم تخفيض عملية الإحراق مما يؤدي لتحيض الأحمال على التوربينات، وذلك بالإضافة إلى محطتي المنصورة وخور مكسر.

 لكن قلة الوقود وعجز السلطات الحكومية والمحلية على توفيرها بالشكل المطلوب في محطتي خور مكسر والمنصورة، يتسبب في تزايد ساعات الانقطاعات الكهربائية في عدن، فضلاً عن حدوث طارئ مثلما حصل، الأحد، ووقوع خلل فني أدى لخروج محطتي خور مكسر والكهرو حرارية عن الخدمة، بينما أصبح ما ينتج حاليا من المحطات الثلاث أقل من 130 ميجاوات يومياً أي ما يقارب 35 بالمائة من الطاقة الإجمالية للتوليد المطلوبة لعدن والتي تقدر بـ 370 ميجاوات.

  وقال مواطنون في منطقة ريمي بمديرية المنصورة لوكالة "ديبريفر" للأنباء إن التيار الكهربائي عاد إلى منطقتهم الساعة التاسعة والنصف مساءً وانقطع  في الحادية عشرة، أي بعد أقل من ساعة ونصف تشغيل فقط، فيما ذكر مواطنون في منطقة دار سعد أن التيار الكهربائي منقطع عنهم من صباح الأحد وحتى دخول يوم الاثنين.

 ويقول مسئولون محليون إن السلطات المحلية في عدن تواجه صعوبات وتحديات غير مسبوقة في ظل الأوضاع المتردية التي تعيشها عدن في حين يتهم مسؤولون ونشطاء سياسيون أطرافا في الحكومة اليمنية بالوقوف وراء افتعال الأزمات وتعطيل الخدمات وعرقلة إحداث أي نقلة نوعية في تحسين الخدمات الأساسية ومعالجة التيار الكهربائي في عدن في محاولة لتجييش الشارع ضد الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي رغم أن ليس له علاقة ولا يمثل سلطة تنفيذية في عدن.

 وتعيش محافظة عدن منذ قرابة عشرة أشهر من دون محافظ بعد استقالة المحافظ السابق عبد العزيز المفلحي في 16 نوفمبر الماضي من منصبه بعد أشهر قليلة من تعيينه.

 واتهم المفلحي في خطاب استقالته قدمه حينها للرئيس هادي، الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً برئاسة الدكتور أحمد بن دغر بأنها تعمل ضد التحالف العربي بقيادة السعودية، داعياً إلى محاسبة الحكومة عن فسادها وإعاقتها الجهود الحثيثة في عدن المسنودة بدعم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية والذي ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد معاقل جماعة الحوثيين (أنصار الله)، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإعادته إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ سبتمبر 2014.

 واعتبر محافظ عدن المستقيل، حكومة بن دغر "بعدوة عدن وأبناءها"، حسب تعبيره، مبدياً استعداده للمساعدة من "أي موقع يكون فيه مع أبناء عدن لمواجهة الأعداء وعدم ترك الفرصة للحكومة للعبث والتلاعب بالخدمات الأساسية ومقومات الحياة بل والعمل على محاسبتها".

 وأستغرب سكان ومواطنون في عدن مما يجري في مدينتهم الساحلية ذات درجات الحرارة المرتفعة التي باتت تعاني الأمرين مع عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى المدينة مؤخرا لأول مرة منذ عام ونصف.

  وأشاروا إلى أن الخدمات العامة كانت قد شهدت تحسناً طفيفاً لايكاد يذكر مع عودة الرئيس هاد، بما في إصلاح مرافق الكهرباء باعتبارها أحد أهم احتياجاتهم، لكن توقعاتهم ذهبت أدراج الرياح وهذا التحسن لم يدم طويلاً حيث عادت عملية الانقطاعات المبرمجة بشكل أسوأ من قبل لتصل إلى ساعتين تشغيل مقابل ساعتين انقطاع.

  وسخر سكان عدن من الوعود المتكررة التي وصفوها بـ"الكاذبة" لما باتوا يطلقون عليها بـ"حكومة معاشيق" نسبةً للقصر الرئاسي الواقع في رأس جبل يطل على البحر شرق عدن وتقيم فيه الحكومة وتباشر مهامها منه دون أن تنزل للشارع لتلمس احتياجات وهموم المواطنين والعمل على تحسين الظروف المعيشية بالمدينة.

  وكان سكرتير رئيس الوزراء للحكومة الشرعية غمدان الشريف، أكد الشهر الماضي وصول مولدات كهربائية إلى عدن، وأن "عدن ستشهد تحسنا كبيرا"، غير أن المدينة الساحلية لم تشهد أي تحسن يذكر.

 كما أعلنت الحكومة خلال الأسابيع الماضية ربط الشبكة الكهربائية بـ20 ميجا ثم 60 ميجا و40 ميجا إلا إن الواقع يكشف عدم مصداقية الحكومة وعدم وفاءه بتلك التعهدات.​

  ووجه سكان وناشطون في المدينة أصابع الاتهام إلى الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته بسبب الفشل والعجز في إدارة المدن والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وعدم تمكنهم من توفير المتطلبات الأساسية والاحتياجات الضرورية للسكان بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام من نجاح مقاتلون محليون وبدعم من قوات إماراتية في طرد الحوثيين في نهاية يوليو تموز عام 2015.

 

رئيس وحكومة لا يعنينا

  وقال الناشط السياسي من عدن صلاح الشاذلي، على صفحته الشخصية في الفيسبوك: "إذا كان وجود الرئيس هادي ورئيس الحكومة والوزراء في عدن لن يغير من الأوضاع المعيشية والأمنية وستبقى نفس الوجوه التي تسببت في الفشل والفوضى خلال الثلاث السنوات الأخيرة في مواقعها بدون تغير أو محاسبة عوضآ عن إيجاد حلول للازمات المعيشية في عدن (أمن رواتب كهرباء مياه) ويقضي الرئيس أوقاته بلقاءات مع ممثلي محافظات إب والضالع وغيرها من اللقاءات وكأن لسان حالهم يقول: مايحدث في عدن لايعنينا،  فإن وجودهم في عدن مثل عدمه، فليعود للرياض ويكتفي باللقاءات والسلفيات مع السفراء والوزراء والمبعوثين".

 ويؤكد مراقبون سياسيون في جنوب اليمن أن ما يجري في عدن يفوق الوصف والخيال وتعطيل لمقومات الحياة بصورة متعمدة وممنهجة.

 وقالوا: "هناك من له مصلحة من الإدارة بالأزمات ومحاولة تسخين الوضع الهادئ في عدن وتعكير العلاقة بين الشرعية والتحالف ومحاولة تفريق الجنوبيين بين شرعية وتحالف".

واتهم هؤلاء: "أطرافا سياسية لا تريد للتحالف تطبيع الأوضاع في الجنوب بعد أكثر من ثلاث سنوات من التحرير، لأنها فشلت في تحقيق شيء لها وللتحالف في الشمال" في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

 وأكدوا أن ما يجري في قطاع الكهرباء عدن يشوبه عمليات فساد ضخمة  في صفقات الطاقة المشتراة من القطاع الخاص.

 وقال الناشط الجنوبي غازي العلوي: "لم أكن أعلم ان الفساد في حكومة بن دغر قد بلغ إلى ذلك الحد الذي لم أكن أتوقعه رغم الشواهد الكثيرة على أرض الواقع التي تشير إلى هذا الفساد".

 وأضاف: "كهرباء عدن وما أدراك ما كهرباء عدن، والكل يعرف كيف وضعها وكيف يتم اتخاذها وسيلة لتعذيب المواطنين خصوصا خلال فصل الصيف .. فهل يصدق أحد منا أن يصل الإنفاق الحكومي على كهرباء عدن لتوفير مادة الديزل فقط في اليوم الواحد إلى مليون ونصف مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل 744 مليون ريال يمني، في اليوم الواحد حيث يصل إجمالي الدعم الذي تقدمه حكومة بن دغر وعلى لسان وزير الكهرباء عبدالله الأكوع إلى (45) مليون دولار أي ما يعادل  22 مليار و320 مليون ريال يمني في الشهر الواحد، طبعاً قيمة وقود الكهرباء هذه تذهب لإمبراطور مملكة الفساد أحمد العيسي ورفاق مملكته العتيدة".

  والعيسي هو رجل الأعمال ومالك شركة "عرب جلف" وهي شركة تجارية استثمارية تحتكر عملية استيراد الوقود في عدن وبقية المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية "الشرعية"، في سابقة هي الأولى من نوعها تحدث في بلد في العالم بأن يتم تسليم أهم مورد اقتصادي ومالي للبلد للقطاع الخاص، بموجب قرار تحرير سوق المشتقات النفطية، الذي أصدره الرئيس هادي مطلع مارس الماضي والقاضي بتحرير سوق المشتقات النفطية، وفتح مجال الاستيراد أمام شركات القطاع الخاص، وإخضاع عملية بيع وتوزيع المشتقات للمنافسة بين الشركات.

 وأشار العلوي إلى أنه "لو تم توزيع هذا المبلغ شهريا على سكان عدن أجزم بأن المدينة سوف تنافس مدينة طوكيو ولن تنقطع فيها الكهرباء دقيقة واحدة".

 وتابع قائلا: "فساد ما بعده فساد تجاوز حدود المعقول والمصيبة أن يظهر بين الحين والأخر من يدافع عن هذه الحكومة ويتشدق بإنجازاتها التي لا تحصى ولا تعد.. على الرئيس هادي وقيادة التحالف وضع حد لهذا الفساد الذي تمارسه هذه الحكومة التي تسببت في تجويع الشعب والتلذذ بمعاناته والمتاجرة بقوته وبمقدرات الوطن والدعم الذي يقدمه الأشقاء في دول التحالف العربي".

  وكان وزير الكهرباء عبدالله الأكوع قال الجمعة الفائتة، إن الحكومة تبذل جهد كبير من أجل الحد من معاناة الناس في عدن بسبب الاطفاءات المتكررة، والناتجة عن العجز في التوليد، مؤكدا أن الحكومة تدفع مبلغ مليون ونص مليون دولار يومياً لتغطية قيمة مادة الديزل لتشغيل المحطات الكهربائية بعدن فقط.

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet