تحركات مكثفة لـ"غريفيث" للوصول إلى حل سياسي في اليمن: المهمة مستحيلة (تقرير خاص)

عدن (ديبريفر) - سامي الكاف
2018-08-03 | منذ 6 سنة

المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث

  يسعى المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، عبر تحركات مكثفة، إلى دفع الأطراف السياسية في البلاد للجلوس إلى طاولة مفاوضات للوصول إلى حل سياسي بهدف انهاء النزاع المسلح المستمر منذ مارس 2015م.

  وأعلن غريفيث أمس الخميس أن الأمم المتحدة تعتزم دعوة الأطراف المتحاربة في اليمن إلى جنيف في 6 سبتمبر القادم لبحث إطار عمل لمفاوضات سلام. وأضاف مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي أن "الحل سلمي لإنهاء الحرب في اليمن أمر متاح".

  لكن الصعوبات الماثلة على الأرض في اليمن تشير إلى أن الوصول إلى حل سياسي عادل لكل الأطراف السياسية لإنهاء الحرب في اليمن، أمر غير متاح في ظل إصرار كل طرف عل عدم تقديم تنازلات من شأنها أن تساهم في انجاح عملية المفاوضات، وتبدو عملية غريفيث في اليمن على أرض الواقع كمهمة مستحيلة.

  خلال الأسابيع الفائتة باشر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بسرية تامة، بالتعاون مع وزارة الخارجية البريطانية في الإعداد لاجتماع سياسي يمني من المفترض أنه سيعقد في لندن بمشاركة سياسيين مستقلين، قال مقربون من المكتب الأممي التابع لغريفيث، إنهم من مختلف التيارات والاتجاهات في اليمن، ويمكن أن يلعبوا دوراً في تهيئة الأرضية للمشاورات القادمة ويمارسون دوراً توفيقياً للتقريب بين وجهات النظر.

  غير أن معلومات حصلت عليها وكالة "ديبريفر" للأنباء تشير إلى أن عدداً منهم ليسو مستقلين حقيقيين وبعضهم كانوا وما زالوا يمثلون أطرافاً في المشهد السياسي، وتحاط عملية اختيار هؤلاء السياسيين المستقلين وعددهم 20 شخصاً بالكثير من الغموض وعدم معرفة الجهة أو الجهات التي تقف وراءهم، وهو ما جعل قيادات في التحالف العربي وفي الشرعية اليمنية تبدي انزعاجها من هذا الاجتماع وأهدافه وماهية المعايير والأسس التي بموجبها تم اختيارهم دوناً عن غيرهم.

  ومنذ 26 مارس 2015 تعيش اليمن حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله)، وقوات يمنية تابعة للحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن ضربات جوية وبرية وبحرية في مختلف جبهات القتال وعلى معاقل الحوثيين، تمكنت من خلالها استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات والمناطق شمال البلاد.

 وتقول الأمم المتحدة إن حوالي ثمانية ملايين يمني وصلوا إلى حافة المجاعة، وأدت الحرب إلى مقتل نحو 11 ألف شخص.

تقول الأمم المتحدة إن حوالي ثمانية ملايين يمني وصلوا إلى حافة المجاعة، وأدت الحرب إلى مقتل نحو 11 ألف شخص

  ووصفت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "ليز غراندي" الازمة في اليمن بانها الأسوأ في العالم ومن بين الأسوأ في العصر الحديث.

  وأوضحت المسؤولة الأممية أن "8.4 من اليمنيين يعانون الجوع الحاد، اذ يأكل غالبيتهم مرة واحدة كل يومين فيما تحصل عديد الاسر على وجبتين كل أسبوع".

 واعتبرت غراندي بحسب ما نشر على موقع الامم المتحدة ان الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأكبر في العالم، مؤكدة ان 75 % من المدنيين، يعتمدون بشكل اساسي على المساعدة الإنسانية والحماية. اذ لا توجد برأيها أي دولة أخرى في العالم يعتمد 75% من سكانها على المساعدة.

  وتفيد التقديرات بحسب منسقة الامم المتحدة في اليمن بأن الحرب إذا لم تتوقف بنهاية العام الحالي، فإن ذلك سيدفع عشرة ملايين آخرين من اليمنيين إلى نفس الوضع، أي أن 18 مليون شخص في اليمن سيعانون من الجوع الحاد.

  وتعاني مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد، من وضع أمني غير مستقر منذ "تحريرها" من الحوثيين في يوليو 2015م.

 وشهدت المدينة منذ ذلك الوقت حوادث اغتيالات طالت رجال دين و دعاة وعسكريين ومدنيين، كما طالت محافظها الأسبق جعفر محمد سعد وهو وضع محتقن ويسبب قلقاً لا ينتهي.

 وبدلاً من وجود قوة أمنية واحدة تفرض سلطتها على عدن وعلى كل المحافظات المحررة، برزت عدة قوى تنازع الحكومة الشرعية في اليمن في فرض سلطاتها على المدينة وباقي المناطق، وصارت هذه القوى تمتلك السلاح الثقيل والمتوسط، وتفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من عدن، وعلى عدة محافظات.

