أثار إغلاق طرق رئيسية وهامة في محافظة عدن جنوبي اليمن، اليوم الخميس، لليوم الثاني على التوالي من قبل مسلحين قبليين بمساندة مدرعات وأطقم عسكرية تابعة للحزام الأمني المدعوم إماراتياً استياء وغضب عارم في أوساط سكان المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة للبلاد.
وشاهد مراسل وكالة "ديبريفر" للأنباء في عدن مسلحين ينتمون لمنطقة يافع بمحافظة لحج المجاورة لمدينة عدن (شمال)، مساء اليوم الخميس وهم ما يزالون يغلقون منذ مساء أمس دوار "كالتكس" المؤدي إلى طريق الجسر البحري الرئيسي الذي يربط بين ثلاث مديريات هامة المنصورة وخور مكسر والبريقة
ويطالبون المسلحون بتسليم قتلة الشاب علي عبد الحبيب نجل رجل الأعمال عوض عبد الحبيب اليافعي، للسلطات الأمنية، وإعادة المتهم الرئيسي أيوب علي فضل العقربي والمتهمين الآخرين وهم محمد عادل عبدالله وعبده علي اللحوح وفضل محمد عوض الملقب المشبحي إلى السجن المركزي بالمنصورة وتقديمهم للمحاكمة.
كما يطالب المسلحون بالإفراج عن رجل الأعمال عوض بن عبدالحبيب اليافعي ونجله غسان، والكشف عن مصير المخفيين قسراً والإفراج عنهم.
ويتهم أولياء الدم جهات نافذة وفي مقدمتها وزير الداخلية في الحكومة "الشرعية" أحمد الميسري بالإفراج عن المتهم الرئيسي وآخرون في مقتل الشاب علي عوض اليافعي مطلع مايو الماضي برصاص مسلحين في منطقة بئر أحمد غربي عدن إثر نزاع على قطعة أرض.
وقوات الحزام الأمني بمحافظة عدن أنشأتها الإمارات العربية المتحدة بعد تحرير المحافظة من الحوثيين في يوليو 2015 ، وهي من تحكم وتسيطر على عدن أمنياً، وينتمي غالبية قادة وضباط وجنود هذه القوات إلى منطقة يافع.
والإمارات عضو رئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية وينفذ منذ مارس 2015 عمليات برية وجوية وبحرية ضد معاقل جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بهدف إعادته لحكم كافة أرجاء البلاد.
وأنشأت الإمارات عدة قوات وتشكيلات عسكرية وأمنية يمنية خصوصاً في المحافظات الجنوبية ودربتها وأشرفت على تجهيزاتها وتعمل تحت إمرتها تقدر بآلاف الجنود في إطار إستراتيجية لمواجهة الحوثيين من جهة ومحاربة التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، حد زعم الإمارات.
استمرار إغلاق "كالتكس"
وفي دوار "كالكتس"، أكد محمد عوض اليزيدي أحد أولياء دم المجني عليه استمراره والمسلحين في إغلاق الدوار حتى الاستجابة لمطالبهم المتمثلة بضبط المتهمين بقضية مقتل ولدهم.
وقال اليزيدي في بيان مساء اليوم الخميس، إنهم تفاجئوا بالإفراج عن المتهم الأول في القضية و٣ آخرين، مشيرا إلى أن وزير الداخلية احمد الميسري تهرب من الجلوس معهم، ومنذ الاعتصام يوم أمس لم يتواصل أحد معهم حتى اللحظة.
وتداول ناشطون صوراً يظهر فيها إغلاق طريق الجسر البحري الرئيسي ما تسبب بفوضى مرورية كبيرة منذ مساء الأربعاء وحتى الآن.
ووجه المسلحون رسائلهم للتحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي وكذا للرئيس عبدربه منصور هادي، في واقعة هي الأولى من نوعها في عدن التي تزايد فيها مظاهر القبلية والفوضى مؤخراً.
استياء وغضب عارم
وندد واستنكر نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي وسكان عدن من التصرفات غير القانونية وسط صمت مخزي ومعيب من السلطات الحكومية والأمنية التي لم تحرك ساكنا لفتح الطريق الرئيسي.
