عودة الاغتيالات إلى عدن:

العاصمة المؤقتة لليمن تغلي فوق صفيح ساخن (تقرير خاص)

عدن ـ ديبريفر ـ سامي الكاف
2018-07-18 | منذ 5 سنة

 تفجير سيارة قيادي في حزب الإصلاح أثناء توقفها بالقرب من فرع بنك سبأ الإسلامي في الشارع الرئيسي بمديرية المعلا

عادت حوادث الاغتيالات التي يقوم مسلحون مجهولون الى واجهة المشهد السياسي في مدينة عدن جنوب اليمن وهي حوادث تشير إلى أن المدينة تغلي فوق صفيح ساخن.

ومنذ 26 مارس 2015 تعيش اليمن في حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) من جهة، وبين قوات يمنية تابعة للحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن ضربات جوية وبرية وبحرية في مختلف جبهات القتال وعلى معاقل الحوثيين، وتمكنت من خلالها استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات والمناطق شمال البلاد.

وخلال الساعات الفائتة شهدت عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد ثلاث محاولات اغتيال أودت أحدها بحياة شيخ حارة أثناء تواجده في ساحة مسجد في قلب مديرية الشيخ عثمان أحد أكثر الأماكن المكتظة بالسكان فيما لاذ المسلحون بالفرار. وسبقها محاولة اغتيال القيادي في حزب الإصلاح اليمني (جماعة الإخوان المسلمين) صادق أحمد محمد نفذها كذلك مسلحون مجهولون.

أصيب صادق ـ 56 عاماً ـ بجراح إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين كانوا على متن سيارة في حي القلوعة بمديرية التواهي. وقال مقربون من صادق إنه نُقل صباح الثلاثاء الفائت إلى أحد المستشفيات لتلقي العلاج إثر إصابته بـ3 رصاصات خلال محاولة اغتيال من قِبل مسلحين يستقلون سيارة معتمة صباح الثلاثاء.

حزب التجمع اليمني للإصلاح بعدن أدان الحادث، وقال أنه إرهابي، مؤكداً أن صادق أحمد وعدداً من زملائه "نجوا من محاولة الاغتيال"، كما أدان الإصلاح العمل الإرهابي الذي وقع صباح نفس اليوم، الثلاثاء الفائت، في مديرية المعلا، واستهدف أحد أعضاء الحزب عادل الجعدي رئيس جمعية الحكمة في الضالع، عبر تفجير سيارته أثناء توقفها بالقرب من فرع بنك سبأ الإسلامي في الشارع الرئيسي بمديرية المعلا المجاور لمبنى السلطة المحلية، مشيراً إلى أن تزامن الحادثتين الإرهابيتين يؤكد على "دناءة السلوك الذي وصلت إليه تلك العقليات الإجرامية التي أوغلت في القتل والإجرام، ومدى الأريحية التي تنفذ به جرائمها الخطيرة".

وتعاني عدن من وضع أمني غير مستقر منذ تحريرها في يوليو 2015م. وشهدت المدينة منذ ذلك الوقت حوادث اغتيالات طالت رجال دين و دعاة وعسكريين ومدنيين، كما طالت محافظها الأسبق جعفر محمد سعد وهو وضع محتقن ويسبب قلقاً لا ينتهي. فبدلاً من وجود قوة أمنية واحدة تفرض سلطتها على عدن وعلى كل المحافظات المحررة، برزت عدة قوى تنازع الحكومة الشرعية في اليمن في فرض سلطاتها على المدينة وباقي المناطق، وصارت هذه القوى تمتلك السلاح الثقيل والمتوسط، وتفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من عدن، وعلى عدة محافظات.

وكان خطاب أحد القادة العسكريين للحزام الأمني بعدن ـ أنشأته ومولته دولة الإمارات العربية المتحدة ـ والذي ألقاه الأحد الفائت 15 يوليو 2018م في أحد المعسكرات في مديرية البريقة القريب من معسكر للتحالف العربي، أعاد عدن من جديد إلى واجهة المشهد السياسي المحتقن الذي يشير بوضوح إلى أن الوضع قابل للانفجار في أي وقت، وأن المدينة فعلاً تغلي فوق صفيح ساخن سوف ينفجر في وجه الجميع.

تعهد قائد اللواء الأول دعم وإسناد الذي يتبع ألوية الحزام الأمني، العميد منير محمود اليافعي المُكنّى بـ"أبو اليمامة"، في خطابه الذي أثار ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي وتناولته وسائل إعلام محلية، وحضرته قيادات عسكرية من التحالف العربي، وقيادات عسكرية وأمنية جنوبية بارزة، بـ"الانقضاض على العاصمة عدن والجنوب في الأيام القريبة والسيطرة على الأرض وإدارتها"، مُعيداً إلى الأذهان محاولة الانقلاب العسكري المسلح الفاشلة التي قامت بها مجاميع مسلحة تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي نهاية يناير الفائت للاطاحة بالحكومة الشرعية وأسفرت عن سقوط نحو 70 من القتلى وعدد من الجرحى.

