وكالة فرانس برس تكشف واقع أصحاب البشرة السوداء في اليمن عن كثب

ديبريفر
2020-07-16 | منذ 3 سنة

 الحوثيون يظهرون مؤخراً اهتماماً لافتاً بالمهمشين لكن ثمة من يرى أن ذلك الاهتمام لدواعي غير إنسانية

تقرير(ديبريفر)- بالتزامن مع "اهتمام لافت" تبديه جماعة أنصار الله(الحوثيين) بالمهمشين اليمنيين مؤخراً،  أنجزت وكالة "فرانس برس" تقريراً ميدانياً من داخل العاصمة اليمنية صنعاء، ونشرته اليوم، كشفت فيه إلى أي مدى انعكست توجيهات زعيم جماعة الحوثيين، عبدالملك الحوثي، بإدماج "المهمشين" بالمجتمع. 

وقالت الوكالة الفرنسية أن المهمشين في اليمن من سود البشرة يعولون على تغيير ظروفهم السيئة المستمرة منذ مئات السنوات، على الرغم من زخم حركة "حياة السود مهمة" المناهضة للعنصرية في العالم.

وأشار التقرير إلى أن وفاة جورج فلويد الأمريكي الأسود خلال توقيفه بأيدي الشرطة في مينيابوليس أثارت تظاهرات حاشدة وموجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في أنحاء العالم، لكن في صنعاء، يقول اليمني هيثم حسن إنه لا يزال يسمع الآخرين ينعتونه بكلمات مثل "خادم" أو "عبد" بسبب لون بشرته الداكن.

وقال التقرير "في منطقة دار سلم في جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، يعيش المهمشون، وهو الاسم الذي يعرفون به، في حي عشوائي يسمى محوى في ظروف صعبة للغاية وفي فقر مدقع".

ويضيف "في شوارع المحوى الضيقة، بيوت مصنوعة من ألواح كرتونية وخيم وأخرى مبنية بالحجارة، ويمكن رؤية نساء يطبخن في الشارع".

ونقلت الوكالة عن أحد المهمشين ويدعى حسن، قوله "كأننا شريحة منفصلة من اليمنيين مع أننا نحمل البطاقة الشخصية اليمنية".

ويتابع حسن "تلتقي بأشخاص يقومون بالتأفف ويهربون منك ويقولون هذا (خادم) ومثل هذه الألفاظ، وفي المدارس يعاملون أطفالنا بشكل مختلف عن الأولاد الآخرين، وكذلك في الأسواق، نلفت أنظارهم وأول شيء يقولونه :انظروا هذا لونه (أسود)، هذا (خادم)".

ويعمل "المهمشون" في وظائف مثل كنس الشوارع وجمع القمامة، ويعيشون في مناطق مختلفة في اليمن من صنعاء وصولا إلى عدن في الجنوب، وخصوصا في منطقة تهامة التي تمتد من مضيق باب المندب حتى مدينة الحديدة غربي البلاد.

ويشير التقرير إلى أنه وبحسب المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومقرها لندن، "يوجد جدل حول الأصول العرقية.. يعتقد البعض أنهم يتحدرون من عبيد أفارقة أو جنود إثيوبيين من القرن السادس، بينما يعتقد آخرون أنهم من أصول يمنية".

وتقول المنظمة إنهم يعانون "من نسب عالية من البطالة ويعيشون في العادة في الفقر، ولا يملكون الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه أو الصرف الصحي أو التعليم أو حتى الفرص الاقتصادية".

ويشكل المهمشون ما بين 2 إلى 5 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 27 مليونا، بينما تشير تقديرات أخرى الى أنهم يشكلون 10 في المئة من السكان.

وفي اليمن الذي يغلب على مجتمعه الطابع القبلي، أدّى وجود المهمشين خارج تصنيف القبائل إلى جعلهم أكثر عرضة للتمييز القائم على النسب، تقول "فرانس برس" وتضيف على لسان شيخ المهمشين في منطقة دار سلم في صنعاء مجاهد عزام: "نحن نعاني من التفرقة العنصرية. لا ندري هل حكموا علينا لأن بشرتنا سوداء؟ لم يعطونا أي حقوق. لكن الآن جاء الوقت لنحصل على حقوقنا".

تقرير وكالة (أف ب) تطرق إلى دعوة زعيم أنصار الله، عبدالملك الحوثي، الذين يسيطرون على صنعاء، الشهر الفائت بخصوص إدماج المهمشين في المجتمع"، ودعوته إلى "إطلاق برنامج وطني طويل الأمد لدمج هذه الفئة في المجتمع"، منوهة إلى أن هذه الدعوة أثارت الأمل بين عدد منهم مثل هيثم الذي يقول "بدأت نظرة أمل بعد مبادرة السيد الحوثي، ونتأمل خيرا بتغيير تعامل الناس معنا".

لكن رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين نعمان الحذيفي يرى أن دعوة الحوثي "مبطنة" بهدف تجنيدهم للقتال في صفوف المتمردين، ويؤكد الحذيفي لفرانس برس أن المبادرة تهدف الى "إثارة مشاعر المهمشين و اقتيادهم إلى الجبهات للقتال معهم".

وتقول الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" أفراح ناصر لـ"فرانس برس" إنه حتى قبل اندلاع الحرب "وضع النظام الطبقي اليمني المهمشين في أسفل الهرم الاجتماعي"، لكن "وضعهم ازداد سوءا بعد النزاع خصوصا في المناطق التابعة لسيطرة الحوثيين".

ووفقا لناصر، تشبه حياة المهمشين "الجحيم على الأرض"، مشيرة إلى تعرضهم لتمييز ممنهج وحرمانهم من حقوق أساسية وتمييز حتى في الحصول على مساعدات إنسانية.

وبالتزامن مع حركة "حياة السود مهمة" المناهضة للعنصرية في العالم، لا يعول الحذيفي كثيرا على تغير الوضع في اليمن، ويضيف "هناك عنصرية سائدة على أساس العرق وعلى أساس اللون.. كل أسود في اليمن ينظر إليه كأنه خادم".

وذكر الحذيفي أنه عندما بدأت احتجاجات شعبية في 2011 طالبت برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، شارك المهمشون في التظاهرات على أمل تغيّر الوضع. وشارك الحذيفي في مؤتمر الحوار الوطني اليمني كممثل وحيد عن "المهمشين".

ويتابع الحذيفي "كنا نتمنى أن نكون جزءا من الحراك العالمي (ضد العنصرية)، لو كان الوضع مستقرا في اليمن لكننا جزءا من الحراك العالمي وكنا سنخرج إلى الشوارع ونشارك في هذه اللحظة التاريخية، لكن الحرب حالت دون ذلك".

ويقول "للأسف، سيبقى الوضع على ما هو عليه في اليمن، لأن التركيبة الاجتماعية والقبلية معقدة جدا، هناك تمييز على أساس القبيلة والمنطقة والمذهب".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet