صحفي وكاتب عربي: موقف كندا شجاع وردة الفعل السعودية غاضبة وغير موزونة

لندن (ديبريفر)
2018-08-09 | منذ 6 سنة

تصاعد الأزمة السعودية الكندية في ردود فعل سعودية مبالغ فيها

Story in English: https://debriefer.net/news-2407.html

وصف صحفي وكاتب عربي موقف كندا في المطالبة بإطلاق سراح الناشطين السعوديين المعتقلين بـ"الشجاع"، بينما نعت ردة الفعل السعودية عليه بالـ"غاضبة وغير موزونة".

 وقال الصحفي والكاتب المغربي علي أنوزلا في مقال بعنوان "شكراً كندا" نشرته العربي الجديد، الأربعاء: "موقف شجاع ذاك الذي عبرت عنه كندا، على لسان وزيرة خارجيتها وسفارتها في الرياض، عندما أعربت عن قلقها لاعتقال السلطات السعودية نشطاء حقوقيين، بينهم نساء، وطالبت بإطلاق سراحهم. فذنب كل هؤلاء النشطاء شجاعتهم في التعبير عن آرائهم، والدفاع عن حقوق باقي مواطنيهم ومواطناتهم المضطهدين في مملكة الخوف".

 وأضاف: "ليس الموقف الكندي جديدا، فقد سبق لعدة منظمات حقوقية دولية، ولوزارة الخارجية الأميركية، أن انتقدت وضع حقوق الإنسان في السعودية، خصوصا ما يتعلق بحرية التعبير وحرية المعتقد وحقوق المرأة، ووضعية الوافدين وغياب العدالة الجنائية. وفي السنوات الأخيرة، أضيفت إلى هذه التقارير الجرائم التي يرتكبها سلاح جو التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن".

واستغرب الكاتب من ردة الفعل السعودية المبالغ فيها بقوله: "الجديد الذي واكب الموقف الكندي هو ردة الفعل السعودية عليه، الغاضبة وغير الموزونة، والتي تجسدت في طرد السفير الكندي من الرياض، واستدعاء السفير السعودي من أوتاوا، وتجميد التعاملات الاستثمارية بين البلدين، ووقف المنح الدراسية للطلاب السعوديين في كندا، ووقف الرحلات الجوية السعودية إلى المدن الكندية".

وتابع: "وفي المقابل، جاء الرد الكندي دبلوماسيا وراقيا، عندما أعلنت وزيرة خارجية بلادها بأنها لن تتردّد في نشر القيم التي تدافع عنها".

وقال ممتدحاً الموقف الكندي:"كسرت الأزمة السعودية الكندية "التابو" الذي كانت تهاب الاقتراب منه معظم الدول الغربية"، منوهاً بتصريح الوزيرة الكندية التي أكدت أن بلادها "ستهبّ دائما لنصرة حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وحرية التعبير في جميع أنحاء العالم"، باعتبار ذلك ما ينص عليه الميثاق الكندي للحقوق والحريات، وهو بمثابة قانون وجزء من الدستور الكندي، بل، ويعتبر أسمى من الدستور الكندي، لأنه غير قابل للتعديل أو التحوير، ويتضمن مبادئ عامة، في مقدمتها الدفاع عن الحريات الأساسية التي يشترك فيها جميع الأفراد أينما كانوا، حد تعبيره.

 وتعجب "أنوزلا" من موقف السعودية من كندا بسبب تغريدة للخارجية الكندية بينما لم تحرك ساكناً أمام انتقادات أشد وجهت لها من الخارجية الأمريكية حيث قال: "في وقت سابق من السنة الجارية، نشر التقرير السنوي عن وضعية حقوق الإنسان في العالم، والذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية، وتضمن فصلا كاملا عن السعودية، انتقد حالة حقوق الإنسان فيها، وكشف عن الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها سلطاتها ضد نشطاء وأفراد من الأسرة المالكة. وذكر التقرير أن السلطات السعودية اعتقلت معارضين سياسيين، وقادة دينيين، بشكل تعسفي، ولم يُستثن من الاعتقالات حتى الأعضاء البارزون في العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى رجال أعمال مرموقين. وكل تلك الاعتقالات، قال تقرير الخارجية الأميركية، جرت خارج نطاق القانون، ولم توفر للمعتقلين أية محاكمات. وبالنسبة لأمراء ورجال الأعمال المفرج عنهم "أبرمت" معهم تسويات، ودائما نسبة إلى التقرير الأميركي الذي لم يكتف بانتقاد وضعية حقوق الإنسان في الداخل السعودي، وإنما أفرد جزءا منه، لانتقاد حرب السعودية في اليمن، وانتهاكها لحقوق المدنيين هناك".

وأضاف: "على الرغم من كل هذه الانتقادات الموثقة في تقرير رسمي، لم يصدر عن الرياض أي رد فعل تجاه واشنطن، ومضى حكام السعودية الجدد في إتمام إبرام "صفقة القرن" التي حصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بموجبها على أكثر من 450 مليار دولار، اعتبرها الأخير ثمنا لحمايته النظام السعودي!"

وأشاد بالموقف الكندي الذي لم يصمت حفاظاً على المصالح الإقتصادية مع السعودية موضحاً أن: "لكندا مصالح استثمارية مع السعودية، وتقدّر قيمة التعاملات التجارية بين البلدين بحوالى ثلاثة مليارات دولار، وهي في صالح كندا التي تعتبر السعودية ثاني شريك اقتصادي بالنسبة لها في الشرق الأوسط. وللتذكير، كندا تعطل، منذ وصول جاستين ترودو إلى رئاسة الوزراء، إتمام صفقة بيع أسلحة إلى السعودية بقيمة 12 مليار دولار أبرمت منذ عام 2014، بضغط من المنظمات الحقوقية الكندية، وهو ما دفع ترودو الذي أبرمت الصفقة في عهد رئيس الوزراء الذي سبقه إلى الالتزام بعدم إبرام أية صفقة مع دولٍ مماثلة في المستقبل".

وذكر أن مراقبون يتوقعون: "أن تكون هذه الأزمة مناسبةً لرئيس وزراء كندا الشاب، للتخلص من عبء هذه الصفقة التي لم تكن في الحقيقة سوى محاولة لشراء صمت كندا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان على المستوى العالمي".

 ويرى "أنوزلا" أن هذه الأزمة كشفت عن وجهين من النفاق:"نفاق السلطات السعودية التي تصمت عندما يأتي نقدها من السلطات الأميركية، وتصدر تصريحات مهينة لها، وأحيانا اتهامات مباشرة، أو مبطنة، لها بدعم الإرهاب، وعلى لسان الرئيس ترامب، ولا تحرّك الرياض ساكنا!. والنفاق الغربي الذي أبانت عنه عدة دول، وفي مقدمتها أميركا وبريطانيا وفرنسا التي تعتبر مهد الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وتصمت عن انتهاكات السلطات السعودية لحقوق الإنسان، ليس فقط داخل بلدها، وإنما في اليمن، وبسلاح تشتريه من تلك الدول الغربية".

 وأعتبر أن أهم ما حملته هذه الأزمة: "أنها ذكّرت العالم من جديد بالوضعية المزرية لحقوق الإنسان في السعودية، وبالانتهاكات التي تجري داخل "مملكة الخوف"، في غياب دستور أو قوانين تضمن الحقوق، وتحمي الأفراد، وتوفر لهم محاكمة عادلة".

   واختتم "أنوزلا" مقاله متسائلاً: "فهل ستكسر الجرأة الكندية الصمت الغربي عن الانتهاكات التي ترتكب في "مملكة الخوف"؟ سؤال جوابه متروكٌ للمقبل من الأيام".


لمتابعة أخبارنا على تويتر
@DebrieferNet

لمتابعة أخبارنا على قناة "ديبريفر" في التليجرام
https://telegram.me/DebrieferNet