وأكد أبو اليمامة: "أنا اقولها فليسمع من يسمع نحن نعد العدة من أجل السيطرة على الأرض وإدارتها، وليس حماية الفسدة والفاسقين والكروش الكبيرة، وإنما السيطرة على الأرض وإدارتها وطرد كل الفسدة وحكومة الذل والعار التي جُلبت إلينا".

وأعرب "أبو اليمامة" عن أسفه أن يتم رفع ما أسماه بـ"علم دولة الاحتلال في لودر بمحافظة أبين" في اشارة إلى علم الجمهورية اليمنية، وأضاف: "اليوم هناك من تجرأ ولكن مع الأسف، وأقولها للعالم إن قائد معسكرها ينتمي إلى تنظيم القاعدة، ولدي كل الأدلة والإثباتات، وأنا من يحارب القاعدة والإرهاب فهو أحد من كان يؤيها في بيته عند محاربتنا الإرهاب".

خطاب أبو اليمامة جاء ليؤكد صحة تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، كانت وكالة "ديبريفر" للأنباء نشرته في وقت فائت؛ اذ أشار التقرير إلى أن عدن هي "مدينة مأخوذة رهينة في لعبة شد حبال متداخلة: هناك أنصار حكومة هادي من جهة، وخصومهم في المجلس الجنوبي المؤقت من جهة أخرى"، مؤكداً "وجود نزاع بين مصالح وطنية ومحلية متعارضة يسعى فيه الجميع للسيطرة على الموارد لكن ليس هناك قوة تحكم بشكل فعال".

بالنسبة إلى الصحفي والناشط السياسي فهمي السقاف من عدن فإن خطاب "أبو اليمامة" العنيف إنما "يُكثّف صورة الجنوب الذي يريده ابو اليمامة ومن هم على شاكلته ومن يقف خلفهم". ويضيف السقاف لوكالة "ديبريفر" للأنباء: "في خطابه قال لا للحزبية وهذا توجه واضح وضوح الشمس في رابعة النهار بأن جنوبهم سيكون جنوباً لا مكان فيه للديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الرأي وبالضرورة وكنتيجة منطقية لا وجود لشيء اسمه حقوق الإنسان ومن يقف خلفهم من دول التحالف لا تعترف بما تقدم ذكره بل تحاربه بشراسة لا نظير لها والأدوات والمرتزقة على دين مموليهم".

و طالب حزب الإصلاح في عدن الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة والأشقاء في دول التحالف إلى "سرعة العمل لمواجهة هذا المسلسل الإرهابي والإجرامي"، كما دعا ـ في بيانه ـ جميع القوى السياسية والمجتمعية إلى "التعبير عن رفض هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية والاصطفاف من أجل السلم والاستقرار". مُعبّراً عن "أسفه للصمت الحكومي أمام ما يتعرض له كوادره من عمليات القتل والاعتقال والتحريض الإعلامي الذي يطاله واستمرار احتلال مقراته في أكبر عملية اعتداء تطال حزبا سياسيا في المناطق المحررة"، مؤكدا على "احتفاظه بحقه في مقاضاة كل من يثبت تورطه في تلك الاعتداءات".

وتقول الأمم المتحدة إن حوالي ثمانية ملايين يمني قد وصلوا إلى حافة المجاعة. و أدت الحرب إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص.

وكان فريق الخبراء من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المعني باليمن رفع تقريراً هاماً عن الأوضاع التي تمر بها البلد التي تشهد حرباً مستمرة لنحو ثلاث سنوات و يعاني منها معظم الناس على نحو كارثي.

و أكد التقرير الذي كتبه خمسة أشخاص من الخبراء، في رسالة مؤرخة 26 كانون الثاني/يناير2018 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من فريق الخبراء المعني باليمن والمكلف بموجب قرار مجلس الأمن 2342(2017) أن الدولة اليمنية لم يعد لها وجود، و أن "هناك دويلات متحاربة، وليس لدى أي من هذه الكيانات من الدعم السياسي أو القوة العسكرية، ما يمكنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر في ميدان القتال".

وأكد التقرير: "في الجنوب أُضعفت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي شكل مؤخراً ويدعو إلى إنشاء جنوب يمني مستقل. وهناك تحد أخر تواجهه الحكومة وهو وجود قوات تعمل بالوكالة، تسلحها وتمولها الدول الاعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في الميدان. ومما يزيد ديناميات المعركة تعقيدا وجود جماعات إرهابية، كتنظيم القاعدة في سبه الجزيرة العربية، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وكلاهما يوجهان ضربات بصورة روتينية ضد أهداف حوثية وحكومية وأهداف تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet