تقرير (ديبريفر) - بدت الأخبار الخاصة بتبادل شامل للأسرى في اليمن بالتزامن مع قدوم شهر رمضان، منعشة لأسر مئات الأسرى في سجون أطراف الحرب اليمنية، لكن سياسيين وناشطين حقوقيين، شككوا في مصداقية المبادرة الحوثية بشأن الأسرى.
وكانت جماعة أنصار الله (الحوثيين) طرحت الإثنين الماضي، دعت الحكومة المعترف بها دولياً، إلى "تبادل شامل للأسرى بالتزامن مع قدوم شهر رمضان".
في اليوم التالي للدعوة الحوثية، أعلن رئيس الفريق الحكومي المعني بالأسرى والمختطفين، هادي هيج، "جاهزية الحكومة الكاملة للقيام بصفقة تبادل للأسرى والمختطفين الكل مقابل الكل بمناسبة قدوم شهر رمضان".
ذات التأكيدات جددتها جماعة الحوثي على لسان رئيس لجنة الأسرى التابعة لها، عبدالقادر المرتضى، الخميس الماضي، لكن المرتضى اتهم السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً في اليمن دعماً للحكومة المعترف بها دولياً، بإعاقة عملية تبادل كامل للأسرى بين أطراف الصراع المحلية، زاعماً أنها "تريد اتفاقاً يقتصر على الأسرى السعوديين".
وقال المرتضى في تصريحات لقناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة، إن الطرف الحكومي تلقى توجيهات سعودية صارمة بمنع عمليات التبادل المحلية منذ شهر مارس الماضي"، مضيفاً "ولم نستطع سوى تنفيذ بعض العمليات الفردية".
مؤكداً أن هناك" أكثر من 10 صفقات تشمل 700 أسير من الطرفين توقفت بالفعل".
مراقبون اعتبروا اتهام الحوثيين للسعودية بإعاقة عملية التبادل، مبرراً لتهرب الجماعة من التنفيذ الكامل، بحجة تدخل المملكة في "شأن يمني داخلي".
لكن آخرين، انتقدوا التدخل السعودي الإماراتي في مباحثات الأسرى خلال العامين الماضين، مشددين على أن تلك المباحثات يجب أن تبقى شأناً يمنياً، لأن التدخلات تشكل عائقا فعليا لملف الأسرى وبقية الملفات العالقة.
وسارعت رابطة أمهات المختطفين إلى الترحيب بدعوة الحوثيين لعلمية تبادل شاملة للأسرى مع الحكومة الشرعية التي بدورها، أكدت استعدادها وجهوزيتها لإتمام صفقة التبادل "الكل مقابل الكل".
وأعربت الرابطة عن أملها في رؤية ترجمة عملية وحقيقية تنهي معاناة المظلومين والمغيبين في السجون منذ أكثر من خمس سنوات، داعية الطرفين (الحكومي والحوثي) إلى البدء الفوري في عملية التبادل، حتى لا تظل التصريحات "كلام للاستهلاك الإعلامي وتبادل الاتهامات".
وأثنى مراقبون على دعوة التبادل الشامل للأسرى بالتزامن مع قدوم شهر رمضان، داعين إلى التعامل معها بإيجابية، مؤكدين إنها مهمة لبناء الثقة بين أطراف الصراع اليمنية، قد تسهم في إنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.
وتتهم الحكومة الشرعية، جماعة الحوثي، بإفشال مباحثات عمان الأخيرة الخاصة بملف الأسرى، وعزت ذلك إلى أن الجماعة كانت تراهن على "الحرب والقوة" لدخول مأرب شمال شرقي البلاد، وإخراج اسراها.
وتقول إن جماعة الحوثي تتعمد في كل مرة تحويل الملف الإنساني إلى ورقة سياسية وتستخدمه للمزايدات الإعلامية، معتبرة ذلك "موقف غير إنساني وغير أخلاقي".
وتشدد الحكومة على أن موقفها ثابت من لحظة البدء في هذه المباحثات، وهو التبادل وفق "الكل مقابل الكل"، لافتة إلى أنها انجزت صفقات تبادل محلية مع الحوثيين على هذا الأساس.
ما نوهت إليه الحكومة الشرعية، بشأن صفقات التبادل المحلية، اكدته جماعة الحوثي عقب فشل مفاوضات عمان، كما إن الجماعة حريصة دائماً على الإعلان عن أي صفقة تبادل للأسرى.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، أعلن في 21 فبراير الماضي، انتهاء جولة المفاوضات بين الحكومة الشرعية والحوثيين، في العاصمة الأردنية عمان، دون التوصل إلى اتفاق لتنفيذ الشق الثاني من اتفاق عمان الموقع بين الطرفين بشأن الأسرى منتصف فبراير العام الماضي.
وقال في بيان:" كان مخيباً للآمال، انتهاء جولة المحادثات دون الوصول لما يماثل النتيجة التاريخية للاجتماع الذي انعقد في سويسرا في سبتمبر الماضي الذي اسفر عن إطلاق سراح 1056 محتجزاً".
وحث المسؤول الأممي الطرفين الحكومي والحوثي على "الاستمرار في نقاشاتهما ومشاوراتهما وتنفيذ ما اتفقا عليه وتوسيع نطاق الترتيبات لإطلاق سراح مزيد من المحتجزين في القريب العاجل".
مشيراً إلى أنه "وبالرغم من عدم وصول الطرفين إلى اتفاق حول إطلاق سراح المزيد من المحتجزين خلال هذه الجولة من المحادثات، إلا أنهما أعلنا التزامهما بالاستمرار في مناقشة مُحَدِدات عملية مستقبلية موسَّعة لإطلاق سراح المحتجزين".
وكانت المرحلة الأولى من المفاوضات، نجحت في إنجاز أكبر صفقة لتبادل الأسرى منذ بدء الحرب في اليمن، والتي شملت الإفراج عن 1081 محتجزا وأسيرا في أكتوبر الماضي، برعاية الأمم المتحدة وتيسير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد مفاوضات بين الجانبين استمرت لأكثر من سنتين.