Story in English: https://debriefer.net/news-2169.html
أقر مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في اجتماعاته الثلاثاء بعدن سحب الدفعة الأولي من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية للمواد الأساسية بمبلغ وقدرة20 مليون و428 الف دولار في خطوة تهدف إلى وقف استمرار التدهور الكبير للعملة المحلية "الريال" أمام العملات الأجنبية والتي وصلت مستويات متدنية غير مسبوقة هي الأسوأ في تاريخها على الإطلاق.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ" في نسختها بعدن والرياض إن البنك المركزي أقر أيضاً، أمس الثلاثاء، الدفعة الثانية من طلبات البنوك لتغطية الاعتمادات من الوديعة السعودية واستكمال إجراءاتها وفقا للآليات المعتمدة والموافقة على إصدار شهادة الإيداع للبنوك التجارية بنسبة فائدة 17 بالمائة.
ووافق مجلس إدارة البنك على إصدار سندات حكومية بنسب فائدة تصل إلى 12 بالمائة ولفترات مختلفة من سنة إلى ثلاث سنوات وإصدار ودائع الوكالة للبنوك الإسلامية بصافي ربح عند البيع بنسبة 13 بالمائة وبحسب الآليات المقرة من هيئات الرقابة الشرعية.
ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز، ويحتاج نحو 21 مليونا من سكان اليمن وعددهم 28 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية ويعاني ما يربو على نصف السكان من سوء التغذية، بسبب الحرب في البلاد، وفقاً للأمم المتحدة.
وأكد البنك المركزي التزامه بتغطية الاعتمادات المستوفاة للشروط للمواد الأساسية المحددة بتمويل من الوديعة السعودية البالغة اثنين مليار دولار والصادرة بموجب مرسوم العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز بهدف مساعدة الاقتصاد اليمني.
وهذا أول إجراء فعلي من قبل البنك المركزي اليمني وتدخله في وقف انهيار العملة المحلية للبلاد التي تشهد تدهورا كبيرا وفقدان قيمتها أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية في سوق الصرف لتسجل أدنى مستوى له على الإطلاق وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء والارتفاع الهائل لأسعار السلع الغذائية في الأسواق اليمنية، ما ينذر بكارثة اقتصادية في البلاد التي تشهد حربا طاحنة منذ زهاء ثلاث سنوات ونصف.
ويرى مختصون اقتصاديون لوكالة "ديبريفر" للأنباء، أن تدخل المركزي اليمني لن يكون له تأثير ملموس على التدهور التي تشهده العملة من انهيار متسارع وغير مسبوق، إذا لم ترافقها تغيير جذري في سياسة واستراتيجية البنك المركزي برمته والتي كانت أحد الأسباب لهذا التدهور حينما انتهج البنك سياسة تعويم العملة المحلية في أغسطس آب العام الماضي بدون آليات لضبط سعر الصرف، وجعل سعر الصرف الأجنبي وفقا لآليات العرض والطلب واستمرار ضخ الحكومة "الشرعية" مبالغ من العملة المحلية المطبوعة حديثاً في روسيا إلى السوق دون غطاء من النقد الأجنبي.
وأكدوا أن كل ذلك دفع سعر العملة المحلية في سوق الصرافة للاستمرار في الانهيار المتسارع غير المسبوق وسط غياب أي دور رقابي للمؤسسات المالية والنقدية للدولة وعجز البنك على وقف انهيار العملة المحلية والتحكم بالسوق وما تحويه من عملات أجنبية، فيما لم تستطع الحكومة توفير كميات كافية من العملة الأجنبية "الدولار" لوقف هذا التدهور.
تهاوي مستمر للريال
ورغم إجراءات البنك، واصل الريال اليمني انهياره، وقال لوكالة "ديبريفر" للأنباء، صرافون ومتعاملون في مدينة عدن جنوبي اليمن، اليوم الأربعاء، إن الريال اليمني واصل هبوطه المريع ليبلغ 527 ريالا للدولار الواحد للشراء و530 ريالا للبيع بعدما كان 485 ريالاً السعر السائد قبل نحو شهر.
كما ارتفع سعر الريال السعودي وسائر العملات الأجنبية في السوق اليمنية المتداولة ليصل إلى 140 ريالاً، فيما الدرهم الإماراتي 141 ريالاً وذلك من 128 و 129 ريالاً قبل شهر للعملتين على الترتيب.
وترفض معظم شركات ومحلات الصرافة في عدن وصنعاء تحويل أي مبالغ صغيرة أو كبيرة من العملة اليمنية إلى الدولار، وعلقت عمليات بيع الدولار، وأبقت على نشاط الشراء فقط للعملات الأجنبية خصوصاً الدولار والريال السعودي.
ويعاني اليمن ضائقة مالية غير مسبوقة منذ سيطرة الحوثيين (أنصار الله) على العاصمة صنعاء وتوقف تصدير النفط منذ أكثر من ثلاث سنوات حيث كانت إيراداته تشكل 70 بالمائة من إيرادات البلاد فضلا عن توقف الرسوم الجمركية والضريبية وجميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة ما وضع المالية العامة والقطاع الحكومي للدولة الفقيرة أصلا الوشيك على حافة الانهيار .
كما يعاني اليمن من الانقسام بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ زهاء ثلاث سنوات ونصف بين الحكومة المعترف بها دولياً المدعومة من الرياض والمتمركزة في جنوب وشرق البلاد، وجماعة الحوثيين المدعومة من مع إيران والتي تسيطر على أغلب أجزاء شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء.
ويواجه البنك المركزي اليمني، الذي نقلته الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من صنعاء إلى مدينة عدن الساحلية جنوب البلاد، صعوبة في دفع أجور موظفي القطاع العام خصوصاً في شمال البلاد.
وتقود السعودية تحالفا عسكريا ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإعادته إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ سبتمبر 2014.
وتسبب الصراع الدائر في اليمن في مقتل نحو 11 ألف مدني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين داخل اليمن وفرار الآلاف خارج البلاد.
وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة، فيما يؤكد برنامج الأغذية العالمي أن عدد المحتاجين لمساعدات عاجلة ارتفع إلى 22 مليونا العام الماضي 2017، أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا عام 2016.