دان ناشطون في عدن جنوب اليمن حوادث الاغتيالات التي يتعرض لها أئمة وخطباء مساجد المدينة التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة لليمن.
وأضافوا في تصريحات لوكالة "ديبريفر" للأنباء أن "استمرار هذه الاغتيالات يؤكد أن الوضع الأمني في المدينة مثير للقلق على نحو مفزع"، داعين الحكومة الى "تحمل مسؤولياتها والوقوف بحزم تجاه هذه الظاهرة التي صارت ملازمة لعدن دون غيرها من المدن في اليمن".
وأكدوا أن "الأجهزة الأمنية في عدن كانت ألقت القبض على عدد من مرتكبي بعض حوادث هذه الاغتيالات الا أن من تم القبض عليهم اختفوا وكأن هناك من يقف ورائهم ويحميهم كي لا يكشفوا الجهات التي تقف ورائهم وتدعمهم". وأضافوا لـ"ديبريفر": "من خلالكم نريد أن نعرف وكل الناس يريدون أن يعرفوا من يقف وراء الاغتيالات التي تحدث في مدينتنا؟".
وكان وزير الاوقاف في اليمن أحمد عطية أكد الأحد الفائت أن ما يتعرض له أئمة وخطباء مساجد محافظة عدن التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة لليمن، من أعمال قتل وإرهاب هي "جرائم نكراء". وأضاف العطية في بيان صحفي أن هذه الاعمال "محرمة في كل الشرائع والأديان السماوية".
وكانت حوادث الاغتيالات التي يقوم مسلحون مجهولون عادت الى واجهة المشهد السياسي في مدينة عدن جنوب اليمن وهي حوادث تشير إلى أن المدينة تغلي فوق صفيح ساخن.
و دعت وزارة الأوقاف في اليمن، الجهات الأمنية المختصة في عدن إلى "الوقوف بحزم إزاء ما يتعرض له خطباء وأئمة المساجد والعلماء من اغتيال وإرهاب". وأكدت الوزارة في بيان، "ندعو الجهات الأمنية المختصة في عدن إلى الوقوف بحزم إزاء ما يتعرض له خطباء وأئمة المساجد والعلماء والدعاة من أعمال قتل وتفجيرات".
ويأتي بيان الوزارة بعد ساعات قليلة من عملية الاغتيال التي طالت أمام مسجد عبد الله عزام بمدينة المعلا بعدن، الشيخ "محمد بازرعة" عقب صلاة عشاء السبت الفائت برصاص مسلحين مجهولين أثناء خروجه من المسجد عقب صلاة المغرب.
والأحد الفائت قُتل ثلاثة جنود ومواطن وأصيب ثلاثة آخرين على الأقل في مدينة عدن جراء هجوم لمسلحين مجهولين. والسبت الفائت أصيب نائب مدير شرطة محافظة عدن.
وشددت وزارة الأوقاف في اليمن على "سرعة ملاحقة وضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، حتى ينالوا جزاءهم الرادع". واعتبرت ما يتعرض له أئمة وخطباء المساجد من أعمال قتل وإرهاب "جرائم نكراء وهي أيضاً محرمة في كل الشرائع والأديان السماوية".
ومنذ 26 مارس 2015 تعيش اليمن في حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) من جهة، وبين قوات يمنية تابعة للحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن ضربات جوية وبرية وبحرية في مختلف جبهات القتال وعلى معاقل الحوثيين، وتمكنت من خلالها استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات والمناطق شمال البلاد.
وتعاني عدن من وضع أمني غير مستقر منذ تحريرها في يوليو 2015م. وشهدت المدينة منذ ذلك الوقت حوادث اغتيالات طالت رجال دين و دعاة وعسكريين ومدنيين، كما طالت محافظها الأسبق جعفر محمد سعد وهو وضع محتقن ويسبب قلقاً لا ينتهي. فبدلاً من وجود قوة أمنية واحدة تفرض سلطتها على عدن وعلى كل المحافظات المحررة، برزت عدة قوى تنازع الحكومة الشرعية في اليمن في فرض سلطاتها على المدينة وباقي المناطق، وصارت هذه القوى تمتلك السلاح الثقيل والمتوسط، وتفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من عدن، وعلى عدة محافظات.
وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي قال مطلع يوليو أن الحكومة الشرعية في اليمن "حكومة معادية"، وانه "لن تكون هناك أي حلول أبداً في الجنوب إلا بعد إقالتها والانتهاء منها". مؤكداً انها "حكومة عملت على إذلال الناس وحرمانهم أبسط حقوقهم، وبكل الأحوال هي سترحل في الوقت المناسب".
ويفرض المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، سيطرته العسكرية على مناطق واسعة في عدن. وحاول في نهاية يناير الفائت القيام بمحاولة انقلاب عسكري فاشلة ضد الحكومة الشرعية في اليمن للاطاحة بها.
وكانت وكالة "ديبريفر" للأنباء أشارت في تقرير سابق لها أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للترتيب، بضغط إماراتي لادماجه في العملية السياسية المقبلة في اطار اليمن الاتحادي، من أجل الحصول على عدد من الحقائب الوزارية في التشكيل الحكومي الجديد لعدد من قياداته و هم عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وأحمد لملس وناصر الخبجي ومراد الحالمي، لكن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رفض ذلك تماماً مؤكداً أن القضية الجنوبية لا يمثلها طرف واحد وأن حلها العادل جاء في سياق مخرجات الحوار الوطني التي تدعو الى اقامة اليمن الاتحادي.
وكان حزب الإصلاح في عدن طالب الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة والأشقاء في دول التحالف إلى "سرعة العمل لمواجهة هذا المسلسل الإرهابي والإجرامي"، كما دعا ـ في بيانه ـ جميع القوى السياسية والمجتمعية إلى "التعبير عن رفض هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية والاصطفاف من أجل السلم والاستقرار". مُعبّراً عن "أسفه للصمت الحكومي أمام ما يتعرض له كوادره من عمليات القتل والاعتقال والتحريض الإعلامي الذي يطاله واستمرار احتلال مقراته في أكبر عملية اعتداء تطال حزبا سياسيا في المناطق المحررة"، مؤكدا على "احتفاظه بحقه في مقاضاة كل من يثبت تورطه في تلك الاعتداءات".
وتقول الأمم المتحدة إن حوالي ثمانية ملايين يمني قد وصلوا إلى حافة المجاعة. و أدت الحرب إلى مقتل نحو 10 آلاف شخص.
وكانت منظمة العفو الدولية قالت في تقرير جديد صدر 12 يوليو 2018م ان "العدالة لا تزال بعيدة المنال بعد الكشف سابقا عن شبكة من السجون السرية في جنوب اليمن".
وأضافت في تقريرها: "حرصت الإمارات العربية المتحدة، منذ دخولها كطرف في النزاع اليمني في مارس/ آذار 2015، على تشكيل قوات أمن محلية متنوعة تُعرف باسم قوات الحزام الأمني وقوات النخبة، وقامت بتدريبها وتجهيزها، وتمويلها، كما قامت الإمارات ببناء تحالفات مع مسؤولين في القوات الأمنية اليمنية، متجاوزةً قياداتهم في الحكومة اليمنية".
وأجرت منظمة العفو الدولية تحقيقا يتعلق بتفاصيل 51 حالة لرجال تم احتجازهم على أيدي تلك القوات خلال الفترة ما بين مارس/ آذار 2016، ومايو/ أيار 2018 في محافظات عدن ولحج وأبيَن وحضرموت وشبوه. وتخلل معظمها حصول حالات اختفاء قسري، حيث لا يزال 19 رجلا منهم مفقودين حتى الآن.
وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور عاد إلى عدن مساء 14 يونيو الفائت وسبقه رئيس حكومته الدكتور أحمد بن دغر في العودة صباح نفس اليوم، وما زالا يديران شئون الدولة من قصر الرئاسة في منطقة معاشيق بكريتر وسط حراسة أمنية مشددة تحت إشراف قوة عسكرية سعودية إماراتية مشتركة، وأجزاء كبيرة من عدن تقع تحت قبضة عسكرية تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال هادي فور عودته إلى عدن قادماً من مقر اقامته في الرياض: "سنعود من جديد إلى السير في طريق المستقبل الذي رسمه اليمنيون جميعاً وتوافقوا عليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وستغدو الدولة الاتحادية مخرجاً من أزمتنا ونهاية لحرب فرضت علينا نخوضها دفاعاً عن الشرعية والدولة ودفاعاً عن أمننا وأمن الأمة, بل ان الدولة الاتحادية صارت واقعاً ملموساً نعيش اليوم لبنات تأسيسها بسواعد أبنائها، في عدن التي أهملت عن عمد خلال العشرين عاماً الماضية".