رغم تزايد اعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد(كوفيد_19)، في دول عديدة إلا أنها قررت تخفيف قيود الحجر الصحي التي كانت قد فرضتها قبل بضعة أشهر.
يبدو الأمر مثيراً للتساؤلات، خاصة وإن من بين الدول التي أعلنت تخفيف الحظر الصحي، من لا زالت تسجل معدلات اصابات مرتفعة بفيروس كورونا، لكن يبدو أن قرار التخفيف كان لعدة اعتبارات في مقدمتها الاقتصادية.
ويمكن القول أيضاً أن الشعوب شعرت بالضجر الشديد، من وضعها الإجباري داخل المنازل لأكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر، فأعلنت بصوت مسموع عن تذمرها، وطالبت بالعودة إلى الحياة مجدداً، كما حصل في ألمانيا وإيطاليا.
تسجيل معدلات اصابات عالية في دول عربية كالسعودية والكويت والأردن وفلسطين، فتحت المساجد مجدداً، وسمح بالصلاة فيها، لكن نسب الإصابات متفاوتة بين تلك الدول، وبعضها يمكن القول أنه انتصار على وباء كورونا كالأردن.
وأعلنت الكويت يوم الأحد إن إدارة الطيران المدني وضعت خطة لتشغيل الرحلات التجارة من وإلى مطار الكويت الدولي، في وقت تستعد فيه البلاد لفتح المساجد الأربعاء المقبل بعد إغلاق استمر ثلاثة أشهر لمكافحة فيروس كورونا.
وقررت الكويت فتح المساجد مجدداً في بعض المناطق لأداء صلاة الجماعة ابتداء من ظهر الأربعاء المقبل، وكذلك إقامة صلاة الجمعة بالمسجد الكبير للعاملين فيه فقط.
ويوم الأحد، سجلت الكويت إصابة 717 حالة جديدة، ليصبح إجمالي عدد الحالات 31.848 حالة، وتسجيل 923 حالة شفاء، ليصبح الإجمالي 20.205 حالات و10 حالات وفاة جديدة بالفيروس.
وبعد أن كانت السعودية قد خففت القيود المفروضة لمواجهة كورونا ورفعت حظر التجول عن عدد من المدن وسمحت بصلاة الجماعة في المساجد في 26 مايو الفائت، إلا أنها عادت لتفرض حظر التجول 15 يوماً في مدينة جدة بسبب تزايد الإصابات بالفيروس.
ويوم السبت، سجلت السعودية 3121 إصابة جديدة بالفيروس ، ويعتبر أعلى معدل إصابات يومي لم تسجله طيلة الأشهر الثلاثة الفائتة، إذ كان المعدل الأعلى للإصابات اليومية في 15 مايو الفائت بـ2840 إصابة.
وبدأت الجزائر الأحد المرحلة الأولى من استئناف النشاطات الاقتصادية والتجارية مع التشديد على ضرورة الالتزام بتدابير الوقاية الصحية.. وحددت الحكومة الجزائرية موعد المرحلة الثانية في يوم 14 يونيو الجاري.. وسجلت الجزائر أكثر من عشرة آلاف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا ونحو 700 وفاة.
وبدأت المغرب الأحد، في إعادة الحياة إلى طبيعتها وقد استهلها بعدد من الأنشطة الاقتصادية، لتواصل المملكة نجاحها في القضاء على فيروس كورونا المستجد.
وخلال الـ24 ساعة الأخيرة، لم تسجل المغرب أية حالة وفاة، مقابل 61 إصابة جديدة و10 حالات شفاء، حيث بلغ العدد الإجمالي للمصابين بالفيروس في البلاد 8132 حالة، من بينها 208 وفاة. أما عدد الحالات التي تماثلت للشفاء فارتفعت إلى 7278.
