Story in English:https://debriefer.net/news-2319.html
تستعد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة بتحالف تقوده السعودية والإمارات، لتنفيذ عملية اقتحام مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن والسيطرة عليها، خلال الساعات القادمة وفقا لمصادر رسمية.
وأكد مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، أحمد عوض بن مبارك أن حكومة بلاده "لن تتراجع و باستخدام كافة الوسائل عن تحرير محافظة الحديدة، ولن تقبل مساومتها هي أو غيرها من مناطق اليمن".
وقال بن مبارك في كلمة اليمن أمام المجلس خلال جلسته المنعقدة الخميس: "ستتحمل ميليشيات الحوثي وحدها المسؤولية الكاملة عن كل ما يترتب عن عدم انسحابها من محافظة الحديدة، وكل ما تقوم به مِن حفر الخنادق واحتجاز المواطنين واستخدامهم كدروع بشرية وتخريب البنية التحتية وتعطيل أنظمة الصرف الصحي".
وأضاف: "لم ولن يقبل اليمنيون إقامة نموذج لدولة الفقيه في اليمن أسوة بما هو حاصل في إيران حتى لو كلفهم الأمر مواجهة هذه الحرب منفردين".
وتابع بن مبارك: "إن السلام لن يتحقق عبر دعم جهود المبعوث الأممي الرامية لبدء الحوار فقط دون ممارسة المزيد من الضغط السياسي على ميليشيات الحوثي الانقلابية وبرسائل واضحة لا تقبل اللبس"، حد تعبيره.
وأوضح أن "أي مشاورات لا تستند على إنهاء الانقلاب وتطبيق القرارات الدولية، وتمكين السلطة الشرعية من مزاولة مهامها تجاه كافة أبناء اليمن وفي كافة المناطق وبما يقود للعودة للعملية السياسية التي توقفت بفعل الانقلاب، هي مجرد نقاشات ستعمل على تعقيد المشهد، وستفرغ مشاورات السلام من أهدافها الحقيقية".
وشدد على أن أي خيار للسلام لابد وأن يحترم صلاحيات الحكومة الدستورية وشرعية أجهزتها، كونها صاحبة الحق في إدارة المؤسسات الحكومية والمحافظات اليمنية دون استثناء وفقاً للقانون.. مشيراً إلى أن سر نجاح أي مشاورات قادمة لن يتحقق إلا بالتركيز على التخفيف من المعاناة في الجوانب الإنسانية، ثم تنفيذ الجوانب الأمنية والاتجاه بعدها نحو المسارات السياسية على التوالي.
وأكد أن خيار الحكومة اليمنية هو السلام الشامل والمستدام القائم على أساس المرجعيات الثلاث وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن وعلى وجه الخصوص القرار رقم 2216.
وقال مندوب اليمن، إن الحكومة اليمنية لن تسمح باستمرار مليشيات الحوثي السيطرة على مناطق إستراتيجية في اليمن تشن منها هجمات على خطوط الملاحة البحرية الدولية.
من جانبه أكد تحالف دعم الحكومة "الشرعية" في اليمن والذي تقوده السعودية والإمارات استمراره في عملياته العسكرية لتحرير مدينة وميناء الحديدة.
وقال المتحدث الرسمي باسم التحالف في مؤتمر صحفي، عقده أمس الجمعة في العاصمة السعودية الرياض، إن "قيادة القوات المشتركة تؤكد أنها ستستمر في عملياتها العسكرية لتحرير مدينة وميناء الحديدة وإعادة الأراضي اليمنية، وهو حق أصيل للحكومة اليمنية الشرعية في إعادة كافة الأراضي اليمنية وتحرير الساحل الغربي من اليمن لحفظ الأمن والاستقرار في جنوب البحر الأحمر وكذلك مساعدة الشعب اليمني".
تحذيرات دولية
وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف العربي، جماعة الحوثيين باستخدام ميناء الحديدة لتهريب الأسلحة والصواريخ الباليستية التي تأتيهم من إيران وتطلقها على السعودية، وهو ما تنفيه الجماعة وطهران.
وتحذر منظمات أممية وإنسانية ودول كبرى من حدوث كارثة إنسانية كبرى إن وصلت المعارك إلى المدينة ومينائها الرئيسي لليمن والذي تمر عبره أكثر من 70 % من واردات البلاد والمساعدات الإنسانية إلى المحتاجين فيها.
وتدعو هذه المنظمات والدول إلى وقف الهجوم على مدينة الحديدة ومينائها تجنباً لوقوع أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
تجهيزات عسكرية ضخمة للتحالف
يأتي تأكيد الحكومة اليمنية على إصرارها تحرير مدينة الحديدة وميناءها الإستراتيجي من قبضة قوات الحوثي المسيطرة عليهما منذ أواخر عام 2014، في وقت استكملت القوات اليمنية المشتركة بدعم وإسناد من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات تجهيزاتها العسكرية واللوجستية للبدء في شن هجوم هو الأكبر من نوعه في اليمن لاقتحام مدينة الحديدة.
وقالت مصادر عسكرية في جنوب اليمن، اليوم السبت، إن قوات العمالقة التابعة للمقاومة الجنوبية، بقيادة أبو زرعة المحرمي، استكملت تجهيزاتها القتالية في جبهة الساحل الغربي استعدادا لاقتحام مدينة الحديدة وقطع آخر شريان للحوثيين في البحر الأحمر، حد تعبيرها.
وذكرت المصادر أن تعزيزات عسكرية ضخمه من دول التحالف العربي وصلت إلى مشارف مدينة الحديدة قادمة من عدن، وتتضمن مئات الأطقم والمدرعات والدبابات والمعدات للمشاركة في تحرير شريط الساحل الغربي لليمن.
وأضافت المصادر أنه تم تجهيز قوة قوامها 12 لواء تابع لألوية العمالقة بكامل عتادها تمهيدا للبدء في شن عملية عسكرية واسعة لتحرير مدينة الحديدة والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في جبهة الساحل الغربي وتأمين المناطق.
وبدأت قوات يمنية مشتركة والتحالف العربي في 13 يونيو الماضي، عملية عسكرية واسعة هي الأكبر في اليمن بهدف انتزاع السيطرة على مدينة الحديدة الاستراتيجية الساحلية على البحر الأحمر غربي اليمن (260 كيلومتر غرب صنعاء) من أيدي جماعة الحوثيين.
غير أن تلك القوات لم تتمكن من اقتحام المدينة نتيجة المقاومة الشديدة لقوات الحوثيين ولجؤها إلى استخدام تكتيكات عسكرية تمثلت في قطع خطوط إمداد القوات المشتركة.
ونفذت قوات الحوثيين هجمات عديدة على الطريق الساحلي في الساحل الغربي لليمن الذي تستخدمه القوات المشتركة طريقاً لإمداد قواتها المتقدمة، وألحق الحوثيون بتلك القوات خسائر كبيرة، ما أجبرها (القوات المشتركة) على إيقاف عملياتها على مشارف الحديدة ومحاولة تأمين طرق الإمداد من خلال السيطرة على مناطق ومديريات في العمق بالاتجاه الشرقي للطريق الساحلي والتي يتخذها الحوثيون مراكز لمهاجمة القوات المشتركة.
وفي آخر التطورات بجبهات القتال في الساحل الغربي، تمكنت ألوية العمالقة من السيطرة على أجزاء واسعة من مركز مديرية الدريهمي جنوبي الحديدة بداية من المنتزه السياحي ومرورا بالمزارع المجاورة لمركز المديرية.
والقوات المشتركة اليمنية تم تشكيلها من ألوية العمالقة (تابعة للمقاومة الجنوبية)، وقوات طارق صالح (نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، والمقاومة التهامية، وجميعها مدعوم من الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية وينفذ منذ 26 مارس 2015 ضربات ضد جماعة الحوثيين بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الحكم في صنعاء.
حان وقت الاقتحام
في سياق متصل، أكد محافظ الحديدة المُعين من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الدكتور الحسن الطاهر، أن القوات المشتركة تستعد لتنفيذ خطة اقتحام المدينة في الساعات المقبلة بعد أن جددت خططها العسكرية وانتهت المهلة المتاحة لإيجاد حل سلمي، في حين رصدت المخابرات العسكرية واقع المدينة من انتشار عسكري لنحو 3 آلاف عنصر للحوثيين ومواقع الأسلحة الثقيلة، حد قوله.