  ورفضت قيادة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المتواجدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مقابلة وفد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، خلال الأيام الفائتة، وأوكلت المهمة الى ثلاثة من أعضاء المجلس لمقابلة الوفد الأممي0

 وفي اللقاء أصر الثلاثة على عدم الاعتراف بكون المجلس الانتقالي الجنوبي مجرد مكون سياسي كغيره من المكونات السياسية في المشهد السياسي في جنوب اليمن، مؤكدين للفريق الأممي، وفق معلومات خاصة حصلت عليها وكالة "ديبريفر" للأنباء، أنه "إذا لن تتعاملوا معنا كممثل للشعب الجنوبي، فسنعمل على فرض الأمر واقعاً ملموساً على الأرض".

المجلس الانتقالي يقول للأمم المتحدة: إذا لن تتعاملوا معنا كممثل للشعب الجنوبي، فسنعمل على فرض الأمر واقعاً على الأرض

  وكان خطاب أحد القادة العسكريين للحزام الأمني بعدن ـ وهو قوة أنشأتها ومولتها دولة الإمارات العربية المتحدة ـ والذي ألقاه بتاريخ 15 يوليو 2018م في أحد المعسكرات في مديرية البريقة القريب من معسكر للتحالف العربي، أعاد عدن من جديد إلى واجهة المشهد السياسي المحتقن الذي يشير بوضوح إلى أن الوضع قابل للانفجار في أي وقت، وأن المدينة تغلي فوق صفيح ساخن سينفجر في وجه الجميع.

 وتعهد قائد اللواء الأول دعم وإسناد الذي يتبع ألوية الحزام الأمني، العميد منير محمود اليافعي المُكنّى بـ"أبو اليمامة"، في خطابه الذي أثار ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي وتناولته وسائل إعلام محلية، وحضرته قيادات عسكرية من التحالف العربي، وقيادات عسكرية وأمنية جنوبية بارزة، بـ"الانقضاض على العاصمة عدن والجنوب في الأيام القريبة والسيطرة على الأرض وإدارتها"، مُعيداً إلى الأذهان محاولة الانقلاب العسكري المسلح الفاشلة التي قامت بها مجاميع مسلحة تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً نهاية يناير الفائت للإطاحة بالحكومة الشرعية وأسفرت عن سقوط نحو 70 قتيل وعدد من الجرحى.

  وأكد أبو اليمامة: "أنا اقولها فليسمع من يسمع نحن نعد العدة من أجل السيطرة على الأرض وإدارتها، وليس حماية الفسدة والفاسقين والكروش الكبيرة، وإنما السيطرة على الأرض وإدارتها وطرد كل الفسدة وحكومة الذل والعار التي جُلبت إلينا".

 وعلمت وكالة "ديبريفر" للأنباء من مصدر خاص أن مارتن غريفيث "يسعى في ما يخص جنوب اليمن، إلى اتاحة الفرصة لكل الأطراف السياسية للمشاركة في العملية السياسية المحتملة وعدم احتكار التمثيل لمكون سياسي واحد على حساب بقية المكونات".

  وكان مارتن غريفيث صرّح في منتصف شهر أبريل الفائت أن مهمته في اليمن تحتم عليه أن تجعل جميع أطراف النزاع في اليمن يتخلون عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات ومنح فريق عمله إمكانية الوصول دون قيود ودون شروط إلى جميع أصحاب الشأن المعنيين. مؤكداً أن "التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني والتصدي للأزمة الإنسانية الجارية في البلد".

  وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عاد إلى عدن مساء 14 يونيو الفائت وما زال يدير شئون الدولة من قصر الرئاسة في منطقة معاشيق بكريتر وسط حراسة أمنية مشددة تحت إشراف قوة عسكرية سعودية إماراتية مشتركة، وأجزاء كبيرة من عدن تقع تحت قبضة عسكرية تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يطالب بالانفصال عن شمال البلاد.

  ومنذ عودة الرئيس هادي إلى عدن عادت حوادث الاغتيالات من جديد لتتصاعد مؤخراً بصورة لافتة للأنظار وتتصدر المشهد السياسي في المدينة واليمن بشكل عام.

 وكان فريق الخبراء من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المعني باليمن رفع تقريراً هاماً عن الأوضاع التي تمر بها اليمن التي تشهد حرباً مستمرة لأكثر من ثلاث سنوات و يعاني منها معظم الناس على نحو كارثي.

 وأكد التقرير الذي كتبه خمسة من الخبراء، في رسالة مؤرخة 26 كانون الثاني/ يناير2018 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من فريق الخبراء المعني باليمن والمكلف بموجب قرار مجلس الأمن 2342(2017) أن الدولة اليمنية لم يعد لها وجود، و أن "هناك دويلات متحاربة، وليس لدى أي من هذه الكيانات من الدعم السياسي أو القوة العسكرية، ما يمكنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر في ميدان القتال".

هناك دويلات متحاربة وليس لدى أي من هذه الكيانات من الدعم السياسي أو القوة العسكرية، ما يمكنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر

  وقال التقرير: "في الجنوب أُضعفت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي شكل مؤخراً ويدعو إلى إنشاء جنوب يمني مستقل. وهناك تحد أخر تواجهه الحكومة وهو وجود قوات تعمل بالوكالة، تسلحها وتمولها الدول الاعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في الميدان. ومما يزيد ديناميات المعركة تعقيداً وجود جماعات إرهابية، كتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وكلاهما يوجهان ضربات بصورة روتينية ضد أهداف حوثية وحكومية وأهداف تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية".

 


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet