ترجمة (ديبريفر) - واصلت المعارضة السعودية مضاوي الرشيد، تسليط الضوء على السياسات الإقليمية الخاطئة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز(85 عاماً)، التي أكسبت المملكة أعداءً أكثر من الأصدقاء.
ووصفت الرشيد التدخل السعودي في اليمن بـ"المغامرة العسكرية سيئة التخطيط"، الذي لم يفضِ إلا إلى هجمات انتقامية نفذها أفقر بلد عربي، ولا يزال، محدثاً أضراراً جسيمة باقتصاد المملكة التي خاضت الحرب في ذلك البلد تحت مبرر إعادة الحكومة المعترف بها دولياً إلى العاصمة صنعاء، لكن ذلك لم يحدث، وقد خلفت الحرب كارثة إنسانية غير مسبوقة في اليمن.
وقالت الرشيد في مقال لها على موقع "ميدل إيست آي "البريطاني، ترجمته وكالة "ديبريفر" إن "مملكة سلمان" كانت تطمح لأن تصبح قوة مهيمنة إقليمياً وفي العالم العربي، إلا أن ذاك الحلم أحبط بسبب إفساح الدبلوماسية التصالحية المجال تدريجياً لمغامرات عسكرية سيئة التخطيط ومؤامرات واستعراض عضلات على الدول المجاورة للمملكة.
وأكدت أستاذة علم الإنثربولوجيا الديني، في قسم اللاهوت والدراسات الدينية بكلية الملوك بجامعة لندن، إن السياسات الإقليمية للسعودية خلال السنوات الخمس الماضية، لم تسفر عن انتصارات كان يتوقعها الملك سلمان ونجله محمد، للتتويج كحاكم للبلاد بلا منازع في الشؤون العربية، وأن ما حصل هو العكس، فقد اثبتت الحرائق الإقليمية أنها أكثر تدميراً وأصعب من حيث إخمادها مما كان متوقعاً.
وتابعت الرشيد "ومع توفر موارد أقل لشراء ولاء الحلفاء القدامى، كافحت مملكة سلمان للحفاظ على مكانتها حتى بين حلفائها العرب الأكثر ولاءً".
ولفتت المعارضة السعودية إلى أنه ولأول مرة منذ اندلاع حرب الخليج عام 1990 شهدت المملكة تدهوراً في أمنها، نجم عن سوء تقدير الملك لهزيمته السريعة المتوقعة أمام "الأعداء التاريخيين والجدد"، في إشارة لإيران.
واعتبرت الرشيد إن صفقات الأسلحة غير المسبوقة التي أبرمتها السعودية في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد، ليست فقط مضيعة لعائدات النفط المتضائلة ولكنها أيضاً كشفت هشاشة القدرات الأمنية للمملكة، ووضعتها في موقف محرج، مشيرة إلى إن عديد مناطق داخل السعودية بينها حقول النفط والمدن الكبرى شهدت سقوط صواريخ وطائرات بدون طيار، من قبل جماعة الحوثيين في اليمن، ولا يبدو أنها ستتوقف عن مواصلة إحراج المملكة وفضح قدراتها العسكرية.
وتقول مضاوي الرشيد إن الحوادث التي تعرضت لها السعودية وأحدثت أضراراً جسيمة بقطاعات اقتصادية عملاقة، لم تكن متوقعة، لكنها نتيجة مباشرة لفشل المملكة في التوصل إلى تسوية مع إيران وإنهاء حرب اليمن التي بدأها الملك سلمان وابنه نهاية مارس 2015.
الرشيد تؤكد إن الهجمات التي تعرضت لها "مملكة سلمان" كانت رداً انتقامياً من اليمن التي تعد أفقر دولة في العالم العربي، وقد فشلت السعودية رغم قوة الأسلحة الغربية والطائرات المقاتلة والتكنولوجيا العسكرية التي تمتلكها، في تأمين حدودها ومجالها الجوي.
واستطردت: "بدلاً من بدء مفاوضات جادة مع إيران للتوصل إلى تسوية مؤقتة وإنهاء عقود من العداء، اختارت قيادة المملكة إدامة الصراع".