ويرى هؤلاء أن مطالب قبائل يافع وأسرة القتيل، حق ومشروعة، لكن الوسائل والأساليب المتخذة لتوصيلها في مدينة عدن تخالف الإرث الثقافي والاجتماعي في مدنية عدن وعادات وتقاليد أهلها وتضر بمصالح الكثير من البسطاء.
كما نددوا ومعهم نخب سياسية واجتماعية وإعلامية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي استخدام مدرعات وأطقم عسكرية إماراتية لإغلاق خطوط رئيسية وهامة في عدن.
واعتبروا هذه التصرفات، أعمال خارجة عن النظام والقانون، وما نتج عنها من ازدحام خانق في حركة المرور ضاعف من معاناة المواطنين، وأحدث حالة من الفوضى في شوارع عدن.
ودعوا الجهات والسلطات المختصة إلى تحمل مسئولياتها ووضع حد لهذه الممارسات، والعمل على إنهائها بشكل عاجل وفتح الطرق التي عملت تلك القوى على إغلاقها بشكل خارج عن النظام والقانون.
وأشاروا إلى أن صمت الدولة ممثلة بالرئيس هادي وحكومته المتواجدون في قصر معاشيق الرئاسي الواقع في رأس جبل يطل على البحر شرقي عدن وتقيم فيه الحكومة وتباشر مهامها منه، يثير علاما تعجب كبيرة.
وقال أحد المواطنين ينتابه الغضب العارم لمراسل "ديبريفر" في عدن: "إذا تم إغلاق جولة كالتكس الرئيسية التي تقع على مقربة من منزل وزير الداخلية وفي ظل تواجد الدولة من رئيسها إلى أصغر موظف، ولم يحركوا ساكنا لحل هذه المشكلة وفرض هيبة الدولة والضرب بيد من حديد من يعبث بالسكينة العامة والاستقرار في عدن، يعني أننا لا نعيش تحت مظلة دولة يحكمها القانون بل في غائبة تحكمها قوة السلاح والمليشيات والبلاطجة".
وأشار إلى أن "الناس صابرة على هذه الحكومة الفاشلة والفاسدة ورئيسها هادي الذي لم يثبت بأنه جدير بتحمل المسئولية، وخذل الشعب حيث أنه لم يكلف نفسه منذ عودته لعدن قبل شهر ونصف بالنزول الميداني للشارع لتلمس احتياجات وهموم المواطنين والعمل على تحسين الظروف المعيشية في المدينة".
لكن هذا المواطن ومعه جموع من الناس حذروا الحكومة من أن استمرار فشلها على كافة الأصعدة، سيقود إلى ثورة عارمة هذه المرة قد تمتد إلى قصر معاشيق نفسه.
وقالوا: "صبرنا نفذ، يكفي استهتار ولامبالاة بالناس ياحكومة الفنادق" حد وصفهم.
وأستغرب سكان ومواطنون في عدن مما يجري في مدينتهم الساحلية ذات درجات الحرارة المرتفعة التي باتت تعاني الأمرين مع عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى المدينة مؤخرا لأول مرة منذ عام ونصف.
وتعاني الأجهزة الأمنية في مدينة عدن جنوبي اليمن، انقسامات وتتبع أكثر من جهة، وشهدت المدينة أواخر يناير الفائت محاولة انقلاب عسكري فاشلة نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً للإطاحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
كما تعاني مدينة عدن ثاني كبرى مدن اليمن، منذ طرد الحوثيين منها أواخر يوليو 2015 وضعاً أمنياً غير مستقر مع تنامي نفوذ المسلحين بينهم مجموعات جهادية كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية إضافة إلى تردي الخدمات وتفاقمها على أكثر من صعيد رغم عودة الرئيس هادي وحكومته إليها قبل شهر ونصف.
وتصاعدت وتيرة عمليات الاغتيالات والتفجيرات في عدن خلال الآونة الأخيرة بصورة لافتة واستهدفت رجال أمن ومسئولين مدنيين وعسكريين وأئمة مساجد.