تقرير – أبو الغيث بن حسن (ديبريفر) - رغم محاولات البعض، التقليل من أهمية عملية تبادل الأسرى، التي تعد الأكبر بين الأطراف اليمنية المتصارعة منذ بداية الحرب في 2015، إلا أن العملية لاقت ارتياحاً شعبياً واسعاً.
بالنسبة لأغلب اليمنيين، تمثل هذه العملية بارقة أمل لإنهاء حرب انهكتهم، ودمرت بلادهم، وأدخلتهم عنوة في نفق مظلم من الأزمات الكارثية.
وانتهت، الجمعة، عملية تبادل الأسرى والمعتقلين، في مرحلتها الأولى، بعد أن استمرت على مدار يومين سيرت خلالها اللجنة الدولية للصليب الأحمر 11 رحلة جوية من وإلى خمس مدن يمنية وسعودية.
ويتطلع اليمنيون إلى جولة تبادل قادمة يتم فيها إطلاق عدد أسرى أكبر من الذين تم الإفراج عنهم يومي الخميس والجمعة.
وفي ديسمبر 2018، وافقت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وجماعة أنصار الله(الحوثيين) على تبادل 15 ألف أسير، لكن العمليات التي جرت كانت محددة للغاية.
وحرصت جماعة الحوثيين على تنظيم استقبال رسمي وشعبي كبير ولافت لأسراها، واقتدت بها الحكومة الشرعية وخاصة في محافظة مأرب شمالي شرقي اليمن، يوم الجمعة، بعد انتقادات حادة طالتها بسبب الاستقبال الباهت للأسرى والمعتقلين يوم الخميس الماضي.
وأكد وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، ماجد فضائل، بعد الانتهاء من عملية التبادل، أن هناك جولة قادمة من المفاوضات نهاية العام الجاري للإفراج عن بقية الأسرى والمعتقلين لدى جماعة الحوثيين.
وقال فضائل في تصريحات صحفية إن "الصفقة القادمة ستشمل 4 من قيادات الدولة من بينهم العميد ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي".
وأطلق في المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى الموقع في سويسرا نهاية سبتمبر الماضي، 352 أسير سابقاً بين عدن وصنعاء يوم الجمعة، بينما أطلق سراح أكثر من 700 من الأسرى الخميس، وشملت عملية التبادل، 15أسير من القوات السعودية، و4 سودانيين، كانوا محتجزين لدى جماعة الحوثيين في صنعاء.
وعبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على حسابها في "تويتر"، عن سعادتها لرؤية إطلاق سراح 1056 شخصاً، وإتمام عملية إطلاق سراح ونقل المحتجزين السابقين التي تمت بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني والهلال الأحمر السعودي.
وأعربت اللجنة عن أملها في أن يكون "هذا النجاح خطوة أولى في سلسلة خطوات قادمة نحو نقل وإطلاق سراح المزيد من المحتجزين".
ويوم الخميس، أعلنت جماعة الحوثيين استبعاد 10 من أسرى الطرف الحكومي، رداً على استثناء التحالف لعشرة من أسرى الجماعة في سجون محافظة مأرب.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بتعذيب الأسرى والمعتقلين، والتسبب لعدد منهم بإعاقات دائمة، وأمراض مزمنة.
وطمأن رئيس لجنة الأسرى الحوثية، عبدالقادر المرتضى، أهالي الأسرى الذين لا يزالون في سجون التحالف والحكومة اليمنية بالإفراج عنهم في صفقات أخرى سيتم خلالها تحرير كافة الأسرى .
وأكد المرتضى أن لدى جماعته ما تستطيع به الضغط من أجل "تحرير كافة الأسرى والمعتقلين في سجون التحالف".
وقال المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثيين، محمد عبدالسلام، إن جماعته ماتزال تحتفظ بعدد كبير من الأسرى السعوديين في سجونها، والذين سيمثلون "ورقة قوة في أية مفاوضات قادمة".
وأوضح عبدالسلام في تصريحات صحفية، أن الأسرى السعوديين الذي شملتهم عملية التبادل الخميس في مرحلتها الأولى، هم جزء فقط من الأسرى السعوديين، لافتًا إلى أن وجود هؤلاء الأسرى هو أحد نقاط القوة.
وطالبت الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بإجراء تحقيق فوري للاطلاع على الحالة الصحية للأسرى والمعتقلين الموالين لها الذين أطلقت جماعة الحوثيين سراحهم مؤخراً.
وأكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني عبر حسابه في "تويتر"، الإفراج عن خمسة صحفيين يمنيين كانوا معتقلين لدى جماعة الحوثيين في صنعاء.
ووصل الصحفيون الخمسة وهم "هشام طرموم، هشام اليوسفي، هيثم الشهاب، عصام بلغيث، حسن عناب" إلى مطار سيئون مساء الخميس، على متن طائرة للصليب الأحمر الدولي.
وجدد الإرياني التزام الحكومة الشرعية الكامل بمواصلة الجهود حتى يتم اطلاق باقي المعتقلين في سجون الحوثيين من الإعلاميين والصحفيين والناشطين".
وحمل الإرياني جماعة الحوثيين مسؤولية حياة وسلامة الصحفيين الذين كانت الجماعة قد حكمت عليهم بالإعدام، وهم عبدالخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري".
وقبل التوقيع على اتفاق تبادل الأسرى، في سبتمبر الماضي، رفضت جماعة الحوثيين، الاتفاق على ملف الأسرى السعوديين، دون وجود طرف سعودي على طاولة المفاوضات، وفق عبدالقادر المرتضى.
ونقلت قناة "المسيرة" الحوثية، عن رئيس لجنة الأسرى في الجماعة، عبدالقادر المرتضى، إن "السعوديون حاولوا لعب دور الوسيط في المباحثات، لكننا رفضنا إلا أن يشاركوا كطرف مفاوض".
وأضاف: "عندما تم التوافق ونقاش خطة تنفيذ الصفقة الأخيرة تبرأ السعوديون من كل الأسرى الذين قاتلوا في صفوفهم، وقالوا إنهم يريدون اسراهم قبل الباقين".
وكان التحالف العربي، أقر في بيان يوم الـ27 سبتمبر الماضي، بوجود 15 عسكرياً سعودياً أسرى لدى جماعة الحوثيين، مؤكداً أنه يسعى لإطلاق سراح "كافة الأسرى العسكريين السعوديين في أسرع وقت، لأن ذلك من أولوياته القصوى".
ولم يتطرق التحالف في بيانه إلى أسرى القوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
وأعرب المرتضى عن أمله بمشاركة الإمارات في عملية تبادل الأسرى القادمة، مثلما فعلت السعودية، لافتاً إلى وجود مئات المفقودين في مناطق سيطرة القوات الإماراتية.
وقال المرتضى إن من الإشكاليات التي واجهوها في مفاوضات ملف الأسرى أن الطرف الحكومي المفاوض لا يملك صلاحية التوقيع على الكشوفات والاتفاقيات قبل العودة إلى التحالف الذين وصفهم بـ"أصحاب القرار الفعلي".
اللافت، أن صفقة التبادل الكبرى التي جرت يومي الخميس والجمعة، تزامنت مع اتساع رقعة المواجهات العسكرية في عدد من الجبهات بمحافظة الجوف، ومأرب، وتعز، والحديدة، مما يهدد بنسف المباحثات التي يجريها المبعوث الأممي لدى اليمن، من أجل الوصول لاتفاق على مسودة إعلان مشترك أممية، تمهد لاتفاق سلام مستدام في اليمن.
وألحقت الحرب المشتعلة في اليمن منذ نحو 6 سنوات، أضراراً بالغة بالمدنيين اليمنيين، وقتلت عشرات الآلاف منهم، بينهم أطفال ونساء، ودمرت البنية التحتية لبلد يعاني من ويلات الحرب والفقر، ويعيش أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم.. وبات وشيك من الموت جوعاً.