كثفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) انتقاداتها لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، مؤخراً بشكل لافت، محملة إياه كل ما تتعرض له اليمن من كوارث إنسانية وصحية وأزمات خانقة، إضافة إلى فشل اتفاق تبادل الأسرى، ومرتبات الموظفين.
الانتقادات التي طالت غريفيث، لم تكن مقتصرة على ناطق الحوثيين الرسمي، أو ناطق حكومة الإنقاذ التابعة للجماعة، لكنها شملت عديد شخصيات قيادية كبيرة، ومن الصف الثاني في الجماعة.
ومساء السبت، قال ناطق حكومة الإنقاذ الحوثية ووزير الإعلام، ضيف الله الشامي، إن تصريحات غريفيث تتناسب مع تصريحات ناطق التحالف العربي، معتبراً ذلك "سعياً للتغطية على جرائم التحالف المستمرة في اليمن".
ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، عن ضيف الله الشامي قوله، إن التحالف والمبعوث الأممي لدى اليمن "يحاولون تحميلنا مسؤولية الحصار بينما هم يتحكمون بالبحر، ويحتجزون السفن، ويضغطون على الشعب بالحرب الاقتصادية".
وقال الشامي إن "الأمم المتحدة تكشف اليوم عن وجهها القبيح عندما تساهم في حصار الشعب اليمني".
السبت أيضاً، هاجم عبدالقادر المرتضى القيادي البارز في الجماعة ورئيس لجنة الأسرى التابعة لها، مارتن غريفيث محملاً إياه وفريقه الأممي مسؤولية "فشل اتفاق عمان بشأن الأسرى".
وقال المرتضى، على حسابه في "تويتر"، أنهم "جاهزون منذ أكثر من شهرين لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لكن للأسف التحالف والموالين له أصروا على رفضها والأمم المتحدة لم تحرك ساكنا"، واصفاً أداء غريفيث بـ"الضعيف"، ومتهماً إياه بـ"التغاضي عن تصرفات قوى التحالف ما أدى إلى فشل تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى".
الهجوم الحوثي على المبعوث الأممي اشتد منذ مطلع الأسبوع الفائت، وواصل عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي انتقاده لغريفيث، تارة يتهمه بالصمت على حصار اليمن واحتجاز التحالف بقيادة السعودية لسفن المشتقات النفطية، وتارة أخرى، بوقوفه وراء التصعيد الأخير للتحالف، والقوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ومساء الجمعة، علق الحوثي، على دعوة غريفيث، لأطراف الصراع في اليمن السماح بدخول السفن إلى ميناء محافظة الحديدة غربي البلاد.
وقال الحوثي على حسابه في "تويتر":" نقول للمبعوث أبواب ميناء الحديدة مفتوحة، والسفن المحاصرة حاصلة على تصاريح من لدنكم"، مضيفاً " من يمنع دخول السفن، بحرية العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي".
الحوثي دعا المبعوث الأممي لدي اليمن إلى التواصل بالخارجية الأمريكية والحديث معها، لأنها " هي من تملك الصلاحيات بدلاً من المناشدة"، معتبراً إن "مناشدة من لا يحاصر هفوة في غير محلها".
ويبدو غريفيث وفريقه الأممي عالقاً في كومة كبيرة من المشاكل والأزمات المعقدة في اليمن، وغير قادر على حلحلتها أو الخروج بنتائج ايجابية ولو بنسبة بسيطة، رغم ما يبديه الرجل من هدوء بال، وما يتحلى به من صبر وخطاب دبلوماسي يغلب عليه لغة التحفيز والتفاؤل.
وتعين مارتن غريفيث مبعوثاً للأمين العام إلى اليمن خلفاً للموريتاني ولد الشيخ أحمد في 16 فبراير 2018.
ووفقاً لسجله العملي، يتمتع غريفيث بخبرة واسعة في حل النزاعات والتفاوض والوساطة والشؤون الإنسانية، وشغل عديد مناصب رفيعة منها مديراً تنفيذياً للمعهد الأوروبي للسلام، ومستشاراً لثلاثة مبعوثين خاصين إلى سوريا، ونائباً لرئيس بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا، كما عمل مديراً مؤسساً لمركز الحوار الإنساني في جنيف، وشغل مناصب في السلك الدبلوماسي البريطاني وفي منظمات إنسانية دولية مختلفة مثل اليونيسيف.
وفي اليمن، حاول غريفيث تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، وسعى إلى "اتفاقات" إنسانية من أجل منح الشعب اليمني فرصة لالتقاط أنفاسه، وحصول الموظفين على مرتباتهم المنقطعة منذ ما يقرب من أربع سنوات، والإفراج عن مئات المعتقلين والمساجين، لكن كل ما سبق ذكره من جهود اصطدم بحائط عناد وتعنت واختلاق ذرائع لتهرب من أي اتفاقات، لا يتحمل غريفيث مسؤوليتها.
ويرى مراقبون دوليون ومحليون، أن المبعوث الأممي لدى اليمن لن ينجح أبداً في مهمته، رغم بذله لجهود معلومة لدى الجميع، ورغم تقصيره في ملفات معينة خاصة الملف الإنساني، وملف مطار صنعاء.
المراقبون يؤكدون إن غريفيث ومن سبقه وحتى لو جاء آخرين بعده، سيتعرضون لذات الانتقادات، وسيفشلون في تحقيق السلام في اليمن، لأن المتحكمين بلعبة السياسة والحرب في هذا البلد يدركون جيداً أن بقائهم في السلطة مرهون ببقاء الصراع ولو على حساب شعب بأكمله.