تقرير (ديبريفر) - شهدت الأيام القليلة الماضية تسابقا محموما لبيانات الإدانة والإستنكار، الصادرة عن عدد من الدول العربية والأجنبية، ضد هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على الأراضي السعودية.
لكن اللافت في تلك البيانات؛ كما يقول مراقبون ومتابعون للمشهد السياسي والعسكري في اليمن، أنها تواردت تباعاً، بصورة "كوبونية" ،تتضمن ذات المصطلحات والعبارات، وبنفس الترتيب في الأغلب.
وأبدى المراقبون في أحاديث مقتضبة لوكالة "ديبريفر" إستغرابهم من هذا "التطابق السافر" في بيانات الدول، بشكل يوحي بأن جميعها صادرة من ذات المصدر، أو كما لو كانت بلاغاً واحداً جرى توزيعه على حكومات تلك الدول دون أن تتكلف عناء التعديل فيه قبل إصداره بشكل رسمي.
في حين يعتقد أخرون أن مثل هذا الأمر لايعدو عن كونه "مصادفة"، إلا أنه لا ينفي قوة وحجم الحضور السعودي المهيمن في مواقف وسياسات بعض الدول العربية الفقيرة التي تعتمد نسبياً على المساعدات الخليجية -السعودية تحديداً - في دعم اقتصاداتها المحلية.
مؤكدين، "من المهم أن تتضامن الدول مع بعضها البعض، لغايات إنسانية بحتة"، لكن حينما يختفي هذا الصوت المتضامن لمجرد إختلاف الجاني والضحية فإنه يفقد لامحالة بعده الإنساني والأخلاقي.
وتساءل ناشطون يمنيون عن صمت معظم تلك الدول،التي أدانت الهجمات الحوثية على السعودية، إزاء ما يتعرض له الأطفال والمدنيون باليمن من قتل ومآسي كثيرة وثقتها التقارير الحقوقية والإنسانية الدولية.
موضحين،"إن تجاهل مقتل وإصابة أكثر من 7200 طفل منذ بداية الحرب في اليمن بحسب إحصائيات رسمية، يبدو أمراً قاسياً خاصة وأن أطفال اليمن كانوا ولا يزالون ينتظرون أن ينقذهم العالم من أتون حرب هم أبرز ضحاياها وأكثرهم".
وأختتم الناشطون حديثهم بالقول، "من الغريب أن يمر تقرير هام لفريق خبراء الأمم المتحدة صدر مؤخراً بشأن اليمن، دون أن تعيره أياً من الدول التي تحرص على تسجل حضورها الدائم والداعم للتحالف بقيادة السعودية أدنى اهتمام، رغم أن التقرير اتهم جميع أطراف النزاع في اليمن بانتهاكات إنسانية جسيمة.
وكان فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن أصدر الأسبوع الفائت تقريراً جديداً بشأن اليمن هو الثالث له منذ تكليفه بالمهمة.
وأشار تقرير الخبراء الأممين إلى وجود "نمط ثابت من إلحاق الضرر بالمدنيين اليمنيين وهو النمط الذي لا يحدث في سياق العمليات القتالية فحسب، بل أيضاً بعيداً عن الجبهات".
وأكد التقرير إن غارات جوية شنّها التحالف "نفذّت دون مراعاة مبادئ التمييز والتناسب وتوخي الحيطة والحذر لحماية المدنيين والأعيان المدنية".
واتهم فريق الخبراء الأمميين كل من التحالف والحوثيين بتنفيذ "هجمات عشوائية ألحقت الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية".
وخلص التقرير الذي عنونه الفريق الأممي بـ" اليمن: جائحة الإفلات من العقاب في أرض معذبة"، إلى أن "جميع أطراف النزاع مستمرة في ارتكاب مجموعة من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني" .
واستنتج التقرير، استناداً إلى النتائج التي حصل عليها، أن الانتهاكات ارتُكبت من قبل كل من الحكومة المعترف بها دولياً، وجماعة الحوثيين، والمجلس الانتقالي الجنوبي وأيضاً أعضاء التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات .
والإثنين الماضي، أفاد تقرير للمركز اليمني لحقوق الإنسان، أن 91% من إجمالي الضحايا الأطفال سقطوا نتيجة الغارات الجوية التي شنتها مقاتلات التحالف.
وأفاد التقرير أن عدد الضحايا الذين قضوا نتيجة تلك الهجمات وصل 3468 طفلا، فيما بلغ عدد الجرحى 3804 طفل.
وسبق وأن أدرج التحالف بقيادة السعودية رسمياً على قائمة أممية سوداء بتهمة قتل أطفال اليمن، لكن الأمم المتحدة وبقرار من أمينها العام أنطونيو غوتيريش تم استبعاده من القائمة منتصف يونيو الماضي، دون مبررات مقبولة.