تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وقوع الكارثة.. هكذا قتل السيل عائلة كاملة في محافظة إب

ديبريفر
2020-08-26 | منذ 3 سنة

فواز الشرماني مع اثنين من أطفاله الذين قضوا نحبهم غرقاً بصورة مأساوية في محافظة إب اليمنية

تقرير – عبدالملك الجرموزي (ديبريفر) في ظرف دقائق موحشة حاصر الموت الأطفال وأمهم، جرهم إلى قعر "سائلة" مهملة, وهناك استفرد بهم، كتم أنفاسهم، وترك مأساة أحزنت اليمنيين وأنستهم خلافاتهم السياسية الملتهبة، وراحوا يعبرون بمشاعر تفيض ألماً عن أم، وأربعة أطفال، عن عائلة كاملة .. الجميع قضوا نحبهم بسرعة خاطفة، فيما أياديهم تبحث عن منقذ وأصوات استغاتهم التي تلقفها الصدى ولم تتلقفها أيادِ الناس.. فذهبوا في مدارب "السيل".

كان مشهداً موجعاً، أُضيف للشعب الذي أثخنت الحرب جراحه، وزادته وجعاً جديداً، أبكاه بحرقة من تذًكر تفاصيل الأحداث المأساوية التي مرت به طيلة سنوات خمس مخضبة بالدم والدموع.

مساء الاثنين الماضي، تداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يوثق تفاصيل غرق سيارة جرفتها السيول وبداخلها 6 أشخاص بينهم نساء وأطفال ماتوا جميعاً باستثناء السائق الذي نجا باعجوبة.

كان "استاد إب" الرياضي شاهداً على مأساة جديدة، تسببت بها سيول الأمطار وراح ضحيتها 5 أشخاص من عائلتين كانوا على متن سيارة حاول سائقها برعونة اختراق السيول المتدفق بكميات كبيرة لكنه عجز بعد ثوانٍ.

الناشطون تداولوا أيضاً صورة لأحد الأطفال الذين كانوا متواجدين داخل السيارة، يلوح بيده طالباً انقاذه بعد أن تمكن من إخراج نصف جسده من نافذة السيارة.. لاحقاً تداول الناشطون صورة ذلك الطفل وقد تدثر بكفنه وآثار التعب بادية على محياه.. كانت رحلة الموت شاقة وطويلة على ذلك الصغير، وقد وجد جثة هامدة في وديان قرية حجر بمحافظة الضالع (مائة وخمسون كيلو متر من مكان الحادثة).

بعد جهد مضنى وجد الأهالي والمزارعون في الوديان خارج مدينة إب، جثث بقية الضحايا، باستثناء ثريا جزيلان (14 عام).. ذهبت ثريا كما والدتها وإخوتها وأصدقائها، ولن تعود أو يعودوا، وفي حين لا يزال البحث عنها جارٍ، تم دفن جثث باقي الضحايا يوم الثلاثاء.

صبيحة اليوم الثاني للفاجعة، تحولت سائلة الجامعة بمديرية الظهار وجسرها إلى مزار للكثيرين .. سارع بعض "الميسورين" إلى التكفل بإصلاح الجسر الحديدي الذي كان قد تهاوى بفعل الإهمال، ولو كان موجوداً لمنع وقوع الكارثة المؤلمة.

السلطات المحلية في محافظة إب، شكلت لجنة للتحقيق في أسباب الحادثة رغم وضوحها، وفي اجتماع استعراضي ترأسه المحافظ عبدالواحد صلاح، المعين من قبل جماعة الحوثيين، حملت اللجنة السائق المسؤولية بالدرجة الأولى بالمخاطرة بحياة أفراد أسرته والإلقاء بهم إلى التهلكة" بحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في صنعاء.

ومن مفارقات حادثة الغرق مساء الاثنين الماضي، أن الناجي الوحيد كان فواز الشرماني سائق السيارة وهو رب الأسرة، وقد تناقل ناشطون فيديو يظهر فيه الشرماني وهو مصدوم يشاهد الفيديوهات المتداولة والموثقة للحادثة التي خسر 5 من  من عائلته، وثمة من ينصحه بعدم الاستمرار في مشاهدة تلك الفيديوهات الصادمة.

وكون فواز الناجي الوحيد من حادثة غرق سيارته، أمر يدعو للاستغراب، خاصة وأن السيل كان جارفاً بشدة، ولم تكن هناك فرصة نجاة متاحة ولو بنسبة بسيطة.

ناشطون حملوا الأب مسؤولية الحادثة لأنه قاد سيارته برعونة غير مقدر مغبة تطاوله على سيل شديد جارف لا يرى أو يسمع، ولا يلتفت للوراء أبدا.. سيل يشق طريقه بجبروت، غير مكترث لصراخ ضحاياه.

الصحفي اليمني عبدالله الصعفاني كتب على صفحته في الفيس بوك، متسائلاً:" ما هو خطأ الأب المنكوب الذي أوقع سيارته في خطر السيل في إب، وتركها تغرق وداخلها أفراد أسرته.. وغادر نقطة الخطر؟".

وواصل الصحفي الصعفاني تساؤلاته:" هل أجرم أم أنه وقع في حالة ضعف بشري وحسب؟ ما الذي كان عليه أن يفعل؟".

وموضحاً، قال الصعفاني: "المنشور لا يبحث عن من يجلد الأب المنكوب بموت أفراد أسرته أمام عينيه، وإنما عن القرار الذي سيتخذه أحدنا لو وقع في نفس الظرف المعقد والرهيب لا قدر الله".

وأضاف:" دائماً هناك درس مستفاد من الحوادث، وتحقيقات حقيقية تُفتح وتفضي إلى نتيجة..".

وللتذكير، تقاسم قائمة الضحايا الخمسة، عائلتا الحاشدي والشرماني بالتساوي، أما أسماء الموتى فهم "كفاء محمد عبده الشرماني (شقيقة السائق)، محمد فواز الشرماني (نجل السائق12 عاماً) ، ولطف الله فواز الشرماني(نجل السائق 8أعوام)، وأولاد شقيقة السائق عاصم جزيلان (12 عاماً) وثريا جزيلان أحمد الحاشدي (14عاماً)".

وأدت السيول التي ضربت اليمن خلال الشهرين الأخيرين إلى وفاة 174 شخصا، فضلا عن تهدم وتضرر عشرات المنازل بصورة كلية وجزئية وفق تقارير رسمية سابقة.

ووفقاً لإحصائية صادرة عن الأمم المتحدة، أدت الأمطار الغزيرة والسيول في مختلف أنحاء اليمن إلى تضرر قرابة 35 ألف أسرة أغلبها أسر نازحة.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet