عدن (ديبريفر) - رجح خبراء ومتعاملون مصرفيون استمرار انهيار العملة اليمنية بشكل متسارع خلال الأيام القادمة، بعد تسجيله تراجعاً تاريخياً أمام الدولار في اليومين الماضيين بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
وتهاوت قيمة الريال اليمني بشكل متسارع، حيث تجاوز سعر الدولار 802 ريال خلال تعاملات، الأربعاء في عدن جنوبي البلاد، لتبلغ خسائره نحو 34% من قيمته منذ مطلع العام الجاري، فيما يتوقع محللون أن يواصل الانهيار ليبلغ 1000 ريال للدولار الواحد خلال سبتمبر الجاري.
بينما تسجل العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله) شمال البلاد استقراراً في سعر الدولار الذي بلغ 602 ريال في فجوة كبيرة مع السعر المتداول في مناطق الحكومة "الشرعية".
وقال الخبير المصرفي، نشوان سلام، إن البنك المركزي اليمني في عدن لم يعد بمقدوره ضبط السوق المصرفية وإدارة السياسة النقدية، بعد أن فقد ما كان متوفراً من إيرادات محلية من ضرائب وجمارك، والتي استولى عليها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً .
وأضاف سلام في تصريح لصحيفة "العربي الجديد" أن هناك عمليات نهب للأموال الحكومية، بهدف تجفيف الخزينة العامة للبنك المركزي، وإضعاف دوره في ظل ما يعانيه من فقدان للاحتياطي من الدولار.
ويشير المختصون إلى اتساع نطاق السوق السوداء للعملة لا سيما في المناطق الجنوبية، وبروز طبقة ثرية تتمدد بصورة علنية، في ظل انحسار الدور الحكومي وتقويض مؤسسات الدولة ورفع يدها عن مختلف الموارد العامة السيادية، حيث قفز عدد محال وشركات الصرافة غير المرخصة في الفترة الأخيرة.
وتقدر تقارير ودراسات اقتصادية يمنية نسبة الاقتصاد الخفي في اليمن بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستند هذه التقديرات إلى تدني نسبة تحصيل الموارد العامة، وبسط السلطات الموازية سيطرتها ونفوذها على مختلف الموارد العامة كالضرائب والجمارك، مع توقف تصدير أهم مرتكزات الاقتصاد اليمني مثل المشتقات النفطية.
وحسب تقديرات رسمية، فقد خسر اليمن ما يقارب 15 مليار دولار جراء توقف تصدير الغاز المسال فقط خلال السنوات الخمس الماضية. وتخضع الموانئ اليمنية جميعها دون استثناء لسيطرة دولتي التحالف السعودية والإمارات، ما يحرم الحكومة الشرعية من إيرادات قطاعات حيوية.
وقال الخبير في معهد الدراسات والأبحاث المصرفية اليمني، فهد درهم، إن سعر الصرف تتحكم به شركات ومحال الصرافة، بينما عجز البنك المركزي في عدن عن القيام بأي دور، لأنه سيصطدم بالفئة التي تدير السوق المصرفية، وأصبح الدولار بيدها، وسعر صرف الريال هي من تحدده.
وتسبب التهاوي الجديد للعملة في حالة من الهلع بالأسواق ولدى المواطنين، مع مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة، نتيجة الشلل في مؤسسات الحكومة، وتجاوبت الأسواق سريعاً مع انهيار الريال بما فيها العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، لتشهد ارتفاعات تدريجية في أسعار معظم السلع الغذائية والاستهلاكية في البلد الذي يعتمد في تدبير معظم احتياجاته على الاستيراد.