وتضيف:" اختار سلمان المواجهة غير المباشرة مع إيران ليس فقط في اليمن، ولكن أيضًا في لبنان وسوريا، ولكن ما النتيجة: انتشر النفوذ الإيراني بدلاً من أن يتقلص في الأراضي العربية القديمة حيث كان يتصاعد بالفعل، بما في ذلك العراق".
استهداف قطر وتركيا
وتطرقت مضاوي الرشيد في مقالها إلى ما تسببت به السياسات السعودية من انقسام في مجلس التعاون الخليجي، وذلك عندما عادت الرياض الدوحة، وشجعت دول الخليج الأخرى على أن تحذوا حذوها، على أمل أن تعجل العقوبات بسقوط الدولة الصغيرة، وخططت للإطاحة بأمير قطر وتنصيب "حاكم دمية" بدلاً عنه، إلا إن كل ذلك باء بالفشل.
ومن وجهة نظر الرشيد، فإن النجاح الوحيد الذي حققه الملك سلمان ونجله ولي العهد، هو في خلق أعداء جدد كدولة تركيا، حيث ارتكب عملاء الأمير محمد بن سلمان "جريمة القرن" باغتيالهم للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في مدينة اسطنبول.
وكان الإعلام التركي قد رسم صورة مروعة للساعات الأخيرة في حياة خاشقجي الصحفي الذي كان يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة في حين كانت "سكاكين القتلة" تمزقه بوحشية.
جريمة قتل خاشقجي، بحسب الرشيد، جعلت "مملكة سلمان" في نظر العالم مجرد دولة مارقة على استعداد لارتكاب جرائم وحشية ومروعة ذات نطاق غير مسبوق، وقد تم تدمير سمعة السعودية كملكية خيرية بفعل واحد، مما أدى إلى تنبيه المجتمع الدولي إلى نمط جديد من سلوك "النظام المارق تحت حكم الملك ونجله".
وقالت الرشيد إن الملك سلمان سعى إلى توطيد تحالفاته القديمة مع دول مثل البحرين ومصر والأردن والمغرب، ولكن تلك الجهود لم ترتق إلى مستوى ضمان الأمن، وقد رفضت الدول دعم الجهود العسكرية السعودية بكل إخلاص في اليمن، وفضلت اتباع سياسات إقليمية مستقلة.
التخلي عن الفلسطينيين
اتهمت الرشيد "مملكة سلمان" بالتخلي عن الفلسطينيين، بانتهاكها لأحد المحرمات القديمة عندما اطلقت قنوات تواصل دبلوماسية مع إسرائيل، سعياً وراء الخبرة العسكرية والتكنولوجية لمواجهة تزايد انعدام الأمن والضعف لديها.
وأضافت" سوف يسجل التاريخ مملكة سلمان باعتبارها الدولة الوحيدة التي تعهدت تاريخيًا بدعم الفلسطينيين، لكنها سرعان ما تراجعت عن هذه السياسة لصالح العلاقات البراغماتية والخاصة مع القوة ذاتها التي تسببت في نزوحهم ومعاناتهم".
وقالت الرشيد إن الملك سلمان "اختار اتباع طريق خطير لم يجلب السلام ولم يحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، مضيفة" لم يخسر السعوديون فقط المبادرة بلعب دور رئيسي في إنهاء هذا الصراع ، ولكن أيضًا مصداقية وحياد وسيط سلام نزيه".
وأشارت الرشيد إلى أن تعثر السياسات الإقليمية السعودية ساهمت في خلق فراغ في العالم العربي الذي أصبح مجزأ ومربك اكثر من أي وقت مضى.
وأكدت إن الرياض لن تتوج أبداً كعاصمة عربية تتخذ فيها القرارات الكبرى، وتمثل الدول العربية الأخرى إلى إظهار الاحترام لها، مشيرة إلى أن الرياض "تقف بمفردها بينما تكافح من أجل قيادة منطقة في حالة اضطراب".
وأفادت المعارضة السعودية، إن المملكة لم تشهد قط مثل هذا التراجع الجذري لنفوذها في العالم العربي كما حدث تحت قيادة الملك سلمان الذي تعتبر مملكته الآن "قوة تكافح من أجل تعزيز أوراق اعتمادها وسمعتها، ولديها أعداء أكثر من الأصدقاء".