أبو الغيث بن حسن ( ديبريفر) - هناك شبه إجماع عند اليمنيين على أن ثورة 26 سبتمبر 1962 هي "أم الثورات اليمنية" خلالالستون عاما الماضية.
ثار اليمنيون قبل 58 ضد الحكم الامامي، وحَمَّلوا ثورة 26 سبتمبر كل أمانيهم بدولة جديدة، فرص التعليم والعمل والحياة فيها متساوية، لاامتيازات طبقية فيها، ولا حكم بإرث ديني.
لكن الثورة التي يصفها اليمنيون بـ"المجيدة" تعرضت لهزات عنيفة ومؤامرات هددت بوأدها، وتدخلات أجنبية حاولت حرف مسارها، ورغم ذلكظلت حاضرة وخالدة في نفوس ثلاثة أجيال يمنية.
ومن المفارقات التي لا تحدث إلا في اليمن، احتفاء القوى والكيانات السياسية المتصارعة بثورة 26 سبتمبر، وقد أوقدت شعلة الثورة فيعامها الـ58 ، مساء الجمعة، في عديد محافظات أبرزها العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين، وفي محافظة مأرب شماليشرقي اليمن أخر معاقل الحكومة المعترف بها دولياً وأخر خطوطها الدفاعية، وفي مدينة تعز جنوبي غربي اليمن التي يتقاسم السيطرة عليهاالحوثيون والحكومة الشرعية.
مواقع التواصل الاجتماعي، بدورها، كانت بمثابة ساحة احتفاء واسعة لكثير من الناشطين اليمنيين الذين لا يزالون يرون في ثورة 26 سبتمبر طوق نجاة، وذات المواقع كانت أيضاً ممتلئة بذكريات سردها ناشطون عن الثورة وأبطالها، وآخرون وجدوا في المناسبة فرصة لإثارةالجدل حول وعن الثورات في بلد مزقته الحرب ووضعته في قائمة الدول الأكثر بؤساً في العالم.
جاءت ذكرى ثورة 26 سبتمبر واليمن يعيش أحوالاً بائسة جداً، مستسلماً لحرب قتلت عشرات الآلاف من أبنائه، ودمرت بنيته التحتية،وإعادته إلى الوراء 60 عاماً كاملة.
ومن مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض، جدد الرئيس عبدربه منصور هادي العهد (الاسطوانة المكررة) بمواصلة النضال في سبيلاستعادة الدولة وإنهاء "الانقلاب بكافة أشكاله".
يأتي ذلك في حين تسيطر جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء، والمجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة المؤقتة عدن.
وقال الرئيس هادي في خطابه بمناسبة ذكرى الثورة، إن "الجمهورية قدر ومصير وخيار مضى فيه الشعب اليمني انطلاقاً من إيمانهبالعدالة والمساواة"، مشدداً على أن "الثورة لن تكون ميداناً للمساومة والانتقاص من مهابتها وغاياتها أو التقليل من عظمة أهدافها".
وتابع: "الحرية مبدأ والعدالة قضية والحرية هي الحياة ومن أجل تلك القيم قامت الثورة واختط مناضلي سبتمبر طريق العبور نحو المجد".
وأكد الرئيس اليمني أن "خيار الدولة التي تحفظ مصالح الجميع وتؤمن كافة المواطنين بات خياراً لا يمكن للشعب أن يتراجع عنه، وقد خبرمعنى غياب الدولة وفقدان الأمن والتعامل مع فوضى الملشنة والعصابات".
وكان لافتاً أن تحتفي مدينة مأرب بذكرى ثورة 26 سبتمبر، رغم المعارك الضارية التي تدور بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين في عديدجبهات قريبة منها وواقعة في نطاقها الجغرافي.
محافظ مأرب سلطان العرادة تعهد عقب إيقاد شعلة الاحتفاء بالانتصار للجمهورية وثورة السادس والعشرين من سبتمبر وعدم نيل الحوثيينمن تضحيات ونضالات الشعب اليمني في سبيل "التحرر من الحكم الإمامي الظالم".
وأدان العرادة "محاولة الحوثيين التشويش على حفل إيقاد شعلة الثورة بإطلاقها صاروخ باليستي على مدينة مأرب أثناء الحفل".
إلى ذلك، قال مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم في صنعاء ويديره الحوثيون) إن ثورة 26 سبتمبر سلمت زمامهاإلى أبناء غير بررة تمحوروا على مدى أكثر من نصف قرن حول ذواتهم وأسرهم وغرقوا في الفساد حتى آذانهم.
اتهام صريح وجهه المشاط لقادة ثورة 26 سبتمبر، وزاد عليه بأن حملهم مسؤولية معاناة الشعب اليمني اليوم التي قال إنها لم تكن وليدةاللحظة وإنما كانت نتيجة تراكمات طويلة ومكثفة من الاختراقات والمؤامرات الخارجية المبكرة التي استهدفت ثورة 26 سبتمبر.
وتابع:" تعمد أدعياء ثورة 26 سبتمبر المرتهنين للخارج خنق مبادئها وتحنيط أهدافها، وفتحوا الباب واسعاً أمام الخارج للتدخل في شؤونهامنذ اليوم الأول".
المشاط الذي حشد كم وافر من المفردات القوية في خطابه، أكد تصميم جماعته "بإرادة لا تنثني وبعزم لا يلين على إعادة الاعتبار لثورتي26 سبتمبر و14 أكتوبر".
وأضاف:" لا شيء يقتل روح الثورات مثل الوقوع في شباك التبعية والارتهان وهذا ما يجب أن نتذكره في كل ذكرى خالدة وفي كل منعطفمن تاريخ شعبنا العظيم".
وتؤكد جماعة الحوثي أن يوم 21 سبتمبر 2014، (يوم سيطرتها على صنعاء بالقوة) ثورة جاءت مكملة لثورة 11 فبراير الشبابية والسلمية قبل9 سنوات، وثورة 26 سبتمبر التي أكملت اليوم عامها الـ58 وسط متغيرات وأزمات عاصفة يعيشها اليمن، وتدعو الجماعة المدعومة بشكلصريح من إيران، إلى "إعادة الاعتبار لنضالات الآباء والأجداد من خلال الاستمرار في رفض كل أشكال التبعية والوصاية الخارجية".
ويرى مراقبون إن جماعة الحوثي تضع نفسها في موضع الوصاية على اليمن وثوراته تحت مزاعم "الحفاظ على السيادة ومواجهة الاحتلالالمتمثل بدولتي السعودية والإمارات ومن خلفهما أمريكا وإسرائيل".