الضوء الأصفر الأميركي للحرب في اليمن (ترجمة خاصة)

موقع
2018-08-04 | منذ 5 سنة

Story in English:https://debriefer.net/news-2248.html

ترجمة خاصة لـ"ديبريفر"

بقلم: دانيال بايمان

 تواصل الولايات المتحدة دعم المملكة العربية السعودية والحملة العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن حتى في الوقت الذي ينفجر فيه البلد، وينمو نفوذ إيران ويغرق حلفاء الولايات المتحدة في المستنقع. حسبت الولايات المتحدة أن دعم حلفائها لصالح منع التعدي الإيراني يقدم قيمة أكبر من تداعيات الأزمة الإنسانية. ولكن لا تزال  أحدث عملية على ميناء الحديدة توفر للولايات المتحدة فرصة للدفع بمفاوضات السلام.

  عندما بدأ التدخل السعودي والإماراتي عام 2015، لم توافق عليه إدارة أوباما بشكل كامل كما أنها لم تعارضه بقوة، واستقرت في النهاية في موافقة فاترة. في الوقت نفسه، انخرطت الولايات المتحدة في حربها الخاصة في اليمن، حيث كانت تتعقب إرهابيي الحادي عشر من سبتمبر.

  ففي عام 2002، قتلت الولايات المتحدة إرهابي القاعدة سالم سنان الحارثي، وهو مواطن يمني، في أول هجوم بطائرة بدون طيار خارج منطقة الحرب المحددة. استمرت جهود الولايات المتحدة بشكل متقارب في السنوات التي تلت ذلك. ومع ذلك، صعدت إدارة أوباما العمليات عندما حاول فرع القاعدة في اليمن، المعروف باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ونجح تقريبا في قصف طائرة فوق ديترويت في عام 2009.

  وفي عام 2011، أطلقت الولايات المتحدة أول ضربة (وهي الوحيدة) بطائرة بدون طيار استهدفت عمداً مواطن أمريكي، أنور العولقي، الذي كان يعمل خارج اليمن. واليوم، تعمل قوات العمليات الخاصة الأمريكية مع الإمارات لاستهداف مقاتلي القاعدة والدولة الإسلامية في اليمن، كما تقوم أيضاً بتنفيذ هجمات بطائرات بدون طيار. وبصورة تقليدية، بدأت في مساعدة المملكة العربية السعودية على تحديد مواقع قواعد الصواريخ الحوثية.

  وفي ظل حكم أوباما، اتبعت الولايات المتحدة سياسة مربكة في اليمن، في محاولة لتحقيق التوازن بين المخاوف الإنسانية، والإحساس بأن التدخل قد يفشل، والرغبة في إرضاء السعودية والإمارات العربية المتحدة. ينظر هؤلاء الحلفاء إلى اليمن على أنها قضية إقليمية رئيسية لأنهم قلقون بشأن النفوذ الإيراني هناك، ومن خلال تحمل تدخلهم، فإن الولايات المتحدة تقدم لهم خدمة في بلد ذي مصالح أمريكية متدنية تاريخياً.

 في الواقع، أثبت دعم الولايات المتحدة أنه حيوي لاستمرار التدخل العسكري، وأخذت الولايات المتحدة إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة، بتزويد التحالف بالمعلومات استخباراتية وإعادة تزويدها بالوقود إلى جانب دعم لوجستي آخر.

 ووصفت مجموعة الأزمات الدولية سياسة الولايات المتحدة في اليمن بأنها "ضوء أصفر" وهو مؤشر على ازدواجية الولايات المتحدة، التي تجاهلها الحلفاء بلا مبالاة، مدركين بأن الدعم الأمريكي سيظل قائماً.

  قبل مغادرته منصبه، أعطى أوباما السعوديين صفعة معنوية رمزية، حينما أوقف بيع القنابل الذكية إلى المملكة بسبب الحرب والأخطاء العسكرية السعودية المتكررة التي أدت إلى مقتل العديد من المدنيين اليمنيين. في النهاية، فشل دعم الحرب ومعارضتها على حد سواء وثبت أن ذلك الحل هو الذي جمع مساوئ حلين متعارضين، فقد أثار غضب الحلفاء في حين لم يفعل شيئا لوقف التدخل أو تحسين الوضع الإنساني في اليمن.

  بالنسبة لإدارة ترامب، فإن العلاقة مع السعودية مهمة على نحو خاص وسرعان ما رفع ترامب الحظر عن القنابل الذكية. على الرغم من أنه لا يهتم باليمن إلا أن ترامب استجاب بشكل إيجابي للجهود السعودية والإماراتية للتودد إليه والموافقة على رؤيتهم المتعلقة باليمن. ولاحظ أن العلاقات السعودية-الأمريكية كانت "متوترة للغاية" في عهد أوباما، وقادة المملكة العربية السعودية هم من بين عدد قليل من الأجانب الذين يعجبون ترامب.

 ومع ذلك، كانت أول عملية عسكرية لإدارة ترامب في اليمن غارة فاشلة من قبل قوات العمليات الخاصة على الإرهابيين في قرية يمنية وأدت إلى مقتل أحد أفراد قوات البحرية الأمريكية، ووفقا لسكان القرية، قتل حوالي 25 مدنيا من بينهم تسعة أطفال ولم تكن تلك بداية مبشرة. في النهاية، لم تنحرف إدارة ترامب كثيراً عن أوباما، حيث رفضت مؤخراً طلباً للانضمام إلى الهجوم الحالي الذي تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة على ميناء الحديدة الاستراتيجي غربي اليمن.

