وثائق: استراتيجية السعودية في اليمن قائمة على تفكيك البلد عبر دعم كيانات قبلية وسياسية

ديبريفر
2020-08-03 | منذ 4 سنة

عملت السعودية على جعل القبائل اليمنية أقوى من الدولة

ملف (ديبريفر) - كشفت الوثائق التي قال موقع "الجزيرة نت" أنه حصل عليها، بشكل واضح أن استراتيجية السعودية في اليمن قائمة على تفكيك البلد عبر دعم الكيانات المختلفة وليس الدولة، لضمان بقاء تلك الكيانات القبلية والسياسية كقوة ضغط ونفوذ توازي قوة ونفوذ الدولة اليمنية، مع تحريض بعض تلك القوى على مواجهة قوى أخرى، بما يحقق مصالح المملكة على حساب اليمن.

وتظهر وثيقة بعنوان "سري جداً.. محضر اجتماع لجنة مراجعة مخصصات المشائخ اليمنيين" وصادرة من مكتب مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، السعي الدائم لتكريس سلطة القبيلة من خلال تقديم الدعم المادي لبعض المشايخ مقابل ضمان تنفيذهم أجندات وسياسات الرياض، وأن مقدار الدعم لشيوخ تلك القبائل يحدد حسب أهمية كل قبيلة ومدى التزام شيوخها بتنفيذ التوجيهات والتعليمات الواردة إليهم، بعيدا عن سلطة الدولة اليمنية.

علاوة على ذلك، كانت المملكة تتجاهل طلبات الدعم التي كانت ترد من السلطات اليمنية ممثلة في ذلك الوقت في الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء حينها محمد باسندوة، في حين كانت تصرف مبالغ كبيرة لشيوخ القبائل كمنح شخصية لهم، ومنح لتنفيذ بعض المشاريع في مناطقهم لضمان ولاء أفراد القبيلة.

وتكشف الوثائق إن السعودية جندت عددا من القبائل لقتال قبائل وكيانات أخرى كانت تعتبرها مناوئة للسعودية، وسعت لضمان تنفيذ تلك القبائل أجندة السعودية بعيدا عن سيادة وسلطة الدولة اليمنية.

وتثبت الوثائق السرية أن الرياض كانت تتواصل بشكل مباشر مع مشايخ القبائل لإدارة وتنفيذ عمليات منفردة خارج سلطة الحكومة الشرعية، رغم أن السلطات السعودية كان بإمكانها التنسيق عبر سلطة الدولة اليمنية، لكنها كانت تحرص بشكل كبير على تفتيت سلطة الدولة من خلال تقوية شوكة القبائل ودعمها بالمال والسلاح.

تسليح ودعم مالي سخي

بين الوثائق التي تم الكشف عنها، هناك وثيقة هامة جداً كانت تضم خطاباً صنف بـ"سري للغاية" بتاريخ 29 صفر 1431 للهجرة (الموافق عام 2010 الميلادي) من قبل ملك السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز، يوعز فيه بتوفير مبلغ 50 مليون ريال (نحو 13 مليون دولار) لدعم وتسليح القبائل اليمنية الموالية للمملكة في المناطق المحاذية للحدود السعودية، والسعي لضمان ولائها.

وفي برقية بتاريخ 19 رمضان 1433 للهجرة (الموافق عام 2012 الميلادي) من طرف القائم بأعمال اللجنة الخاصة بمجلس الوزراء السعودي إلى ولي العهد، يشير صاحب الرسالة إلى أحد كبار شيوخ القبائل في اليمن وزيارته المملكة، وما تخصصه له الحكومة السعودية من أموال.

في الوثيقة يقول المسؤول السعودي "سبق أن صدر التوجيه السامي الكريم العام الماضي بإيقاف المخصصات الشهرية لكبار المشايخ بناء على تدخل الرئيس اليمني السابق، ثم وجّه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله بصرف مساعدات سنوية لمن يقوم منهم بزيارة المملكة".

وتضيف البرقية أن هذا الشيخ الزائر صُرف له في رمضان من العام الماضي مبلغ 1.5 مليون ريال سعودي، ولذا "تم العرض لسموكم باقتراح صرف مبلغ مماثل لما صرف له العام الماضي، وسيسلم له بعد أن تشرف بالسلام عليكم"، وفقا لنص البرقية.

إعادة نظر وتقييم وتحالفات

قال "الجزيرة نت"، إنه وفي برقية أخرى من طرف وزير الخارجية السعودي آنذاك سعود الفيصل إلى الملك بتاريخ 25 جمادى الأولى 1433 الهجري (الموافق عام 2012 الميلادي)، يقر الوزير بأن علاقة المملكة مع اليمن ارتكزت على شيوخ القبائل من "دون تقييم واقعي لمكانتهم وقدراتهم".

ويضيف وزير الخارجية السعودي، أن حرب صعدة مع الحوثيين أثبتت أن "تأثير المشايخ متواضع، وأنهم لم يتمكنوا من حماية أمن وسلامة المملكة، بل استخدموا الأمر بالتنسيق مع النظام السابق كوسيلة للابتزاز والحصول على الأموال".

ودعا الوزير في برقيته إلى تغيير تحالفات المملكة داخل اليمن، والانفتاح على المجتمع المدني والأحزاب، في ضوء التغييرات التي أحدثتها الثورة اليمنية.

وعلاقة السعودية بالقبائل اليمنية متينة منذ نحو 50 عاماً، ومن خلال هبات ومخصصات مالية للكثير من المشائخ اليمنيين والوجاهات الاجتماعية، استطاعت المملكة إنفاذ مخططاتها داخل اليمن، وتكريس سلطة القبيلة التي أعاقت أعمال الدولة اليمنية التنموية والخدمية بشكل كبير.

ورغم اجتهاد الرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي(13 يونيو 1974 - 11 أكتوبر 1977)، في إيقاف التدخلات السعودية في بلاده واصطدامه المباشر مع مشائخ قبليين كبار معروفين بولائهم المطلق للمملكة، إلا أنه دفع حياته ثمناً لوطنيته التي كانت ترى في ما تفعله السعودية باليمن "تدخلاً سافراً ومرفوض".

اغتيال الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي، في 11 أكتوبر 1977، جعل السعودية تتنفس الصعداء، ثم راحت تعزز سيطرتها على الكثير من القبائل اليمنية بوسائل شتى أبرزها صرف مخصصات مالية كبيرة تم الكشف عن أرقام مبالغها وأسماء شخصياتها بعد ثورة 2011، وقد كان ذلك صادماً لأغلب الشعب اليمني.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet