تقرير (ديبريفر) - تتعامل السلطات السعودية مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بشكل غير لائق، كما لو كان موظفاً ينفذ فقط، ما تمليه عليه من قرارات، لا كرئيس شرعي معترف به دوليا لدولة مستقلة وذات سيادة.
والأربعاء الماضي، أوردت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في عدن والرياض، خبراً بأن الرئيس هادي استقبل نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، لكنها لم تتنبه للوشاية التي قدمتها الصور المرفقة، وأوحت بأن "بن سلمان" هو من إستقبل هادي وليس العكس كما جاء في الخبر.
وأظهرت الصور التي بثتها الوكالة والتلفزيرن الرسمي، قادة المملكة وهم يطلون بوجوههم عبر براويز أنيقة معلقة على الحائط الخلفي، فيما إختفى علم الدولة اليمنية، الذي عادة ما يكون حاضرا وراء رئيسها خلال إستقباله لمسؤولين رسميين في المقر المخصص لإقامته منذ وصوله الرياض قبل 6 أعوام.
وشاية الصورة جاءت متطابقة مع تأكيدات مصادر مقربة من الحكومة اليمنية، ذكرت أن نائب وزير الدفاع السعودي استدعى الأربعاء الفائت الرئيس هادي إلى مكتبه، بعد يومين على الهجوم الصاروخي الذي نفذه الحوثيون على محطة تخزين الوقود في مدينة جدة.
وأستبعدت المصادر الحكومية أن يكون اللقاء قد تطرق للهجوم الحوثي الأخير، لكنها ألمحت في الوقت ذاته إلى تعرض الرئيس هادي لضغوطات متزايدة من دوائر صنع القرار في الرياض بشأن الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، ومسائل أخرى رفضت الإفصاح عنها.
وبعيداً عن مزاعم عدم مقدرة هادي على الإلتقاء بالعاهل السعودي وولي عهده، وإنحصار لقاءاته مع النجل الأصغر للملك سلمان، المعين كنائب لوزير الدفاع ومسؤول عن الملف اليمني، بدا إستدعاء رئيس دولة من قبل مسؤول متوسط المستوى بدولة أخرى إلى مكتبه للإجتماع معه، أمراً شاذاً من الناحية البروتوكولية،كما يقول مراقبون.
وبالرغم من المحاولة البائسة لوكالة سبأ الرسمية بالمداراة على الإهانة السعودية، في ديباجة الخبر، إلا أن هادي لم يتمكن من إخفاء مشاعر الإستياء الممتزجة بفقدان الحيلة، والتي بدت جلية في تعابير القنوط التي ارتسمت على ملامحه خلال اللقاء.
ويرى عدد من المراقبين والمهتمين بالملف اليمني، أن النهج السعودي المتعمد في إضعاف الشرعية اليمنية ومحاولة تركيعها ما يزال مستمرا.
مؤكدين في أحاديث لـ"ديبريفر" إن السعودية تواصل التلاعب بالرئيس الشرعي هادي، في مسعى منها لجعله عاجزا عن البت في أي من الملفات اليمنية الساخنة وهو ما تحقق لها وصار واقعاً ملموساً لم يعد خافياً على أحد.
ولفت المراقبون إلى أن ذلك النهج السعودي تزايدت وتيرته بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة في أعقاب تسلم نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان مسؤولية الملف اليمني السياسي والعسكري، وإيكال مهمة إدارة ملف المحافظات الجنوبية، وملف الصراع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا لسفيرها في اليمن، محمد آل جابر.
وأوضحوا أن "مهمة الرئيس هادي حاليا باتت مقتصرة على تعميد القرارات التي تتخذها السلطات السعودية حول الشأن اليمني، دون نقاش".
وسبق أن كشف مسؤولون حكوميون من بينهم المستشار الرئاسي ونائب رئيس البرلمان عبدالعزيز جباري، ووزير النقل المستقيل صالح الجبواني عن أن الرئيس هادي بات مسلوب الإرادة ويخضع لما يشبه الإقامة الجبرية في الرياض.
وأعتبر المراقبون أن تمكين المجلس الانتقالي من السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن، ومحافظات أخرى، ثم إجبار الرئيس هادي على القبول بالتفاوض معه بشكل ندي، لا كمليشيا إنقلابية متمردة, دليل على "قلة إحترام" تجاه رئيس بلد؛ أعلنت المملكة عملية عسكرية واسعة لدعم شرعيته وإعادته إلى العاصمة صنعاء.
لكنها اليوم وبعد نحو ست سنوات من الفشل الذريع أو المتعمد، تذهب بعيدا في تكريس حضوره الهزيل بشكل لا يليق به كرئيس لدولة تسمى اليمن، مازال "هادي"يمثل شرعيتها الوحيدة أمام العالم.