  ومن المرجح أن تدفع عملية الحديدة الوضع الإنساني لليمن من مرحلة الكابوس إلى ماهو أسوأ، بسبب القتال والإبطاء المحتمل (أو غير الموجود) لإعادة الإعمار بعد الصراع. الملايين من اليمنيين حياتهم مهددة بالخطر، وحتى الإمدادات المؤقتة والمتقطعة بالمواد الغذائية مهددة بالانقطاع التام. أما الحوثيون، الذين يعذبون المعارضين السياسيين، غير مبالين ببؤس العديد من اليمنيين، لديهم حافز لممارسة الضغط على أعدائهم. ووعدت دولة الإمارات العربية المتحدة بمعالجة الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بها عملياتها العسكرية، التي تمضي بها قدما. يجب على الجهات الفاعلة الدولية الضغط على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية للاستفادة من هذا العرض.

  يجب على الولايات المتحدة التخلي عن سياسة "الضوء الأصفر" في اليمن لصالح سياسة "الضوء الأحمر"، إذ تقع حصيلة التكاليف والفوائد المترتبة على دعم التدخل السعودي والإماراتي في فئة التكاليف. نهج الحلفاء هو هزيمة ذاتية. إيران أقوى في اليمن مما كانت عليه قبل التدخل في عام 2015. وقد استغل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في بعض الأحيان، الفوضى للتوسع وما زال التنظيم قوي رغم الجهود الإماراتية والأمريكية لمحاربته. أنفقت الإمارات والمملكة العربية السعودية عشرات المليارات من الدولارات على هذه الحرب. لكن الكثير من اليمنيين يكرهونهما الآن بسبب الدمار الذي ألحقته الحرب، وحتى لو تحقق لهما النصر في الحديدة، ستستمر الحرب.

  سياسة "الضوء الأصفر" لا تُجنب تواطؤ الولايات المتحدة في الكارثة الإنسانية في اليمن. على الرغم من أن إدارة ترامب لا تهتم بالأزمات الإنسانية، وخاصة في الشرق الأوسط، فإن الدعم اللوجستي والإمريكي للولايات المتحدة للتدخل السعودي والإماراتي يربط بين سمعة الولايات المتحدة وأفعالها. على الرغم من زعم قادة الولايات المتحدة أننا لسنا في حالة حرب في اليمن، وعلى الرغم من أن هذا التدخل الأمريكي لا يعلم به سوى القليل من الأميركيين، إلا أن دعم الولايات المتحدة مكّن من التدخل. وكما لاحظ السيناتور مايك لي (من ولاية يوتا) "إنه لأمر يفوق الخيال، ويفوق توقع أن تصل اللغة الإنجليزية إلى ما بعد نقطة التوقف، تصديق أن الجيش الأمريكي لا يشارك في الأعمال العدائية في اليمن".

  علاوة على ذلك، فإن سياسة "الضوء الأصفر" - إلى جانب موافقة إدارة ترامب القوي- تمكن السعودية والإمارات من اتخاذ خطوات مدمرة، وهي موزعة بين دعمه البلاغي القوي بشكل عام والقنوات الخلفية الواسعة مع هؤلاء القادة، ووقوفه بجانبهم في نزاعهم مع قطر وانسحابه من الصفقة الإيرانية. معاً، ينظر السعوديون والإماراتيون إلى هذه الإيماءات على أنها مؤشرات على أنه لا يهتم باليمن وسيتبع خطتهم في المنطقة.

  ومن المفارقات أن ترامب قد يحتاج إلى السعوديين والإماراتيين أقل مما فعله أوباما. اعتمد أوباما على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للعب دور في التحالف ضد الدولة الإسلامية، لكن التحالف انتصر باطراد منذ عام 2015 ودفن الخلافة تحت الأرض. وبشكل تقليدي، يحتاج ترامب إلى السعوديين والإماراتيين في خططه للسلام في الشرق الأوسط، لكن الخطط غير واقعية وغير مقلقة إلى حد كبير، وتفتقر إلى الموافقة من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. حتى قي ما يتعلق باليمن، تمتلك الولايات المتحدة نفوذاً هائلاً على حلفائها ولكنها لا تريد أن تستخدمه. وكما يقول ألكس دي وال، باحث وخبير المساعدات، "عمليات التزويد بالوقود أثناء الطيران ووجود مستشارين أمريكيين ومبيعات الأسلحة، كل تلك من شأنها أن تكون وسائل للولايات المتحدة كي تمارس الضغط على حلفائها".

  عملية الحديدة توفر فرصة لتجديد المفاوضات، وعلى الأرجح إدارة ترامب لن تستغلها. فشلت المفاوضات لإنهاء الحرب مراراً وتكراراً بسبب تعدد الجماعات التي تقاتل في النزاع، مما عقد من عملية إجبار الأطراف على الجلوس على طاولة المفاوضات فهناك العديد من الانقسامات داخلها  والقوى الأجنبية تفقد السيطرة على العديد من وكلاءها، ومع ذلك، فإن تعزيز السلام لا يزال جديرا بالنظر إلى الوضع الخطير في اليمن.

 إذا أوقف حلفاء الولايات المتحدة حملتهم، فقد ينخفض نطاق وحجم العنف. علاوة على ذلك، إذا فازوا في الحديدة، يمكن لحلفاء الولايات المتحدة الدخول في مفاوضات مع ضمان الفوز، مما يمنحهم غطاءً سياسياً للحد من تدخلاتهم في الوقت الذي سيكون فيه خصومهم الحوثيين أكثر رغبة في التوصل إلى اتفاق. يجب أن تدعم الولايات المتحدة جهود مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، وترحب بجهود الوساطة الجديدة، ربما من دولة مثل عُمان التي يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً. ما زال أمام اليمن طريق طويل للوصول إلى السلام والاستقرار، لكن على الأقل سوف يسير في الاتجاه الصحيح.


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet