تقرير (ديبريفر) - تتسامى مدينة تعز، جنوبي غربي اليمن، على جراحها وخلافاتها، وتتصدر دائماً مشهد التضامن مع قضايا اليمن والوطن العربي.
رغم الحصار الذي تفرضه جماعة أنصار الله(الحوثيين) على تعز منذ أكثر من خمس سنوات، ورغم الخلافات البينية التي تحولت إلى صراع مسلح بين الفصائل المنضوية تحت اسم "المقاومة"، ورغم الإهمال الحكومي الذي تُعامل به مدينة صدرت لكل اليمن الثورة وقبل ذلك العلم والمعرفة، إلا أن الناس في تعز لا يزالون يقدمون إنموذجاً إنسانياً راقياً.
والأربعاء، رفع الآلاف من أبناء مدينة تعز لافتات تضامنية مع لبنان وضحايا انفجار مرفأ بيروت الكارثي، وفي حين تتجاهل السلطات اليمنية معاناة أبناء تهامة من سيول الأمطار التي جرفت منازلهم وجعلتهم بلا مأوى، كانت تعز حريصة على إعلان تضامنها المطلق معهم.
اعتادت تهامة على إهمال الحكومات اليمنية المتعاقبة خلال المائة العام الأخيرة لها، وأيضاً تعز لطالما اشتكت من إهمال اعتبرته متعمداً وعبرت عن سخطها منه، واليوم تتضامن تعز المكلومة المحاصرة مع تهامة التي تظهر متاعبها على وجوه أبنائها.
يقول مدير عام الثقافة في تعز، عبدالخالق سيف لوكالة "ديبريفر"، إن خروج تعز لإعلان تضامنها مع لبنان وتهامة، هو فعل أصيل لدى هذه المحافظة التي اعتادت على أن تكون في مقدمة المتضامنين مع كل قضايا الأمة وأحداثها الجسام".
وأضاف مدير ثقافة تعز "من على مدرجات قلعة القاهرة جمهور تعز رفع رسائل المحبة والتضامن عن تهامة المعاناة وعن بيروت التي لن تموت، رفع جمهور تعز لافتات (بنحبك يا لبنان)، ولوح بالعلم اليمني وجواره العلم اللبناني، ورفع لافتات (انقذوا تهامة.. انقذوا أهلنا الطيبين فيها).
وأكد سيف إن "هذا هو دور تعز الكبير والعظيم والوطني والقومي والانساني رغم كل معاناتها ولهذا خلقت هذه المدينة المشقرة بالحياة والأمل".
ولتعز حضورا دائم في مواقف إنسانية عظيمة، حضور بوعي ومسؤولية، وقد أحزنها ما حدث للبنان مساء الثلاثاء من انفجار هائل كانت كلفته كارثية بشرياً واقتصادياً على البلد الذي يشبه اليمن في معاناته وأزماته، كما أوجعها ما يعانيه أبناء تهامة مع السيول التي جرفت منازلهم ورمت بهم إلى العراء حيث لا مأوى لهم ولا ناصر إلا الله، ثم تعز.
كانت "قلعة القاهرة" التاريخية، المنتصبة وسط مدينة تعز، حاضنة لوقفة تضامنية، رفعت فيها أعلام لبنان، والشعارات التي الداعية لها بالنجاة والسلام، والمطالبة بإنقاذ تهامة التي تغرقها السيول والتخفيف من معاناتها الإنسانية.
وتعز التي تتضامن مع الجميع، هي ذاتها تعز، التي انهكتها الحرب، وخنقها الحصار.. لكنها تثبت دائماً أن لا شيء بإمكانه النيل منها.