مبادرات مفاجئة
أما في أوروبا التي فتك بها فيروس كورونا بقسوة، فقد كان غريباً أن تبادر دولة كألمانيا إلى تخفيف قيود الحظر، وتقرر إعادة دوري كرة القدم، ومنذ منتصف مايو الفائت، بدأت دول أوروبية تخفيف تدابير مكافحة وباء جائحة كورونا، والسماح بعودة أنشطة اقتصادية واجتماعية بصورة تدريجية، كبولندا التي فتحت المدارس الابتدائية أمام التلاميذ، مع وعود بفتح المدارس الإعدادية والثانية خلال الأيام المقبلة.
كرواتيا سارت على خطى بولندا وفتحت مدارسها الابتدائية لاستقبال التلاميذ من الفصول الدراسية من الصف الأول وحتى الرابع، أما المجر فقد أعلنت فتح حدودها مع صربيا أمام مواطني البلدين.
وفي قارة أسيا، رفعت اليابان نهاية مايو الفائت حالة الطوارئ التي فرضتها في أبريل الفائت، في حين أعلنت تايوان أنها سترفع القيود المتعلقة بوباء كورونا خلال يونيو الجاري.
وكان مفاجئاً خروج مئات المحتجين اللبنانيين أمس السبت في تظاهرات عقب تخفيف الحكومة قيود العزل العام التي فرضتها لمنع تفشي كورونا.
التظاهرات في لبنان كانت للتعبير عن غضب المحتجين من أسلوب إدارة الحكومة للأزمة الاقتصادية الخانقة، وقد تزامنت مع المفاوضات بين بيروت وصندوق النقد الدولي من أجل اتفاق يتيح للحكومة اللبنانية تمويلاً بمليارات الدولارات لإنقاذ اقتصادها من الانهيار.
إنقاذ الاقتصاد
أضرار جائحة فيروس كورونا طالت الاقتصاد العالمي وأثرت عليه بشكل كبير جداً، ولم يعد بإمكان أغلب الدول التي توقفت فيها الحياة خوفاً من انتشار الفيروس مواصلة موتها السريري، ولا بد من عودة تدريجية للأعمال والإنتاج لفرملة خسائرها الاقتصادية.
وكانت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة قد قالت في مايو الفائت إن الاقتصاد العالمي سيتقلص بنسبة 3.2٪ في العام 2020.
تقرير إدارة الشؤون الاقتصادية الأممية أكد أن التقلص سيتسبب بخسائر تقدر بحوالي 8.5 ترليون دولار، أي ما يعادل حولي 4 أعوام من مكاسب حققت.
ووفقاً للتقرير، فإن الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المتقدمة سوف ينخفض إلى سالب 5٪، بينما سينكمش ناتج البلدان النامية بنسبة 0.7٪.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية، إليوت هاريس، إنه مع القيود التي فرضها فيروس كورونا على الأنشطة الاقتصادية وتزايد عدم اليقين، وصل الاقتصاد العالمي إلى "طريق مسدود تقريباً في الربع الثاني من العام 2020"، مضيفاً أن العالم يواجه "واقعاً مريراً" يتمثل في ركود حاد لم نشهده منذ الكساد الكبير.
وخصصت عديد حكومات ما يعادل 10% من الناتج المحلي الاجمالي في العالم كتدابير تحفيزية لمواجهة جائحة كورونا والحد من آثار انكماش اقتصادي كارثي، ومن ضمن تلك التدابير تقليل العديد من دول العالم قيود الإغلاق بهدف دفع اقتصاداتها.
ويرى هاريس أن قوة انتعاش الاقتصاد تعتمد على قدرات البلدان على حماية الوظائف والدخل، خاصة لدى أكثر أفراد المجتمعات ضعفاً.
ومن المتوقع حدوث انتعاش اقتصادي طفيف خلال ما تبقى من العام الجاري وبنسبة 3.4٪، إلّا أن التقرير الأممي يؤكد أن معظمه سيكون من استعادة الناتج المفقود.