وأشار الطاهر في تصريحات نقلته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، الجمعة، إلى أن الحكومة رفضت خلال الأيام الماضية وساطات عدد من أعيان تهامة دفعت بهم جماعة الحوثيين للتفاوض مع الحكومة بهدف وقف زحف الجيش الوطني، بعد أن فشلت المساعي الدولية في إقناع الحوثيين بالخروج من الحديدة دون مواجهات عسكرية مباشرة.
وقال "إن الميليشيات الحوثية عمدت لإرسال بعض الوجهاء، لمحاورة الحكومة والتوسط في وقف الزحف العسكري نحو المدينة، مقابل أن يبقى إشراف الميليشيات على المدينة ومينائها، دون وضع خطة واضحة المعالم لخروج المظاهر المسلحة للميليشيات الانقلابية من المدينة".
وأشار إلى أن الحكومة "الشرعية" رفضت هذه المساعي لأنها لا تخلص إلى صورة واضحة للمدينة، كما أن الحكومة تدرك أن كل هذه المساعي التي يقوم بها الحوثيون في الوقت الراهن هدفها كسب مزيد من الوقت، لترتيب وضعهم الداخلي الذي يعد في أسوأ حالاته مع تقدم الجيش الوطني على امتداد الساحل الغربي، والذي أربك الحوثيين عسكرياً، حد قوله.
وأكد محافظ الحديدة أن "ساعة اقتحام المدينة حان، وستكون المدينة خلال أيام قليلة محررة بالكامل بما في ذلك الميناء الذي يعد الشريان التي يعتمد عليه الحوثيين".
وأوضح أن "التأخر في التقدم نحو مركز المدينة، كان لأسباب سياسية إذ أعطت الحكومة الشرعية مساحة للسلام وللمساعي الدولية في إقناع الحوثيين للخروج من الحديدة دون مواجهات عسكرية مباشرة، إلا أن هذه الفئة الانقلابية لا تعرف السلام، وهذا انعكس بشكل إيجابي على الجيش في وضع استراتيجية جديدة مع انتشاره بشكل كامل في جميع اتجاهات المدينة".
تعزيز الموقف التفاوضي
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن عزم التحالف العربي والحكومة اليمنية "الشرعية" على انتزاع السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها من قبضة الحوثيين، يهدف إلى تعزيز الموقف التفاوضي لحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في المفاوضات التي دعا إليها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، بحيث تبدأ في 6 سبتمبر القادم في مدينة جنيف السويسرية.
وأشار هؤلاء المراقبين والمحللين إلى أن حكومة الرئيس هادي سيكون موقفها ضعيف في حال بدأت المفاوضات، ولم تتمكن من السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها.
وأكدوا أن الطرف الذي سيدخل المفاوضات والحديدة في قبضته سيكون الطرف الأقوى خلال المفاوضات التي ترمي إلى البحث عن حلول سياسية لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ زهاء ثلاث سنوات ونصف.
غريفيث يسعى لوقف الهجوم
وطلب المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي، أمس الأول الخميس، من أعضاء المجلس دعم جهوده لبدء المشاورات اليمنية في سبتمبر/أيلول، ودعم تهدئة الصراع في الحديدة، وإبقاء البحر الأحمر خارج الصراع، ودعم التدابير التي من شأنها إعادة الأمل لشعب اليمن.
وحدد المبعوث الأممي، يوم السادس من سبتمبر/ أيلول القادم موعداً لبدء مشاورات في مدينة جنيف السويسرية بين الأطراف اليمنية المتصارعة، وذلك بعد عامين على آخر محادثات جرت في الكويت.
ويسعى غريفيث إلى إيقاف الهجوم على مدينة الحديدة، فيما تحذر منظمات أممية وإنسانية من حدوث كارثة إنسانية كبرى إن وصلت المعارك إلى المدينة ومينائها الرئيسي لليمن والذي تمر عبره أكثر من 70 % من واردات البلاد والمساعدات الإنسانية إلى المحتاجين فيها.
وتقود السعودية تحالفا عسكريا ينفذ، منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإعادته إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ سبتمبر 2014.
وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات في مقتل نحو 11 ألف مدني يمني، وجرح مئات الآلاف، وتشريد ثلاثة ملايين داخل اليمن وفرار الآلاف خارج البلاد ، فيما تؤكد الأمم المتحدة حاجة أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، لمساعدات عاجلة.