تقرير (ديبريفر) - يخوض اليمنيون معركة ضارية ضد وباء كورونا المستجد، الذي بات القاتل الأشد فتكاً والأخطر على حياتهم، في بلد تتنوع طرق الموت، وتتضاءل فرص الحياة التي غدت أضيق من خرم إبرة.
معركة لاتبدو متكافئة بأي شكل من الأشكال،في ظل نقص حاد بالإمكانات الطبية وفي مقدمتها أجهزة التنفس الصناعي، إذ تؤكد تقارير رسمية بأن اليمن التي يقطنها نحو 30 مليون شخص لاتتوفر سوى على 500 جهاز، أي مايعادل جهاز تنفس لكل 60 ألف شخص.
6 سنوات من الحرب، كانت كفيلة بدمير البنية التحتية للمنظومة الصحية، ما أدى إلى تعرض أكثر من 25 مليون نسمة لخطر تفشي جائحة كورونا؛ الوباء الذي أنهك أكثر الأنظمة الصحية تطوراً بالعالم.
ووفقاً لوحدة الرصد باللجنة الطبية العليا لمواجهة فيروس كورونا، شهد شهر مارس ومطلع إبريل الحالي ذروة التفشي، من حيث عدد الإصابات وحالات الوفاة، بينما الأرقم ماتزال مرشحة للارتفاع في بلد يعاني من تدهور نظام الرعاية الصحية بشدة.
والأحد الماضي، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن في بيان رسمي أن "عدد حالات كوفيدـ19 المبلغ عنها خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة فقط، بلغ أكثر من ضعف عدد الحالات المسجلة خلال عام كامل، أي منذ تسجيل أول إصابة بالبلد في الربع الأول من 2020 وحتى فبراير الماضي.
وبالرغم من كسر عدد الاصابات المؤكدة لحاجز الـ100 حالة كمتوسط يومي، وإقتراب أعداد الوفيات الإجمالية من حاجز الألف، إلا أن تلك الأرقام الفعلية تفوق تلك المعلن عنها رسمياً بأضعاف كثيرة، حسبما يقول المختصون.
ويعزو مراقبون تلك الهوة الكبيرة بين البيانات الرسمية والأعداد الفعلية، إلى عدة أسباب، من ضمنها القدرة المحدودة للنظام الصحي،ومحدودية عدد الفحوصات وعدم الإبلاغ عن كثير من الحالات نتيجة رفض الكثيرين الذهاب للمستشفيات خوفاً من الإهمال الصحي والخدمة المتدنية، أو عدم قدرتهم على الوصول وتحمل نفقات التداوي.
لكن الشيء المفزع والخطير هو المعدل المرتفع في أعداد الوفيات مقارنة بعدد الإصابات المسجلة رسميا،والذي يعتبر الأعلى بين دول العالم.
حيث تؤكد التقارير الرسمية لمنظمة الصحة العالمية أن أكثر من 17% من المصابين بفيروس كورونا في اليمن يلقون حتفهم، وهي النسبة الأعلى عالمياً، بينما تفيد تقارير أخرى أن معدل الوفيات كورونا يصل إلى 29% من إجمالي الإصابات المسجلة، وهو أعلى بخمس مرات من المتوسط العالمي.
ما من أرقام دقيقة لضحايا فيروس كورونا في اليمن، غير أن بعض التوقعات تذهب للقول بأن الوفيات في عموم محافظات اليمن، بما في ذلك الواقعة تحت سلطة جماعة الحوثي، تصل إلى عشرات الآلاف.
وبمقاربة بسيطة، يؤكد الطبيب اليمني المقيم في ألمانيا، مروان الغفوري، تلك التوقعات.
ويرى الغفوري أنّ الرقم المسجل لوفيات الأطباء باليمن، يعطي مؤشراً عن مستوى تفشي الوباء والعدد الحقيقي للوفيات، جراء فيروس كورونا.
وقال، عبر صفحته الرسمية بفيسبوك، "سنلاحظ أن ّهناك معادلة ما للوفيات كالتالي: مقابل كلّ طبيب يفقد حياته بسبب كورونا، هناك ما بين 200 إلى 600 شخص عادي يفقدون حياتهم، وإذا وقفنا في الوسط، عند الرقم 400، فإنّ التوقعات تذهب إلى احتمال وفاة 36 ألف شخص بفيروس كورونا في اليمن".
ومؤخراً، شرعت السلطات المحلية في عدد من المحافظات الواقعة في نطاق نفوذ الحكومة الشرعية المعترف بها، تنفيذ إجراءات إحترازية أكثر حزماً وتشدداً، وسط تفش متسارع للوباء، وإرتفاع متزايد في أعداد الإصابات وحالة الوفاة. من ضمنها تنفيذ حملات أمنية لإخلاء أسواق القات ومنع التجمعات.
وكانت السلطة المحلية بمحافظة مأرب أعلنت عن حزمة تدابير إحترازية، بما في ذلك البدء بتنفيذ حظر التجوال، من 11 ليلا وحتى 11 ظهرا، على أن يبدأ سريانه رسميا في الأول من شهر رمضان.
في حين مايزال الغموض يكتنف حقيقة الأوضاع الصحية في العاصمة اليمنية صنعاء ذات الكثافة السكانية المرتفعة، في ظل تكتم جماعة الحوثي على إحصائيات الوباء كجزء من الاستراتيجة التي تنتهجها لمواجهة كورونا من خلال عدم إثارة الفزع في أوساط السكان المحليين.
غير أن منصات التواصل الإجتماعي التي تعج بعشرات المنشورات والتغريدات اليومية، قد تزيل بعض الضبابية التي تغطي المشهد بصنعاء، وذلك من خلال "التعازي" والأخبار حول وفاة العديد من الأشخاص يومياً، متأثرين بالفيروس، وفق ما يتداوله أهالي وأقارب الضحايا، على تلك المنصات.